٢٣..آسفة

3.4K 98 4
                                    

قطعت هزان الصمت الذي طال بينهما بقولها" خطيبتك جميلة و مميزة كوتش..لقد سرني كثيرا التعرف عليها" رمقها بنظرة باردة و قال" شكرا لك" صمت قليلا ثم أضاف" و أنت؟ لابد أنك سررت بالتعرف على باريش؟" هزت رأسها و أجابت" نعم..انه شخص محترم و لطيف..يكفي أنه صديقك المفضل" التفت إليها و سأل" و ما وضع علاقتكما؟ هل اتفقتما على شيء ما؟ لأن باريش يتكلم بشكل جدي للمرة الأولى في حياته" ابتسمت و قالت" أخبرني أنه معجب بي و يريد أن يتعرف علي أكثر" قال " و بماذا أجبته؟" نظرت مباشرة في عينيه و سألت" و هل تعنيك إجابتي؟ ثم لماذا تهتم لحياتي الخاصة؟" أجاب" لأنك ببساطة لاعبة في فريقي" ضحكت و هي تقول" و هل تعامل كل اللاعبات بنفس الإهتمام؟" ابتلع ريقه بصعوبة و قال" أعتذر ان كنت قد تجاوزت حدودي و تدخلت فيما لا يعنيني..كل ما في الأمر أنني رأيت حماس صديقي المفضل لعلاقتكما و هذا ما شجعني على السؤال..أعتذر من كل قلبي" تمنت أن تسمع منه إجابة أخرى..أن يطابق كلامه ما يدور في عقلها و ما يحاول قلبها اقناعها به..تمنت أن يكون خلف ذلك الإهتمام و تلك الأسئلة إعجاب خفي و غيرة مجنونة..لكنه خير الإختباء خلف شخصية المدرب المثالي و الذي لا يرضى لنفسه التورط في علاقة مع لاعبته..عاد الصمت يخيم عليهما..وجدا في الصمت و السكوت ملاذا لهما لكي يهرب كل واحد فيهما من أحاسيس مختلطة يعيشها للمرة الأولى..و بعد لحظات..أوقف ياغيز سيارته أمام منزل هزان التي قالت" شكرا كوتش على التوصيلة" هز رأسه و قال" العفو..أتمنى لك ليلة سعيدة" أجابت و هي تحاول فك حزام الأمان" تصبح على خير  كوتش" مالت هزان بجسمها و أخذت تجذب الحزام علها تنجح في فتحه لكن دون جدوى..نظر هو إلى وجهها الذي انعكس عليه ضوء السيارة الخافت و زاده جمالا..قالت بصوت مضطرب" أعتقد أنه عالق" وضع يده على يدها و مال نحوها و أخذ يحاول فكه..اقترب وجهه من وجهها..أنفاسه الحارة لفحت بشرتها و أدخلت الإضطراب عليها..رفعت نظرها نحوه..عيونه البلورية اكتست لونا كاللهيب..و تعلقت بشفاهها المكتنزة..لحظات تواصل روحي و كلام لم تقله الشفاه..وجدت هزان في هذا القرب فرصة لكي تتأكد من تأثيرها عليه فقربت شفتيها منه و همت بتقبيله لكنه وضع يده على كتفها و أرجعها إلى الوراء و هو يقول" هزان..ما هذا؟ ماذا تفعلين ؟"

شعرت هزان ببرودة تعتري جسدها و قشعريرة تسري في أوصالها..ماتت الكلمات على شفتيها و لم تعد تعرف ماذا تقول..نجح ياغيز في فك حزام الأمان فأبعدت هزان نظراتها عنه و تمتمت" شكرا..كوتش..أعتذر..أنا..آسفة" واصل ارتداء قناع الجدية و البرود و رد بلهجة صارمة" لا تنسي أنني مدربك..أنت تعتبرين تلميذتي..يجب أن نحافظ على هذه العلاقة الحيادية و المحترمة..لا أريد لهذا الشيء أن يتكرر مرة أخرى..لو سمحت" للمرة الأولى منذ زمن تنتابها رغبة مريرة في البكاء..تريد أن تسمح لدموعها التي تحرق مآقيها بالإنهمار على خديها..لكنها نجحت في السيطرة على نفسها و قالت بنبرة فعلت كل ما بوسعها لكي تبدو هادئة" كن على ثقة بأن ذلك لن يتكرر أبدا..اعتبر ذلك خطأ من تلميذتك الصغيرة..و أتمنى ألا يفسد ذلك علاقة الإحترام التي تجمعنا" هز رأسه و قال" لا تقلقي..لم يحدث شيء..ليلة سعيدة" لم تقل شيئا..فتحت الباب و نزلت..و ما ان ابتعدت عن السيارة حتى أطلقت العنان لدموعها..دون صوت..دون نحيب..دون نشيج..دموع صامتة..تعبر عن خيبة الأمل التي أصيبت بها..لكنها عادت و قالت لنفسها..مالذي كنت تنتظرينه منه؟ ..هو رجل مرتبط؟ و هو مدربك؟ هل كنت تنتظرين منه أن يسمح لك بالتمادي معه؟ ..تحركت هزان نحو غرفتها و هي تمسح تلك الدموع التي تأبى أن تتوقف..

إمرأة كالجحيم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن