على اليخت الذي اشتراه له أبوه بمناسبة عيد ميلاده..وقف ياغيز متكئا بجسده على الحاجز الحديدي و هو ينظر إلى مياه البحر المتلاطمة..كان في حالة يرثى لها..معلق بين الأرض و السماء..لا تلامس قدماه الارض فيرتاح..و لا تصعد آلامه إلى السماء فيشفى..محتجز بين الجنة و النار..في مكان يسمى البرزخ..عشق يتملك كل قلبه و كل جارحة فيه..لكنه يكويه و يحرقه في جحيمه..و حياة عادية يتمناها أي شخص آخر إلا هو..زوجة محبة..و والدين راضيين عنه و لعبة هي كل ما يقبل عليه بسعادة..مرر أصابعه خلال خصلات شعره و تنهد بحرقة..ما يؤذيه حقا أنه لا يملك الحق في محاسبة هزان على ارتباطها برجل آخر..فهو من تزوج و تخلى عنها..هو من ظلمها و أساء إليها..هو من خضع للظروف و أفلت يدها..لذلك لا يستطيع أن يلومها إذا تمسكت برجل لن يفلت يدها كما فعل هو..عادت إلى ذاكرته تلك اللحظة التي سمع صوتها فيها و التفت ليراها تقف امامه..كم تمنى أن يتوقف الزمن هناك..أن يختفي كل الناس..و ألا يبقى سواهما..كم تمنى أن يقترب منها دون خوف أو تردد..كم تمنى أن يعانقها بشدة و ألا يتركها مرة أخرى أبدا..كم تمنى أن يقبلها و أن يتذوق رحيق شفتيها الذي اشتاق اليه..و الذي لم يجد و لن يجد مثيلا لطعمه..طعم مسكر و مذهب للعقل..يجري مع الدماء في العروق و يصبح ادمانا لا شفاء منه..تمنى ..و تمنى..لكن..دون جدوى..فأمانيه صارت صعبة المنال و عصية عن التحقيق..ارتشف رشفة من كأس الويسكي الذي في يده ثم نزل إلى الأسفل..ارتمى على سريره و اغمض عيونه..عله يستطيع أن يلقاها في المكان الوحيد الذي لا حواجز فيه..و لا خوف..و لا تردد..و لا اعتبارات أخرى..هناك..في أحلامه..
في الصباح..توجهت هزان صحبة فريقها إلى القاعة الرياضية استعدادا لخوض مباراتهم الأولى أمام الفريق الإيرلندي..و كانت مبارة فريق ياغيز تنطلق مباشرة إثر انتهاء لقاء فريقها..لذلك كان هو لاعباته متواجدين هناك..دخلت هزان إلى غرفة تغيير الملابس..وجدت بهار تنتظرها هناك..عانقتها بقوة و هي تقول" صباح النور بيبا..من الجيد أنك هنا..أشعر بتوتر شديد" ابتسمت بهار و قالت" لا..لا تتوتري..ستفوزين ..أنا متأكدة..سأكون انا و أعضاء الفريق في المدارج..اصر الكوتش على أن نشاهد كل الفرق" ابتسمت هزان و قالت" أعتقد أنه سيتفاجئ بوجودي مع الفريق الباريسي..اتعلمين أنني التقيت به البارحة؟" حملقت فيها بهار و سألت بقلق" حسنا..و ماذا حدث؟" طأطأت هزان رأسها و اجابت" و ماذا سيحدث؟ تصافحنا كغرباء و ذهب كل منا في طريقه..و علم ايضا أنني مخطوبة" وضعت بهار يدها على جبينها و تمتمت" اوهاا..لذلك بدا عصبيا هذا الصباح..عزيزتي..لا تفكري في شيء..كوني قوية كما اعرفك..و فوزي بالمباراة ..و أثبتي للجميع أنك الأفضل" ضربت هزان كفها بكف صديقتها و قالت" ان شاء الله" قبلتها بهار على خدها و قالت" حظا سعيدا عزيزتي..سأكون في المدارج..و سأشجعك بكل ما اوتيت من قوة" عانقت هزان صديقتها مرة أخرى ثم أخذت ترتدي زي فريقها المكون من قميص دون أكمام و شورت يصل إلى اعلى الركبة بلونين ابيض و أزرق..رفعت شعرها الطويل في شكل ذيل حصان ثم احتذت حذاءها الرياضي الذي أهداه لها أبوها في عيد ميلادها الفارط..اجتمعت مع مدربها سيباستيان و فتيات فريقها..تناقشوا معا في خطة اللعب..ثم خرجوا معا إلى أرضية الملعب..صافحن أعضاء الفريق المنافس و حيين الجمهور ..هناك..رأت هزان خطيبها تولغا يجلس وسط الجمهور ..حيته بإشارة من يدها ثم أعطت توجيهات لزميلاتها لكي يتوزعن في الملعب..دخل ياغيز بعد لحظات من انطلاق المباراة..كان يتكلم عبر الهاتف..ثم جمد في مكانه و حملق في هزان غير مصدق ما يراه..سارع إلى انهاء المكالمة و اتكأ على الحاجز الحديدي للمدارج..كانت عبارة عن فتنة متحركة..شعلة من الحماس و الثقة و الإصرار..إمراة جميلة حد السحر ..تراوغ بمهارة فائقة..و ترتفع أعلى من الجميع..لتسجل النقاط المتتالية..مرر ياغيز أصابعه خلال خصلات شعره و ابتلع ريقه بصعوبة..سجلت هزان ثلاث نقاط فارتفع صوت تولغا يشجعها..التفت ياغيز ناحيته و نظر إليه للحظات بغيرة..ثم أبعد عيونه عنه..تأفف بضيق ثم ذهب للجلوس بجانب بهار..سألها مباشرة" لماذا لم تخبريني؟" نظرت إليه بهار و أجابت" هزان لم ترد أن أخبرك..هي من طلبت ذلك" تنهد بعمق و قال" كم أتمنى و أنا اراها الآن أن تكون في فريقي"
أنت تقرأ
إمرأة كالجحيم
Romanceهي..فتاة مقبلة على الحياة..يافعة و حيوية..تلهو و تمرح بلا تفكير..هو..رجل نمطي و صارم..يكره القيود و الضغوطات..يجمعهما أمر واحد..حب لعبة كرة السلة..الصدفة تجعل منه مدربها و هي لاعبة في فريقه..و تتطور الأمور بينهما لكي تأخذ منحى آخر مغايرا لتوقعات كل...