نظرت الى بيتر بعين الشك ، لم اكن آكل و إنما أراقبه بحذر، واحساس بالتشوش قد اعتراني مجددا. عندها تكلم " مالخطب؟ هل تشعرين بأنكِ لا زلتِ مريضة؟"
لحظتها تشجعت لاسأل" اريدك ان تخبرني بصراحة " توقفت لأنظر اليه يأكل و يهز رأسه لي موافقاً كي اتابع حديثي.
انا " هل يعقل انك تحبّني؟"
ما ان انهيت كلماتي كان بيتر متفاجئاً لدرجة انه اختنق بطعامه .
حدق في عينيّ لوقت طويل ، لماذا كان يأخذ كل ذلك الوقت ليجيب بينما الاجابة كانت ببساطة انا نعم او لا ؟
ثم بعدها تكلم بعدم اهتمام و كأن سؤالي لم يكن ليقتله اختناقا بطعامه قبل وهلة " اعلم انكِ سخيفة احياناً لكن ليس لهذه الدرجة ! انتِ تعلمين اني احب ماري مالذي جعلكِ تفترضين.."
قاطعته و قد شعرت بالاحراج من تفاهة الفكرة وقررت القيام بواجب الدفاع عن نفسي " طريقة نظرك إليَّ !"
بيتر مستغرباً " ماذا تقصدين ؟ !"
انا مؤشرة الى عينيه " لا اقصد هذه النظرات .. هناك .. احياناً أجدك تنظر إليَّ بطريقة تشعرني بالغرابة .."
ندمت على ذكري للامر ما ان انهيت كلامي و شعرت بالارتباك ثم واصلت بعد ان أبعدت تشوشي جانباً " على اي حال انا أحذرك ان لا تفعل فأنا لن أتخلى عن كايل لأجلك !"
بيتر ساخراً و شيء من الحقد في صوته " انتِ حقاً شيء لا يُصٓدق!.. اطمأني لن احبكِ ! "
انا بابتسامة على وجهي " سعيدة بأننا سوينا سوء الفهم، لكن توقف عن ارماق الآخرين بتلك النظرات بيتر فهم سيظنون بأنك منحرف" لم اقصد إهانته لكن الاوان كان قد فات .
بيتر " هل تحاولين افتعال شجار معي بدلاً من شكري لاني اخذتكِ الى المشفى عندما كنتي ستموتين من ارتفاع درجة حرارتكِ"
انا " هذا بسببك لانكِ جعلتني اعتني بك و انا مريضة"
بيتر " لو لم تقفزي كالحمقاء في الماء لما كنت أصبت بالبرد أساساً !"
انا " و لمٓ لحقت بي ؟ هل طلبت منك هذا ؟"
بيتر " لااااا.. انتِ حقاً ناكرة للمعروف لن أخوض مزيداً من العراك معكِ ، فقط دعيني آكل بسلام "
انا مبتسمة " انتصرت !"
بيتر متمتماً " مجنونة "
قلت له بابتسامة اكبر من سابقتها " هذه اخبار قديمة" نظر الي بلؤم لكني اخرجت لساني. فوجدته يضحك بخفة و هو يتابع تناول طعامه .
كان مزاج بيتر يتحسن او هكذا ظننت لانه كان قد بدأ يتجاوب مع استفزازي له و يهتم بما يحدث حوله عكس ما كان في السابق . ذلك جعلني اشعر بالامل .
بعد لحظات من الصمت اتصلت والدتي بي و كالعادة كانت تتأكد من انني ااكل و أنام جيداً و بقية النصائح المملة المعتادة . اغلقت الهاتف و نظرت الى بيتر الذي كان قد تغير مزاجه للحزن مجدداً .
انا " مابك الان ؟ لقد كنت بخير قبل لحظات!"
بيتر " لا شيء، فقط اشتاق لامي "
شعرت بالسوء لاجله و حاولت التخفيف عنه " هل كنت تعلم انها ليست امي الحقيقية ؟"
نظر باندهاش نحوي " حقاً؟.. الشبه بينكما .. كلاكما عنيفتين!"
انا متجاهلة إساءته " في الحقيقة لا اعلم شيئاً عن هوية والديّ الحقيقيين " استمع إلي بيتر باهتمام " اخبروني في الملجأ انهم وجدوني في ليلة شتوية مثلجة ابكي امام بابهم . الغريب انني كنت في التاسعة و مع ذلك و حتى الان لا اتذكر شيئاً عن حياتي قبل تلك اللحظة"
بيتر " واو .. انا لم أتوقع شيئاً كهذا ! لقد اعتقدت انكِ فتاة مدللة ..اشعر بالسوء "
انا بابتسامة مطمئنة " لا داعي لذلك ، انا عشت حياة سعيدة مع والدتي الحالية هي الام الحقيقية بالنسبة لي فقد اعتنت بي و غمرتني بالحب و السعادة لأكون الإنسانة الرائعة التي انا عليها الان ، ألا توافقني؟"
ابتسم بيتر مما جعلني اشعر بالفرح " نعم انتِ رغم المبالغات أصبحتِ فتاة صالحة "
انا " ماذا عن جميلة الا تراني جميلة؟"
بيتر بملل " حسناً جميلة أيضاً "
ضحكت و قلت " اعلم ذلك بالفعل "
فضحك بيتر أيضاً .قام بيتر بإيصالي الى غرفتي و في الطريق سألني " لقد أخبرتني ذات مرة انكِ لا تقضين اكثر من أسابيع قليلة في كل مكان تذهبينه ، هل هذه المدينة استثناء؟"
فقلت " انت تتذكر كل شيء ! .. كي لا اكذب ، هنالك مهمة تعهدت لنفسي ان أنجزها قبل ان أغادر " نظرت إليه بغموض و عندما نظر نحوي تصنع الخوف و هو يقول " لا اريد حتى ان اسأل ما هي ! انتِ مخيفة !" ضحكت على ما قاله و ارتحت لانه لم يضغط عليّ لأخبره في الاخير انه هو السبب . اردت ان يذهب الى ماري قبل ان اتمكن من مواصلة رحلتي فمعها كنت واثقة من انه لن يفكر بالاستسلام مجدداً و لن يحاول إنهاء حياته.
*****انقضى اسبوع من دون ان اسمع اي شيء عن بيتر و كان ذلك شيئاً لم اعتد عليه كنت قد اتصلت به في الليلة السابقة لكنه لم يكن يجيب . ولان الوقت كان متأخراً قررت ان اذهب لرؤيته و الاطمئنان عليه في الصباح التالي .
استيقظت و لا تزال الساعة العاشرة مساء على صوت هاتفي . أجبت و كان مارك شقيق بيتر . استغربت اتصاله و سألته عن بيتر لكنه لم يجبني . و أخبرني انه يريد لقائي لامر مهم في صباح اليوم التالي فوافقت.
كنت خائفة من ان شيئاً سيئاً حدث لبيتر و إنني لم استطع ايقافه و انه قد انتحر بالفعل . كل تلك الهواجس طاردت نومي بعيداً و لم اتمكن من النوم الا بعد ساعات طوال .
****ذهبت صباحاً لرؤية مارك سلمت عليه و جلسنا على احد المقاعد .كنت متوترة جداً و انا أريده ان يخبرني فوراً ما كان يحدث.
سألني " اعلم انكِ صديقة بيتر المقربة لذلك دعيني اسألكِ متى اخر مرة كنتِ معه؟"
انا بتوتر و استنفار " لماذا؟ هل حصل شيء ؟ هل اختفى؟"
اخبرني مارك ان اهدأ عندها ادركت انني كنت أفرط في قلقي و أخبرته بهدوء مصطنع عن اخر لقاء لنا .
مارك " لا اعلم من أين ابدأ.. ربما لم تعلمي هذا من قبل لكن كان لامي قبل وفاتها صديقة مقربة إليها : السيدة كارمين و كان لها ابنة صديقة لبيتر مُذ كانا في الروضة واسمها ليندا. في الثانوية كانا مقربين من بعضهما كثيراً و كان بيتر يخبر امي انه سيتزوجها عندما يكبر لذلك امي تكلمت مع كارمين و أصبح وعد بينهما ان يزوجاهما عندما ينهيان دراستهما الجامعية . لكن كما تعلمين والدتي توفيت و ظل الوعد قائماً بين والدي والسيدة كارمين و بصمت بيتر ظن الجميع بأنه موافق على الامر . " هززت رأسي اريد معرفة المزيد .
مارك " لهذا و كمفاجأة أعلن ابي عن خطوبة بيتر بليندا قبل اسبوع تقريباً . شعرت وقتها بأن بيتر كان رافضاً لكنه لم يستطع ان يجعل والدي يبدو كاذباً و مصدر سخرية للجميع لذلك التزم الصمت . و بعد تلك الليلة لم يذهب بيتر للعمل و هاتفه مغلق .يبدو بأنه اختفى لكني متأكد من انه في شقته و لا يريد ان يعلم احد بذلك . لذا فهو لا يفتح لي "
شعرت بالحزن لأجل بيتر و أردت ان اكون برفقته منذ تلك اللحظة العصيبة و ليس متأخرة هكذا..لذلك وقفت و انا عازمة على الذهاب اليه .
مارك " هل انتِ ذاهبة إليه ؟ "
انا " نعم يجب ان اكون معه "
مارك " أشكرك آنسة جاين . انتِ صديقته الوحيدة سأضع بيتر تحت رعايتكِ في الوقت الراهن الى ان يوافق على رؤيتي "
اومأت برأسي أطمئنه و انطلقت بسرعة خيالية نحو شقة بيتر .
قرعت الباب طويلاً دون جدوى لكني لم اكن لاتزحزح من مكاني .
صرخت " بيتر .. اعلم انك بالداخل و لن أتحرك حتى تفتح !" كنت اشعر بالغضب لان الدقائق كانت تمر بينما بدى ان بيتر لن يفتح و هناك بدأت اخاف!©ManarMohammed

أنت تقرأ
مــن انـت ؟ ( مكتملة )
Science Fictionتنطلق شابة في رحلة البحث عن من احبت .شخص لم تعرف عنه الكثير لكنها رغم ذلك لم تستطع ان تعيش بدونه ، في كل المدن وبلا كلل الى ان يستوقفها رجل غامض انتحاري ! عندها تتعقد خطتها البسيطة ، وتتوالى الاحداث.