34-حسرة

17.3K 1.1K 36
                                    

وماذا ان كان بمقدوري إنقاذ روح من الفناء و لم افعل؟ أسأستطيع العيش بعدها دون أن تتعذب روحي و يقتلني الشعور بالذنب ؟!)
ظل هذين السؤالين يترددان في داخلي كأغنية عالقة في الذهن ،صعب التخلص منها.
اخذت وقتي افكر بعد حواري ذلك الصباح مع غيلبرت و كايل. كان كايل شديد الغضب و حازم دون تراجع بأنه لن يدعني اقوم بأية حماقة و مع ذلك طلبت منهما ان يعطياني بعض الوقت لافكر.

كنت أشعر ببعض الأحاسيس الغريبة في ذلك العالم الجديد.. ربما كانت لجاين التي عاشت في ذلك العالم يوماً ما قبل ان تجعل كايل ينفذ طلبها الاخير ...
علمت ذلك القدر الصغير من كايل عندما كان في اوج غضبه يخبرني انه يشعر بالندم عندما ارغمته جاين على تغيير الماضي الذي جعلها لا تلتقي به أو بداني ابداً.كان واضحاً و هو يصرح بأنه لن يدعني اقوم بمزيد من التضحيات لاجل أحد.
تمعنت النظر في حياتي ، لم اكن قد أنجزت الكثير كنت قد قضيت معظم وقتي بحثاً عن كايل الذي شعرت دائماً ان مصيري مرتبط له.
ثم فكرت ( ربما هذا هو مصيري .. ان تنتهي حياتي هنا! .. لكني لا زلت أريد أن اعيش.. ان ارى بيتر مجدداً)
ثم انجرفت اتذكر الوقت الذي قضيته برفقة بيتر و وجدت نفسي اغرق في التفاصيل و تغمرني مشاعر متضاربة في الوقت ذاته.
بذلك القدر كان بيتر يؤثر بي و بات يسكنني دون أن ادرك حتى كيف حدث ذلك . تساءلت كيف يمكنني أن أشتاق إليه بذلك المقدار بينما لم ينقضِ وقت لذلك.. كيف يمكن لأي لحظة ليست معه ان تصبح خاوية و كيف لفراقه الذي لم يتجاوز اياماً قليلة،ان يجعل قلبي يعاني كما لو انني اترك جزءاً مني - لا بل كل ما فيّ - و أرحل؟
لأجل بيتر قررت أن اكون أنانية. ان أعيش مهما كلفني الأمر لأعود إليه مجدداً .و فكرت انه و لابد هناك حل اخر و لا خيار أمامي سوى أن أثق بكايل. و معاً سنجد حلاً .
شحذت همتي و قد زال عني الشك و بت اعرف ما اريد.
كنت سأساعد كايل و غيلبرت و اعود إلى بيتر في الوقت الذي وعدت.
كنت قد اتخذت قراري بأن أثق بكايل الذي علمت مقدار ما احبني- ليس انا جاين بل جاين الخاصة به-.
****

وقفت أمام الغابة التي بدت ليلاًمظلمة و مخيفة اكثر منها في النهار.
كنا قد قضينا اسبوعاً كاملاً استعداداً لتلك اللحظة. تنفست بعمق استجمع شجاعتي و انزع القلادة التي كانت تحميني و كما طلب مني كايل ناديت بأسم داني دون توقف رغم شعوري بمخلوقات السحر الاسود تتجمع حولي

رغم خوفي تابعت حديثي المخطط له سابقاً" داني ..اين انت حبيبي؟ لم استطع نسيانك و لو لثانية طوال احتجازهما لي في عالم اخر..لقد تمكنت من الفرار اخيراً لذا فلتظهر نفسك لي ..داني"
مرت لحظات من الصمت فناديت مجددا " داني.."
نطقت اسمه بصوت خافت كالهمس و انا افكر ان خطة الاثنين قد فشلت فداني لم يكن في اي مكان.
أردت أن اصرخ بكايل و غيلبرت ليخرجا من مخبأهما لكن
فجأة شعرت بذراعين قادمتين من خلفي تلتفان حولي و تجمدت خوفاً .
بسرعة أدركت انه كان المدعو داني و شعرت بقشعريرة و تقزز عندما وضع وجهه على عنقي يتنفسني بعمق و يقول هامساًبصوت اجش " حبيبتي جاين.. كنت أعلم انكِ لا تستطيعين العيش بدوني حتى و ان عملا على منع تلاقينا
منذ صغرنا كنت أعلم انكِ ستجدينني في قلبكِ في النهاية!"
حركت عينيّ نحوه لارى شابا وسيما بشعر فحمي كثيف و عينين واسعتين عميقتين ، انف مستقيم حاد وبشرة ثلجية البياض . كان جميلا كمخلوق خطير مصنوع بعناية.

كلمت نفسي بأن انتهي من الامر قبل ان اقع في شباك احدى تعاويذه.
ربتت على رأسه و شجعت نفسي في سري ثم قلت " نعم لقد فعلت،لقد جئت من اجلك.. داني سأفعل اي شيء لاجلك.. فقط استمع الى رجائي هذه المرة.. ارجوك اترك السحر الاسود .لأجلي و سأ.."
قاطعني ابتعاده عني بقوة .
نظرت إلى عيني داني اللتين تلبدتا بالسوادالمخيف لم يعد كما رأيته قبل لحظات وليس كما في الصورة التي عرضها عليّ غيلبرت قبل بضعة ايام.. لقد كان يبدو مستنزفاً من قبل الظلام كمالو انه اصبح لا شيء سوى شبح للسحر الاسود .كنت خائفة للحظات قليلة و هو ينظر اليّ بطريقة مرعبة .
ثم و يالهولي ،بدأ يتمتم بكلمات لغة مجهولة لأشعر بالهواء حولي يزداد برودة بشكل خارق للطبيعي..
بدأت عينيه تتوهجان بضوء خافت كما لو كان وحشاً .أردت الابتعاد عن ذلك المكان في اسرع وقت و الجري و الاختباء في مكان ما آمن بعيد عنه.
لكن فكرت إلى متى سأظل اهرب. كانت المواجهة مع مخاوفي شيء حتمي لاقهرها. لذا وضعت صورة بيتر في مخيلتي ليتلاشى خوفي كما لو انه لم يكن. قررت تجاهل كلمات داني اللا مفهومة و تابعت حديثي احاول انقاذه من نفسه كما تمنت جاين التي احبته.
انا " داني استمع إلي ..هناك طريقة اخرى.داني فقط فكر بنا ..انا و انت معاً ، لا نحتاج احدا سوى بعضنا .في كوخ صغير في مكان ما من هنا حيث نستطيع الشروع بحياة جديدة ."
توقف داني عما كان يقوله و استمع اليّ .علمت اني تمكنت من جذب انتباهه ، بشيء ربما كان يوماً حلمه مع جاين التي احبها و احبته. شعرت بالثقة و واصلت حديثي بينما داني اقترب ليحتضنني و تركته يفعل ذلك.
انا " بإمكاننا أن نكون اي شيء نريده .اذا توقفت فحسب عن ممارستك لتلك التعويذات المخيفة .و بدء حياة طبيعية فنعيش بسعادة-"
قاطعتني قوة مظلمة سرت بيننا و في طرفة عين كنت ارتفع عن الأرض و انا متشبثة بداني الذي بدى له الأمر اكثر من عادي.
نظرت الى الاسفل لأجد اشجارالغابة العملاقة في الاسفل بينما نحلق في السماءدون ان يمسك بنا شيء كما لو ان الجاذبية قد تجاهلت وجودنا!
شعرت بالرعب و الذعر .حاولت دون جدوى السيطرة على خوفي .لكني كنت ارتجف رغماً عني.
تكلم داني هذه المرة و هو يقول بنبرة من نفذ صبره " جايني..جايني..جايني...لقد تكلمنا في الأمر من قبل ..حبيبتي انا و ما أفعله اصبحنا شيئاً واحداً."
انا " لكن انا-"
قاطعني هامساً في أذني " اشششش.. لا تقلقي حبيبتي. لن ادع اي شيء يأخذكِ مني بعد الان . ما ان تهبي قلبكِ للظلام كما فعلت ستنسين كل رغباتكِ الطيبة السخيفة..هيا جايني لقد حان الوقت لتفعلي هذا لاجل حبيبكِ ليصبح اقوى رجل في كل العوالم-"
اجبته بعد ان شعرت بالخطر" عماذا تتحدث؟ انا لن أفعل!"
احسست بالخيانة ( لماذا لم يخبرني كايل او غيلبرت بما يحدث؟ هل تعمدا اخفاء الأمر عليّ؟مالذي سيحدث لي الان؟)
كلها أسئلة دارت في ذهني في أقل من ثانيتين و قاطعها صوت داني الجشع" بلى صغيرتي.. لن تدعيني احتاج لقلبكِ الصغير الذي يعشقني و لا تعطيني اياه!" تركني و قفز من تلك المسافة الشاهقة ليحط بسلاسة على الأرض و هو
يضحك بنبرة شر أرسلت البرد في شراييني..( يا إلهي ..انا في ورطة . اين ذهب كايل و غيلبرت بحق الجحيم؟؟!!)
سمعت كلمات داني ترتفع للسماء لتتلبد السماء بالغيوم و تدوي اصوات مخيفة لوحوش لم ارد ان اراها مجددا.
رأيت عندها طاقة مظلمة سوداء تتسلق جسدي كأفاعٍ عازمة على انهائي. حاولت التخلص منها لكنها كانت كالقيود تستنزفني اكثر كلما قاومت.
يئست لحظتها من قدوم كايل أو غيلبرت لانقاذي. و علمت أن الأوان قد فات .كنت سأموت و في قلبي حسرة ..لقد استخدماني طعماً ..ثم خذلاني حين تركاني للموت.بكيت بصمت و قد بدأت كل قواي تغادرني. و بدأت اودع الحياة.

©ManarMohammed

مــن  انـت ؟ ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن