20- فكرة غريبة

21.8K 1.3K 28
                                    

كنت اغرق و كان الوقت يمر بطيئاً جداً و كأني لن أصل الى القعر ابداً . عندها شعرت بقبضة احكِمت حول جذعي ، ذراع دافئة بعكس الماء البارد ألتفت ذراع حولي و بدأت تسحبني نحو الأعلى عندها شعرت بالامان و آخر ما فكرته كان : احد ما أنقذني ! ثم أغمي عليّ
****
عندما فتحت عينيّ وجدت حولي وجوهاً غريبة تحدق نحوي لم أتعرف الا على مارك من بينها .ثم ادركت انني كنت في الحمام و داخل حوض مليء بالماء الساخن ثم تذكرت ما حدث .
عندها دخل بيتر و اقترب مني بغطاء صوفي ملفوف حوله بينما بدى شعره مبعثراً و مبللاً و وجهه مائل للأزرق . عندها علمت انه من أنقذني .
بيتر صرخ بي غاضباً " ما الذي كنتِ تفكرين فيه لتقفزي في النهر و انتِ حتى لا تستطيعين ..."
قاطعه والده يطلب منه الهدوء و الذهاب لاخذ حمام دافئ .
كنت غير مهتمة لغضبه فلم يكن ليفهم انني لم اقفز و إنما تم دفعي . و لانني كنت خائفة جداً من عودة تلك الوحوش المخيفة ، أمسكت ببيتر و لم اقل شيئاً بل و بصوت عالٍ غير أبهة بكل الناس الموجودين حولي انفجرت باكية.
****
بعد ان شعرت بالدفء و غيرت ملابسي بأخرى لا اعلم من أين أتوا بها . أخذني بيتر الى غرفتي في الفندق الذي أقيم فيه . في الطريق اخبرني ان الفتاة التي كانت بجانب مارك هي من رأته عندما قفز لانقاذي و أخبرت الجميع .لولاها كنّا سنكون قد متنا من شدة برودة المياه .
فكرت بما اخبرني بيتر " لقد انحرف اليخت فجأة بينما انا كنت في الحافة لذلك انزلقت ، أشكرك لانقاذي بيتر "
نظر نحوي بأحدى تلك النظرات التي كانت تجعلني اشعر بشيء جميل لم أعي ما كان ، ثم قال " اعتبري بأننا متساويان الان " ابتسمت له انا أيضاً ثم ودعته و ما ان وصلت غرفتي ارتميت على سريري و غصت في نوم عميق .
****
استيقظت و انا اشعر بالإرهاق كما لو ان جسدي تم سحقه بجدار وقع عليه . شعرت بالبرد بالرغم من تشغيل المدفئة و صداع مؤلم في رأسي .حاولت ان الف حولي الغطاء و انتظر الدفء دون جدوى . عندها فكرت ببيتر و اتصلت به . حين اجاب علمت من صوته بأنه كان في حال اسوأ من حالي .
انا " اوه بيتر ! يبدو انك مريض !"
بيتر باستهزاء " احدهم تسبب بذلك لي"
انا " حسناً اصمد مكانك انا اتية"
خرجت مسرعة و توجهت نحو شقة بيتر بعد ان اشتريت الأدوية و بعض أغلفة الحساء سريع التحضير .
نظرت الى بيتر الذي فتح لي الباب و استند الى احد جوانبه و هو يبدو كشبح خالٍ من الحياة .لقد كانت حالته سيئة و شعرت بالذنب الشديد . حاولت إقناعه ان نذهب الى المشفى لكنه رفض بعناد جعلني ادرك انه قرار نهائي .

لذلك جعلته يستلقي حتى أعددت الحساء و اقنعته بصبر ان يتناول الحساء و كان مزعجاً كالصغار و بالكاد تمكنت من جعله ينهيه ثم تناول الأدوية و عاد ليستلقي على فراشه و ينام بينما انا كنت اشعر كما لو انني قمت بتقطيع أخشاب أشجار غابة كاملة كنت منهكة لدرجة لم تسمح لي بشرب الدواء قبل ان انهار على الأريكة نائمة.
****
استيقظت و انا لا ازال اشعر بالتعب لم اعلم لكم من الوقت نمت و تفاجأت عندما علمت ان الساعة كانت الخامسة مساء بالفعل ! نظرت الى بيتر و وجدته لا يزال نائماً لذلك نهضت و أُكلت بعض الطعام و شربت الدواء ثم أيقظت بيتر ليأكل هو أيضاً .
بيتر متذمراً " لقد اتيتِ للاعتناء بي لكنكِ بقيتًِ نائمة طوال الوقت و الان تيقظيني و انا احتاج النوم.. انتِ سيئة جاين "
نظرت نحوه " بالطبع !ستكون فظاً و انت مريض ماذا توقعت غير ذلك!"
بيتر " اصمتي و اعتني بي جيداً فبسببكِ انا الان اصارع الموت ، هذا اقل شيء تقومين به " لقد كان نذلاً كعادته لكنه كان محقاً لو لم اكن مريضة انا أيضاً .
" مادمت تعلم ان حالتك سيئة لماذا لا نذهب للمشفى؟"
بيتر " انسِ الموضوع "
انا " ماذا عن الاتصال بمارك للاهتمام بك انا لا اشعر انني.."
قاطعني بيتر بصوت واهن" فقط اعتني بي حتى أشفى وانسِ بعدها انكِ مدينة لي بشأن ادعائي امام امكِ بأني شاذ"
لقد كان مصمماً على تعذيبي لكني بنفس الوقت اردت التخلص من وعدي له بأن افعل اي شيء لاجله مقابل كذبي عليها .
انا بتذمر " كيف بإمكانك ان تكون لئيماً حتى و انت مريض؟!!"
لكنه تجاهل تعليقي.
****
في تلك الليلة لم اتمكن من النوم ، فدرجة حرارة بيتر كانت مرتفعة و جسده كان كما لو انه يحترق . بقيت احاول خفضها بالكمادات الباردةبينما هو يغط في نوم غريب تتخلله الهلوسات . كنت خائفة و لا ادرِ كيف سأتصرف بعد ان حذرني من اخذه الى المشفى . عندما تأكدت من ان حرارته اصبحت طبيعية ،سهرت الى جانب سريره أتفقد الحمى ان عادت بين حين وآخر .
بالكاد طلع النهار و رأسي يكاد يقتلني من شدة الالم. الإرهاق و التعب كانا يستنزفان قدرتي على الحركة .
بصعوبة أعددت الافطار و جعلت بيتر يتناوله . و عن نفسي لم اتمكن من اكل اي شيء .كل ما اردته هو ان ينتهي بيتر من تناول الطعام و الذهاب للنوم حتى انام انا أيضاً . لاحظ بيتر تغيري فسألني ان كنت بخير فأخبرته انني مرهقة بسبب سهري . كنت اتعب من ان أتناقش معه مسألة ذهابه الى المشفى، فقط استلقيت على الأريكة الى جوار سريره و شعرت بتعب من لم ينم لقرون من الزمان ! غصت في نوم أشبه بالغيبوبة.
****
فتحت عينيّ لأرى نفسي في غرفة بيضاء و تلك الرائحة التي تميزها : رائحة مستشفيات !تساءلت لماذا انا في مستشفى؟ و فوراً انفتح باب الغرفة و دخل بيتر .
نظر إلي و ما ان ادرك اني مستيقظة حتى ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجهه. كان يبدو بصحة جيدة الان و أردت ان اعرف ما حدث .
ببتر " كيف تشعرين الان ؟"
كان الصداع لا يزال يؤلم رأسي لكنه كان خفيفاً أخبرت بيتر " انا بخير "
بيتر غاضباً " لقد جعلتني قلقاً. كيف لكِ ان تكوني مريضة و تدّعين عكس ذلك ؟ لماذا لم تخبريني ؟"
لم اعرف بما ارد لانني بالفعل أخبرته انني لم أكن بخير لكنه من كان مريضاً بحيث لم يستوعب الامر حقاً .
اخترت ان اغير الموضوع " لكم من الوقت نمت ؟ لم يكن عليك احضاري.."
بيتر "يومين .. لقد قضيتي يومين و انتِ نائمة ! لقد اتيت بكِ الى هنا بعد ان وجدتكِ و حرارتكِ مرتفعة .لم اعرف ماذا افعل . لقد اعتقدت انكِ مُتّي هل تعلمين مدى الخوف الذي عشته بينما انتِ نائمة؟!"
بدى بيتر متأثراً و شعرت بالذنب لاخافته .
انا " اعتذر لاقلاقك"
ابتسم بيتر " انها اول مرة اسمع احدهم يعتذر لكونه مريضاً"
بعد ان اطمأن الطبيب على حالي . غادرنا المشفى و شكرت بيتر لاهتمامه بي و انا عازمة على العودة الى غرفتي في الفندق لكن بيتر أمسك بيدي
انا " ماذا ؟"
بيتر " الى ابن ستذهبين نحن لم نأكل بعد "
حاولت إفلات يدي منه لكنه بدى مصمما ً" لن اقبل بـ لا كأجابة "
نظرت إليه و عينيه مرهقتين لذلك لم اجادله في الامر و مضيت معه الى احد المطاعم .
هناك جلست على احد المقاعد امام بيتر الذي لم يحرك عينيه عني . تساءلت لماذا كان يبدو بيتر مختلفا يومها ثم واتتني فكرة غريبة ( ما خطبه اليوم؟ ... هل يعقل ؟ ان بيتر معجب بي؟)

©ManarMohammed

مــن  انـت ؟ ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن