19_الدار أمان

324 26 0
                                    

مِسكِينٌ الإنسَان.

تارّةً يشعر بأنَّه خفِيف، أخفّ من أصغرِ رِيشة، ويودّ الطيرانِ من فرطِ خِفَّته؛ وتارةً يَشعر بِثقلِ الجِبال فوقَ رأسه!

شيءٌ صغير يجعله يُحلِّق عاليًا من خِفَّتهِ وسعَادته، وآخر يجعله يرتَطِم في الأرض رَطمًا، وتَسوّد في عينهِ الدُّنيا من ألمهِ وحُزنه..

جَميعنا نرجُو دائمًا شيئًا، نريد ظِلًا، خفّةً، وأمَانًا حتّى لا يعترِينا الخوف يومًا، أو تزورنا الوَحْشّة.

جلس يهز قدمه بتوتر بالغ بينما ولديه يجولان ذهابًا وإيابًا بالمنزل حتى يحاولان الوصول لصاحب الرقم ولكن كل محاولاتهم بأت بالفشل تحدث سعيد بما جال بخاطره الأن
"ممكن يكون حد بيحاول يخوفك أو من طرف شعبان يعنى اطمنَّا على ظافر ومفيش حاجة حصلت لحد فينا يبقا هو بيحاول يخوفك مش أكتر ولو فى حاجة حصلت كنّا عرفنا ولو هتحصل قدام فمسيرنا نعرف"

أيده أخيه بحديثه وهو يضع يده أعلى كتف والده كى يحاول أن يهدء قلقه المفرط على من حوله
"زى ما قال سعيد هما أكيد بيعملوا كدا فعلاً ويمكن بيفكروا إن العيار اللى ميصبش يدوش وهما عايزين يقلقوك مش أكتر محدش يقدر يعمل حاجة وصدقنى إحنا جمبك وإحنا مسنودين بيك فمتملش"

كلامهم كان كالماء الذى أطفأ لهيب قلقه عليهم يخشى أن يطعنه أحدهم فى ظهره فى من يحب يكفيه فقد من أحب إلى الأن
"خير بإذن الله خير، تعالوا نريح شوية فى البيت ولعله خير"

هز الإثنان رأسهما بطاعة ورحلوا ثلاثتهم بهدوء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"حزِنْتُ فلامَنِي مَن ليسَ يدري
كأنَّ القلبَ يحزنُ بِاختيَارِي!"

ربتت أخته أعلى كتفه بحنان ثم تشدقت بصوت هادئ
"خلاص خلصنا شغل يلا بينا"

أعاد هو رأسه للخلف ثم تحدث بنبرة حاول جعلها عادية
"أنا ندمان، ندمان على اختيارى ليها، أنا ازاى كنت شايف إنها بتحبنى رغم إن مفيش حاجة أثبتتلى دا أنا اللى غلطان وعلقت نفسى بحبال دايبة"

جلست أخته بجوار أرضًا ثم أمسكت كفه الكبيرة بين يديها الصغيرتين
"حاسه بيك وفاهمة أنت بتمرّ بإيه بس مفيش مانع إننا نجرب تجربة وتطلع فاشلة اللى بعدها هتكون أحسن هنتجب الأخطاء اللى وقعنا فيها بس عايزاك عشان خاطرى تمسح صورها من عنده وأنا هروح وافهمها أن اللى بتعمله غلط وهيرجع على سمعة العيلة وشرفنا ومتقلقش من حاجة"

وقف ثم سحب يدها لتقف بجوارها وإحتضنها كأنه يأخذ الأمان منها ثم تحدث بنبرة هادئة عكس ما يعتمر بصدره
"أنا فعلا عملت كدا وهعرف أجيب حقها بس مش دلوقتى كل حاجة بوقتها"

خرج من أحضانها ثم تحدث بنبرة لينة
"يلا بينا هنروح نجيب شوية حاجات زمان أمك قاعدة صاحية ومكلتش"

الغَوغَائى والمُثَقفة! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن