٤٠..القرار

3K 70 2
                                    

بعد لحظات طويلة من الانتظار.. خرج الطبيب..فأسرع ياغيز نحوه و سأل" هل هو بخير..طمئني يا دكتور" أجاب" لقد تجاوز الخطر..أصيب بذبحة قلبية حادة ..و استطعنا التدخل في الوقت المناسب..سيبقى في العناية المشددة إلى أن يستقر وضعه..انتظروا إلى أن يصحو ثم تستطيعون الدخول إليه..المهم ألا يغضب و لا ينفعل..أية ازمة أخرى قد تودي بحياته..حمدا لله على سلامته" عانق ياغيز أمه بقوة و هو يقول" الحمد لله..انه بخير..لقد اخبرتك انه لن يذهب و هو غاضب مني" ..في غرفتها..جلست هزان في سريرها ..تضم ساقيها إلى جسدها و تضع رأسها على ركبتيها..دموعها لم تتوقف عن الإنهمار..قلبها يوجعها و يتمزق حزنا كلما تذكرت نظرات ياغيز الغاضبة و كلماته القاسية..لقد أحبت..و هذا ما حصلت عليه..عذاب و دموع و ألم..لم تتعلم مما حدث لأختها..لم تستطع منع نفسها من الوقوع في حبه..لأنه كان باختصار..فتى أحلامها..و رفيق روحها..يتشاركان نفس العشق لكرة السلة..هو يحلم بأن يصبح مدربا للمنتخب الوطني..و هي تحلم أن تصبح قائدة للمنتخب..ليته يصدقها..ليته يرى في عيونها حبها الكبير الذي هزمها و تغلب عليها..ذلك الحب الذي أجبر إرادتها و مقاومتها ..

وقف ياغيز أمام غرفة العناية المشددة ينظر إلى والده من وراء الزجاج..عادت إلى ذاكرته تلك اللحظات التي تجادل فيها معه و أغضبه منه..أغمض عيونه البلورية بشدة كأنه يريد أن يمحو تلك المشاهد من عقله..ليته لم يفعل ذلك..و لم يحزن والده..ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها إلى أزمة قلبية..المرة الأولى كانت عندما تلقى خبر وفاة جوكهان..لم يتحمل قلبه الخبر..و بقي في المستشفى لأيام..و هذه المرة الثانية..و صار من المؤكد طبيا أن اية ازمة جديدة ستودي بحياته..سالت دمعة سخية على خد ياغيز..مسحها بكفه عندما رأى جيمري و اباها قدير يقتربان منه..قال قدير" بني..حمدا لله على سلامة حازم..لقد أخافنا عليه..مالذي اوصله إلى هذه الحال؟ وضعه معروف ..و كان يجب أن يأخذ حذره" طأطأ ياغيز رأسه و قال" شكرا لوجودك هنا عمي  قدير ..المهم أنه بخير الآن" تقدمت منه جيمري و عانقته و هي تقول" حياتي..اهدأ..لا تقلق..سيكون بخير.. العم حازم  رجل قوي و صلب..سيزول عنه الخطر ان شاء الله" مرر ياغيز يده على ظهرها و قال" شكرا لك جيمري" ..أفاق حازم بعد حوالي ساعة..أصر ياغيز على أن يدخل إليه ..تقدم منه و أمسك يده و هو يقول" الحمد لله على سلامتك يا أبي..لقد مت من الخوف عليك..ارتعبت من فكرة أن تذهب و انت غاضب مني..لم أكن لأتحمل ذلك..سامحني بابا..أرجوك..لقد أخطأت في حقك و في حق نفسي..سامحني" هز حازم رأسه ببطء و همس" ياغيز..أنت روحي..لا أستطيع أن أغضب منك" قبل ياغيز يد أبيه و هو يقول"لا تقل شيئا..لا تتحدث..ابقى هادئا و تحسن..و سيكون كل شيء كما تريده..أنا أعدك..لن أحزنك مجددا..هذا وعد" ..بعد خروجه من غرفة العناية المشددة..جلس ياغيز في الكافيتيريا صحبة جيمري التي سألت" أعلم بأن هذا ليس وقت سؤالي ..لكنك طلبت مني أن نلتقي غدا لأن هناك أمرا مهما تريد أن تخبرني به..خيرا؟" نظر إليها ياغيز للحظات..تدافعت الصور أمام عينيه..أبوه الذي كاد يموت بسببه..هزان التي سخرت منه و اعتبرته لعبة..كلمات والده الأخيرة..كلام هزان و بهار عن الرهان..أغمض عينيه للحظة..ألم يمزقه تمزيقا من الداخل..أن يعشق إمرأة إلى تلك الدرجة ثم فجأة..تتحول حياته إلى جحيم بسببها..شيء يعجز عقله عن استيعابه..فتح عيونه و وضع يده على يد جيمري و قال" لقد أردت أن أراك لكي نحدد موعد الزفاف..سننتظر قليلا إلى أن تتحسن صحة والدي ثم نتزوج فورا" ابتسمت جيمري بسعادة و ربتت على يد ياغيز و هي تقول"حبيبي..لقد أسعدتني جدا..و أخيرا سنتزوج..أنا أحبك كثيرا ياغيز" ابتسم ياغيز ابتسامة لا حياة فيها و تمتم بنبرة يائسة" و أنا أيضا حياتي..من الجيد أنك معي"..

إمرأة كالجحيم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن