35-عودة

16K 1.1K 21
                                    

لم افكر من قبل مطلقاً ان لحظاتي الأخيرة ستكون بطيئة باردة و مخيفة لتلك الدرجة .لم يظهر غيلبرت.. لم يظهر كايل ..لم يأتِ أحد لنجدتي. كنت سأموت بتلك الطريقة القاسية و كأنني لم اعنِ شيئاً لأحد يوماً.

هكذا فكرت قبل ان يمر في بالي طيف بيتر .كان هو من يعني لي الكثير و أعني له كل شيء،كان ذلك واضحا طوال الوقت و كنت انكره.
تدافعت متزاحمة ذكرياتي مع بيتر حلوة و دافئة ليصبح موتي أقل مرارة.
و عدت لاتذكر ما حدث قبل يومين .تماماً في اليوم العاشر الذي وعدت بيتر ان اراه فيه.
لم اكن قد أنجزت مهمتي لأعود لبيتر ، لكن لأفي بوعدي كان يجب أن أذهب مهما كلفني الأمر.
غيلبرت الذي كان واضحاً بغضه مجهول السبب لبيتر استسلم في النهاية و أخبرني انه لن يعطيني اكثر من نصف ساعة للقاء بيتر .
لكني كنت سعيدة حتى بدقائق عشر او حتى دقيقة واحدة اراه فيها... كنت قد اشتقت إليه كثيراً لدرجة انني لم اكن اعد افكر الا فيه.كم هو غبي اننا لا ندرك عادة من نحب حتى نفقدهم. و كم كان غبائي حيث اني لم اخبره بمدى حبي له  سابقاً.
انتقلنا إلى عالمي حيث انتمي ..حيث يكون بيتر و انا. مصممة على أخباره هذه المرة بحقيقة مشاعري تجاهه.
فور وصولنا استغربت ان اجد نفسي و غيلبرت في المشفى و وسط حيرتي قبل أن أقول اي شيء. قال غيلبرت " انه هنا. فقط اذهبي إليه الوقت يمضي!"
انا في حيرة " لكن مالذي يفعله بيتر في المشفى؟" غيلبرت اختفى كعادته. فهو لا يكون موجوداً عندما احتاج لاجوبة.
تلفتُّ حولي و انا أشعر بالغضب فأين يفترض بي إيجاد بيتر في ذلك المشفى الكبير؟! لكن و يالحظي السعيد- او ربما تدبير غيلبرت!- رأيت شخصاً مألوفاً يقترب نحوي. مارك شقيق بيتر ، كان يبدو و كأنه يحترق غيضاً لرؤيتي دون أن أعلم مالسبب. تجاهلت الأمر و اتجهت مسرعة إليه.
و قبل أن أقول اي شيء صرخ في وجهي لاجفل كان انفعاله قدجعلني في حيرة من امري" كيف تجرؤين على المجيء بكل بساطة بعد ما فعلته بأخي..."
امسكت به سارة لتهدئته بينما احاول معرفة ما يجري. و أخبرته هامسة شيئاً ما لينصرف مارك و هو يرمقني بنظرات قاسية.
انا " ماذا حدث؟ هل بيتر بخير؟ ماذا فعلت ليكون مارك مستاء مني؟"
نظرت نحوي سارة بدهشة و استحقار ، وانا لازلت في دهشة من امري،لمٓ الجميع كان يعاملني بذلك السوء
تكلمت سارة " لا أصدق انكِ بعد أن هجرتيه كل هذه المدة و انتِ تعلمين مدى حبه لكِ..تأتين لتسألي بكل بساطة ما ذنبكِ! لقد علمتٍ طوال الوقت بمدى هشاشته فكيف لكٍ ان تكسريه هكذا دون ان يرف لكٍ جفن"
انا محاولة تصحيحها " انا لم اهجر بيتر عماذا تتحدثين؟ و أين بيتر الان ارجوكِ احتاج ان اراه فالوقت يداهمني!"

سارة و قد درست تفاعلاتي و لانت في صوتها و نظراتها تكلمت " لا أعلم مالذي يحدث بينكما لكن هلا اصلحتي الأمر! بيتر حاول الانتحار لانكِ تخليتي عنه فل-"
لم اسمع ما قالته بعدها فمن صدمتي لم أكن اقوى على الوقوف و انهرت ارضاً على ركبتي و دموعي تجري و انا ارتعد خوفاً " ارجوكِ سارة .. هو بخير ..اخبريني انه بخير!"
سارة و قد ساعدتني على النهوض مجدداً " لحسن الحظ لقد تمكن الأطباء من انقاذه .. تعالي معي سآخذكِ إليه. "
كنت ارتعش خائفة ،احمد الله سرا على انقاذه دون توقف. كنت كمن هو في حلم غير مصدقة لما يحدث حتى رأيت ساعة المشفى الضخمة التي أظهرت التاريخ و الوقت لاصعق مدركة انه بطريقة ما قد مر شهر و بضعة أيام بالفعل!!
لم ادرِ كيف حدث ذلك ..و كل ما اردته في تلك اللحظة هو ان ارى بيتر لاخبره بحقيقة ما حدث رغم اني لم أعلم كيف سأشرح له فجوة الوقت التي حدثت!
ما ان فتح باب الغرفة حتى عرفت ان ذلك غير ممكن. كان بيتر فاقداً للوعي و موصولاً بالانابيب. حطم قلبي ذلك المشهد و جريت نحوه احاول إيقاظه دون جدوى .بكيت دون توقف و انا اقبل جبينه اعتذر و أطلب منه العودة .شعرت برغبة في الموت عندما فكرت ماذا ان مات بيتر. اخذتني سارة للخارج لوهلة بعد ان رأتني منهارة نفسيا و لا اتوقف عن البكاء و الطلب من بيتر ان يستيقظ.
شرحت لي انه ليس في حالة خطيرة لكن الطبيب قرر ان يبقي على بيتر تحت تأثير المهدئات كي يأخذ قسطا من الراحة حتى يتعافى جسده .
عدت بعدها الى غرفته مجددا ، كنت اشعر بالذنب كوني السبب ،تسللت دمعة اخيرة ثم مسحتها و انا اذكر نفسي بأن الوقت ينفذ مني .اخذت ورقة و كتبت له :
[ إليك بيتر..
   لقد أتيت كما وعدتك لكني لا أعلم كيف وجدتك مستلقٍ هنا تصارع من أجل الحياة. يجب أن اعود لانهي ما بدأته ارجوك  عش جيداً و انتظرني. و ان كنت تحبني حقاً لا تفكر بالموت مطلقاً .انا لا استطيع العيش و انت قد قتلت نفسك بسببي، لذا لأجلي لا تستسلم ابداً مجدداً
                                                             جاين   ]
وضعت الورقة على الطاولة بجانب بيتر .لم اكن اريد ان اتركه و هو في تلك الحالة لكن كان غيلبرت كان واضحاً معي بأن وحوش السحر ستلاحقني و انا لم ارد لبيتر ان يتأذى اكثر بسببي .. ذرفت مزيداً من الدموع و انا اشعر بالعجز و الحزن العميق لمغادرتي ثم نهضت و طبعت قبلة على خده .
خرجت من الغرفة وانا كلي عزيمةعلى إنهاء شرور داني في اسرع وقت لأعود إلى بيتر و لا أغادر جواره ابداً بعدها.
وجدت غيلبرت في انتظاري فامسكت بيده و الألم يعتصرني لفراق بيتر لنعود إلى عالم جاين لاحسم الأمر  و شعرت بأني قادرة على التغلب على ذلك الساحر المجنون .

لكن و انا معلقة بين السماء والأرض..مقيدة بطاقة مظلمة تسحبني إلى مستنقع ذلك العالم الذي يشبه الجحيم ..بدوت ضعيفة و غير قادرة على فعل شيء ، ليس كما تخيلت.
بعد أن أدركت أنه ربما كل ذلك كان خطة من الجميع بمن فيهم كايل و غيلبرت لاكون قرباناً لداني كي يصل إلى غاياته الشريرة.
اغمضت عينيّ غاضبة و انا اوبخ نفسي لمَ وثقت بهما و انا لا اعرف عنهما شيئا حقاً. بدأت أشعر بأنفاسي الأخيرة تتسلل مني.
ثم قررت أن يكون آخر شيء افكر فيه ( بيتر) ..بدأت انجرف في الظلام المسالم و اللطيف..الذي أسموه الموت.
اعادني للواقع صرخة داني المستشيط غضباً " أيتها الخائنة!! "
نظرت للاسفل لأجد الأرض تنشق و يخرج منها اذرع كثيرة لوحش ما و تسحب داني معها إلى الاسفل. كنت خائفة بينما انا لا أعلم ما يجري بعد .
لم يحرك نظره عني و اخذ يتلو بنبرة مملؤة بالغيظ و الحقد تعويذة ما و يده متجهة نحوي.
قبل أن استوعب ما هي و ما كان يجري .. شعرت بكل شيء يدور حولي بسرعة كبيرة ثم شعرت بفرح غامر و انا ارى كايل يمسك بي لنحط على الأرض و ياللعجب كان الوقت نهاراً.
تكلمت و قد استعدت توازني بمساعدة كايل " حمداً لله ..لقد ظننت انكما تخليتما عني! "
قبل أن يجيب كنت قد ركلته و انا اقول " لماذا اخذت كل هذا الوقت لتأتي؟! لقد ظننت اني سأموت"
ابتسم كايل ابتسامته الساحرة و عبث بشعري مما زاد غضبي " لم تكوني من قبل بهذه الحماقة!هل ظننتِ ان بإمكاني ترككِ تموتين ؟"
نزعت يده عني و قلت " هل سافرنا بالزمن؟ ماذا حدث لداني؟"
كايل " نحن في المستقبل .. لقد اخذتكِ في الوقت المناسب كي لا تري نهايته البشعة ..داني دفع ثمن رغبته الجشعة في السيطرة على العالم."
انا " كيف ؟ هل ابتلعه ذلك الوحش "
كايل " ليس وحشاً انها قوى الظلام.. كان يشترط بالقربان ان يكون حباً حقيقياً لمن يقدمه. و لانكِ لم تحبي داني فقد نجوتي و اخذته الارواح الشريرة بدلاً عنكِ."
انا " هل حدث هذا من قبل لجاين؟"
كايل بحزن " لقد علمت بمخططه لذلك طلبت مني ان اعود بالزمن لاحرص ان لا تحب داني مجدداً"
عندها فقط فهمت فحوى رسالة جاين الاخيرة و ما كانت تقصده .
انا " اشكرك كايل ..لقد قمت بالكثي-"
قاطعني و هو يحاول أن يتهرب من دموعه  ليقول بنبرة مرحة" هيا بنا فلنعيدكِ إلى بيتر سريعاً لقد مللت منكِ!"
ابتسمت سعيدة و تتفست الصعداء بينما افكر : اخيراً انتهى الأمر !

©ManarMohammed

مــن  انـت ؟ ( مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن