نظرت الى غيلبرت الذي كانت تبدو المرارة بادية عليه و شعرت بالاسف تجاهه . بالرغم اني اردته ان يجيب على أسئلة كثيرة، كانت قد علقت في رأسي بعد ان قررت مسايرته و تصديق قصته، الا اني اكتفيت بالصمت بينما هو تنهد ثم اخبرني " سأخبركِ بالبقية لاحقاً "و اختفى بلمح البصر ، دون ان يترك لي فرصة كي اخبره ان لا يفعل!
شعرت بالاحباط و اخذت اصرخ و انا آمل انه يسمعني
" عد الان!! انت لم تجبني بعد..!"
لكنه كان قد اختفى بالفعل . شتمته بغضب و غادرت المكان.كان عليّ ان استخدم قطار الإنفاق في طريق عودتي .
وقفت انتظر وصوله عندما شعرت بذلك الخوف الذي يرافقني في احلامي.توقف امامي القطار و نزل الناس .كنت اريد الصعود الا انني لمحت شخصاً جعلني للحظة اتسمر في مكاني : - كايل- !
جريت بلا هدى ابحث عنه لكنه كان قد ضاع في زحمة المشاة في الشارع العام! شعرت بالدوار و ان عالمي ينهار عندما جذبتني يد الى الحياة مجدداً.
أمسك احدهم بذراعي فألتفت لأرى بيتر الذي لم يدع لي فرصة و احتضنني بقوة بحيث لم استطع التنفس، خلال ثانيتين غمرني شعور براحة غريبة و شعرت بأني اقوى.بيتر " هذا انتِ حقاً! هل افتقدتيني بهذه السرعة ؟!"
عندها انسحبت من حضنه و انا لا زلت افكر بكايل الذي كنت قد رأيته للتو .
بيتر " لماذا تبدين شاحبة هكذا؟"
أخبرته بعيون تُمسح المكان مرة اخيرة بيأس باحثة عن كايل" لقد رأيته قبل لحظات .. كايل .اقسم اني رأيته! لكنه اختفى قبل ان اتمكن من اللحاق به . بيتر ! ماذا افعل!"حوطني بيتر بذراعيه مطمئناً ان كل شيء سيكون بخير ، و أعادني الى غرفتي . سألني لمٓ لم أغادر فأخبرته كاذبة اني شعرت بالمرض فأجلت الرحلة.كنت شاردة الذهن و كأنني في عالم اخر و أحسست بالإرهاق و التعب و حاجة شديدة للنوم بعد ان كنت اتجنبه خشية الكوابيس.
بيتر رفض كلياً المغادرة و اخبرني انه سيعتني بي طالما لا اشعر بأني بخير .بعد ان وبخني لاني لم اتصل به و أخبره بمرضي.
نمت و انا اشعر بأمان لرؤيتي بيتر الى جانبي ، ينام على الأريكة كما لو كان بمقدوره مطاردة احلامي السيئة بعيداً .
كان كابوساً كالعادة رأيت فيه كايل مقيداً بسلاسل غليظة بكلتا يديه تثبته في الارض بينما هو راكع على الارض بإرهاق . نظر نحوي و اعتلى وجهه الخوف و هو يصرخ بي . كان يقول شيئاً لكني لم اتمكن من سماعه . عندما حلق نحوي وحشين مخيفين بسرعة أمسكا بي من كلتا يدي ّ.
عندها سمعت كايل يترجاني لاستيقظ. كنت اعلم انه كابوس لكني لم استطع الاستيقاظ .طارا الوحشين بي و بدأت اشعر بالهواء بارداً كما لو كان حقيقة . شعرت بالخوف فقد علمت ان تلك الوحوش ارادت ايذائي عندما اغلقت عينيّ ادعو الله ثم شعرت بارتطام جسمي بشيء صلب و مؤلم .
كنت قد استيقظت . في البداية لم ارى جيداً او ادرك ما حولي. لكن سريعاً شعرت بوزن ثقيل ملقي عليّ و ما ان علمت انه بيتر حتى انتفضت ادفعه بعيداً و انا لا ازال مشوشة و غاضبة " هل جننت بيتر ؟! مالذي كنت تحاول فعله ؟" نظرت حولي و إذا بي في شرفة غرفتي القابعة في الدور الثامن !
انا " و مالذي نفعله هنا في هذا البرد ؟ هل كنت تحاول رميي؟"
ضحك بسخرية بيتر " تقصدين انكِ انتِ من كنتي تحاولين قتل نفسكِ"
انا مصدومة و قد ظننت بأنه كان يحاول استغلالي بينما كنت نائمة " عماذا تتحدث ؟ انا خائبة الظن فيك بيتر لم أظن انك .."
بيتر مقاطعاً " توقفي قبل ان تتخيلي اي شيء. دعيني اتكلم "
أصغيت اليه بعد ان دخلنا و أغلقنا بابي الشرفة و عم الدفء المكان .
بيتر " استيقظتُ بسبب البرد و وجدت الشرفة مفتوحة ، كنت لا زلت نعساً و لم الاحظ اختفاءكِ . لذا نهضت لاغلاق مصدر الريح و توقف قلبي و تجمدت رعباً عندما وجدتكِ واقفة على إفريز الشرفة على وشك السقوط"
انا باستغراب غير مصدقة" عماذا تتحدث ؟.. انا "
بيتر " اقسم بحياة امي اني لا اكذب جاين! صرخت كثيراً اخبركِ ان تنزلي لكنكِ كنت كما لو انكِ فاقدة للوعي لم تكوني تسمعيني. و انا كنت مرعوباً لحد لا يوصف ولم افكر بأي طريقة سوى ما استخدمتيها معي في اول لقاء لنا على سطح المبنى : ان اقفز مفاجئا لكٍ و اوقعكِ أرضاً "
انا بعد ان نفى عقلي ان بيتر قد يعتزم فعل شيئاً سيئاً شكرته و بدأت اتساءل مالذي يحدث معي ؟
كنت اقف امام لغز خطير و مخيف يهددني .
عندما اخبرني بيتر ان لا اقلق و ان هناك الكثير من الناس تفعل اشياءً كثيرة عندما يكونون متوترين كالمشي و هم نائمين.
نهض واقفل بابي الشرفة بحزامه و هو يخبرني ان لا مزيد من القفز لتلك الليلة فأبتسمت على حس الدعابة لديه و اطمأنيت لوجوده معي لحمايتي.
نمت مجدداً على صوت بيتر و هو يقول " لا تقلقي جاين انا لن اترككِ ابداً بمفردكِ مجدداً "
و كنت حينها مرهقة بحيث لم اقوى على الكلام و لم ادرِ ما افكر او اقول او حتى اشعر .
*****
صباح اليوم التالي اخبرني بيتر انه يريد ان اذهب معه للقاء أخيه مارك و هو يقول ان لدى مارك اخباراً ستسعدني. فاتفقت معه و أخبرته اني سأكون هناك في الزمان و المكان الذي اخبرني .
غادر بيتر الى العمل بعد ان أقنعته بصعوبة ان ليس عليه اخذ اجازة من العمل فقط للاعتناء بي لاني لم اكن طفلة .****
انطلقت الى نفس المكان الذي رأيت فيه كايل و انتظرته في نفس الوقت آملة بأنه سيمر من نفس المحطة اذا كان يذهب الى العمل باستخدام قطار الإنفاق . انتظرت دون جدوى فكايل لم يكن له اثر .
عندها نظرت الى ساعتي و هلعت عندما ادركت انني تأخرت على موعدي مع بيتر .
أسرعت الى المطعم مدركة ان بيتر يكره الانتظار .وجدت بيتر يتحدث الى أخيه بهدوء فشعرت بالارتياح و تنفست الصعداء.
رآني مارك اولاً و أشار بيده لي . ابتسمت بينما اتجهت إليهم و سلمت عليه عندما تكلم بيتر يؤنبني " تأخرتي سبع و ثلاثون دقيقة!"
فقلت بحالة دفاع " الناس تتأخر رغماً عنهم بين الحين و الآخر بيتر "
نظر بغضب نحوي لما قلته و بادلته النظرات نفسها و لعدة لحظات . عندها مارك مد يديه امام وجهينا ليدمر مسابقة النظرات التي كنّا نلعبها و هو يقول " أنتما الاثنين توقفا ! تتصرفان كالأطفال . بيتر هل نسيت اننا هنا للاحتفال؟"
حينها اعتذر بيتر بينما سألت عن مناسبة الاحتفال فأخبرني مؤشراً الى علبة صغيرة فيها خاتم خطوبة .وعلمت انه يعتزم التقدم لخطبة إحداهن.
سألته عن قصتهما فأخبرني انه تعرف على حب حياته بفضلي انا و بيتر فهي كانت من رأت بيتر يقفز لانقاذي و انطلقت لاخبار مارك .
اخبرني ان اسمها سارة و انه يعتزم اخذها بعد لقاءنا الى مكان قد جهزه مسبقاً و سيطلب يدها للزواج هناك .
هنأته و شاركته سعادته متجاهلة وجود بيتر الذي كنت اشعر انه بدأ يشعر بالانزعاج بالفعل كطفل صغير يرفض ان تولي امه اهتماما بشخص غيره، كان ظريفاً عندما يتصرف بتلك الطريقة و كنت اجده محببا و لطيفا .بيتر " الا تتوقف عن الكلام ابداً يا اخي العزيز انا أشفق على سارة لا اعلم كيف ستتحملك؟!!"
مارك بابتسامة ساخرة " مثلما جاين تتحملك هذه هي إجابتي اخي الحبيب"
شعرت بالخجل لان مارك كان يتكلم كما لو كنت متزوجة بالفعل من بيتر.
جاءت فتاة من وراء مارك وغطت عينيه راقبناهما انا و بيتر بصمت . تعرف فوراً مارك على حبيبته .كانت سارة لطيفة و جميلة حيث لم احتج لكثير من الوقت لاعرف ذلك. استمتعنا بتناول الطعام معاً و تجاذب اطراف الحديث.
حين ذهبنا الى حمام النساء معاً، انا و سارة ، عندها أخبرتها" انا سعيدة بأن مارك وجد شخص مثلكِ .انتِ تجعلينه سعيداً و بإمكاني احساس الحب بينكما "
ابتسمت سارة ابتسامة ساحرة و شكرتني ثم فكرت قليلا و علقت " بإمكاني الشعور بشيء خاص و مميز بينكِ انتِ و بيتر ، بنفس العمق ان لم يكن اقوى من حبنا"© ManarMohammed
أنت تقرأ
مــن انـت ؟ ( مكتملة )
Ciencia Ficciónتنطلق شابة في رحلة البحث عن من احبت .شخص لم تعرف عنه الكثير لكنها رغم ذلك لم تستطع ان تعيش بدونه ، في كل المدن وبلا كلل الى ان يستوقفها رجل غامض انتحاري ! عندها تتعقد خطتها البسيطة ، وتتوالى الاحداث.