33-خيارات صعبة

17.9K 1.1K 28
                                    

فتحت عينيّ وانا اشعر بدوخة خفيفة زالت بمرور لحظات . نظرت حيث كان غيلبرت ينظر اليّ مبتسماً " مرحباً بكِ في منزلكِ"
انا غير مصدقة " كان هذا سريعاً!"
جلت بعينيّ المكان ، كنت أقف امام كوخ خشبي كبير يبدو دافئاً و مألوفاً.
فُتِح الباب و خرج كايل مبتسماً ليستقبلني . في تلك اللحظة شعرت بأني حققت هدف رحلتي التي استمرت اربع سنين بالفعل و انا أراه يسرع متجهاً نحوي متلهفاً، قلت لنفسي: هذا هو كايل الذي كنت ابحث عنه طوال الوقت .
كايل " مرحبا بك في منزلكِ!.. اخيرا بعد طول انتظار هأنتِ ذا ! " تقدم نحوي و احتضنني ، لم اكن مرتاحة لفعله و قد لاحظ ذلك بسرعة و بخجل ابتعد مبرراً " اعتذر لكِ لا زلت احاول ان اصدق انكِ لستِ جاين التي لم افترق عنها عمرا كاملا"
شعرت بالاسف تجاهه لانني لم اكن تلك جاين التي عرفها رغم امتلاكي نفس الوجه والجسد .
شتت انتباهي رغبتي بدراسة ما حولي ،
كان شعوراً غريباً .افكار كـ : كيف لهذا العالم ان يكون عادياً كما لو كان مكاناً اخر في عالمي ؟ هل يعقل اننا انتقلنا  الى عالم اخر حقاً ام اننا انتقلنا من مدينة الى مكان ناءٍ ؟! . ملأت عقلي
كنت مشوشة و لا اعلم كيف اتصرف عندما أخذني غيلبرت من عالم دهشتي بصوته الأجش " هيا جاين دعيني اخذك لغرفتكِ "
مشيت معه بهدوء وانا افكر (غرفتي..و منزلي.. انه يبدو مألوفاً لي لكنه ليس منزلي . و كايل يتصرف كما لو كنت جاين التي عرفها .. انا لست هي !)
اخبرني غيلبرت ان آخذ قسطاً من الراحة تاركاً إياي في غرفة جاين - الاخرى وليس انا !-و كنت فعلاً متعبة حيث لم انظر للوقت او آكل رغم جوعي .، لم ارد ان افكر بأي شيء او اي احد فقط استلقيت و نمت من فوري.
****

فتحت عينيّ بعد نوم طويل و عميق ، كنت لم احظّ بنوم هنيء مذ بدأت كوابيسي تصبح مخيفة و تحاول ايذائي ، لذا فقد كان مجرد الاستلقاء والشعور بالثقة انني كنت بأمان كافيا ليجعلني افضل حالا . نمت طويلا كمن يحاول التعويض عما فاته من سبات، و عندما استيقظت كان التعب قد زال و الخوف أيضاً و إحساس واحد تبقى وهو الالم .
كنت اشعر بالالم لفراقي بيتر بتلك الطريقة . حتى انني لم ادعه يخبرني بأنه يحبني .. لاني لم ارد ان يقولها لي ثم انا اضطر للرحيل ،تاركة اياه ببساطة . اردت ان اسمعها منه ثم أبقى معه للابد .
بعد ان استرحت لم أعد حتى مشوشة بشأن مشاعري نحو كايل فاليوم الاخير لي مع بيتر كان قد جعلني ارى كل شيء بوضوح . ذلك الشخص الذي يبقى بجوارك و لا يرحل .. و ان رحل يعود. ذلك الشخص الذي يتحملك بكل جنونك و يفعل اي شيء ليكون معك. يحميك من كل شيء حتى من نفسه . ذلك الشخص الذي سعادته هي أسعادي..،و كان هذا بالنسبة لي تعريف الحب الحقيقي.. ذلك الشخص كان من احب .. ذلك الشخص هو بيتر .
تنفست بعمق ثم نهضت بعزم مستعدة لأفعل اي شيء يجعلني اعود بشكل اسرع الى بيتر . لكني نظرت للساعة التي كانت لا تزال السادسة صباحاً و عرفت ان الوقت لا زال مبكراً و على الأرجح ان الاثنين لا يزالا نائمين.
كان قد وُضِع على الطاولة بجوار السرير بعض الطعام و ورقة مثنية بدأت حوافها تتشقق من كثرة استعمالها على الأرجح.
لم آبه لأمرها اولاً لان بطني كانت قد بدأت تعترض على الجوع و انا بكل سرور هجمت على الطعام و لم اتوقف حتى كنت قد شبعت الى حد التخمة.
قررت التجول في الغرفة و معرفة نفسي القديمة التي لم اكنها يوماً  .
لم اجد شيئاً خارجاً عن المألوف سوى ان الغرفة بدت كما لو ان أحداً لم يستخدمها ابداً .
بعدها تذكرت الورقة . قفزت اليها لافتحها بعناية و اقرأ:
\\
اعلم انه غباء .. و لكني احبه و مستعدة لعمل اي شيء لإخراجه  من العالم المظلم العالق فيه . داني ليس كما تقولون سيئاً لقد كان قبل ان تلاحقه قوى السحر شاباً لطيفاً و طيباً .. لقد كان حبي الاول . لكني لا استطيع الذهاب اليه . لاني اعلم انه لم يعد الشخص الذي احببت . ليس و قلبه معلق في يد قوى السحر الاسود . لن اذهب اليه لانه بعدها لن يتوقف ابداً عن غوصه في الظلام ليضيع للابد . مهما كلّف الامر لن ادعه يأخذني. ليس من اجلي بل من اجله، لذلك كايل ارجوك ، انه طلبي الاخير قم بالامر دون تردد .\\

ما استنتجته هو ان جاين احبت داني لكنها قررت ان لا تذهب اليه  و كانت تطلب من كايل فعل شيء .. ماذا كان طلبها؟ اثار ذلك فضولي و السؤال الأكثر الحاحا هو لمَ اراد كايل ان اقرأ رسالة جاين ؟
كانت الساعة السابعة تقريباً عندما خرجت من غرفتي لأجد كايل نائماً في الممر امام غرفتي و هو يلف جسده بغطاء صوفي و قد بدى كالمتشرد.
مشيت اليه و هززته ليستيقظ وانا اخبره عن سبب نومه في ذلك المكان .
لكنه استيقظ بهلع ما جعلني اخاف انا نفسي. بعد أن استوعب ما يجري لم يقل الكثير كان يبدو ظريفاً و هو محرج لذلك تركته وذهبت الى الحمام.

عند ما ذهبت لغرفة المعيشة كان غيلبرت يجلس مع كايل في انتظاري نظرت نحوهما باستغراب و سألت كايل" اخبرنى غيلبرت انك لم تتمكن من رؤيته فكيف بمقدورك الكلام معه الان ؟"
كايل" ربما لم يجد عم غيلبرت الوقت ليخبركِ انني تعلمت السحر خلال السنوات التي مضت .. بتعويذة صغيرة أصبح بمقدوري رؤيته"
نظرت إلى كايل اهز  رأسي  و انا أتساءل كم عانى بعد رحيل غيلبرت و داني اولاً ثم برحيل جاين .. انا !
جلست جوار الاثنين و انا اقول " اذن ما الخطة ؟ "
تكلم غيلبرت هذه المرة " ببساطة سنجعل داني يقع في الحفرة التي يحفرها."
نظرت نحوه اطلب تفسيراً . غيلبرت " داني لم يعد قادراً على العيش دون قوى الظلام.. أصبحت جزءاً منه و لابد انها ستبتلعه في النهاية كما فعلت بمن خدموها طوال العصور"
انا " الا يمكن انقاذه حقاً؟" لا أعلم لمَ شعرت بالحزن لاجله ربما لأن جاين -لا اعني  نفسي بل جاين ذلك العالم- احبته و تمنت انقاذه.
كايل" ليس هناك شيء مضمون النتائج.. قرأت مرة ان تضحية ما بإمكانها جلب روح سلبها عالم الظلام. فكرت في البدء انكِ إن قبلتي و ضحيتي بقدرتكِ مقابل القضاء على قدرة داني سيكون ذلك ممكناً .. لكن.."
انا " لكن ماذا؟"
كايل " قد يهدد  هذا حياتكِ لذلك لن نقوم بعمله"
انا " ماذا تقصد بتهديده لحياتي ؟ هل سأموت ؟"
صمت كايل و قد علت ملامحه  التردد و عندما سألته مجدداً تكلم قائلاً " أخبرني معلمي انه قد يضعك الأمر في نوم ابدي"

©ManarMohammed

مــن  انـت ؟ ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن