الفصل التاسع والثلاثون

7.7K 192 14
                                        

الفصل التاسع والثلاثون
بقلمى/ هدير خليل

فى غرفة ماسه التى كانت تنظر إلى سليم بجمود قائلة بإصرار.
-"أنا عاوزه اعرف كل حاجه دلوقتى وياريت من غير كدب"
هز سليم رأسه بالإيجاب وأشار بعينه على المسافة بينهم قائلاً بعبث.
-"ماشى بس هو احنا هنتكلم عن بعد كده"
زمجرته ماسه بحنق.
-"سليم احترام نفسك"
رد سليم ساخراً وهو يجز على شفتيه السفلية بغيظ.
-"احترم نفسى؟!! هو أنا عملت حاجه بلا نيله... أنتى اللى دماغك راحت فى حتى غلط الصراحه هموت واروحها معاكى.. وبعدين هو فى عريس فى ليلة دخلته يتقال له احترم نفسه"
هتفت ماسه ببرود وهى تربع يده أسفل صدرها.
-"خلصت؟!"
حمحم سليم بابتسامه مرحه تلمع فى عينيه.
-"احم... هو أنا لو قولت لا هتعملى ايه يعنى؟!"
نظرت له ماسه كأنها تنظر إلى شخص مختل قائلة باستغراب.
-"أنا مش عارف أنت ازاى كده؟!! على فكره احنا من شويه ضربنا بعض لو مش فاكر وسيادتك مهددنى بأهلى يعنى مش بنحب فى بعض فياريت تبطلع اللى بتعمله ده وتقول اللى عندك."
زفر سليم بضيق ويمسح على شعره يعيده إلى الخلف قائلاً.
-"ماشى أنا عارف أنك اتصدمتى فيا ولا اقولك بلاش اتصدمتى دى عشان احنا مش بنحب فى بعض او بمعنى أدق أنتى مش بتحبينى"
لم تتأثر بحديثه الهامس بحبها لتهتف بجمود.
-"ممكن تخلينا فى موضوعنا وبلاش لف و دوران"
ابتسم لها بحزن كم هو مألم الحب من طرف واحد أن تعشق أحدهم وهو لا يبالى بمشاعرك ليكمل حديثه بمشاعر جياشه.
-"مع الاسف هو ده موضوعنا... أنا لما جيت البلد هنا زى ما طلب عمى أدهم علشان استلم نصيب بابا فى المصنع كنت جاى أخد نصيبى و امشى مش أعيش هنا أنا وأهلى بس... بس لما شوفتك فى المصنع أول مرة قدرتش افكر أنى ابعد عنك وكان عمى أدهم وقتها عرض عليا أنى اشتغل معه فى المصنع لما عرف أنى مهندس فقبلة عرضه علشان أفضل جنبك وعرفت بعدين أنك بنت عمى أدهم... حبيتك من بعيد بس لما فى مرة شوفتك واقفه مع يوسف ابن خالك ولا ابن عمك مش عارف حسيت بغيره بتأكل قلبى بذات لما لاحظت نظراتك له اللى كانت باينه أنها حب بس هو مش وأخد باله أو مش عايز يأخد باله الله وأعلم...
مط شفتيه بضيق وهو يلتوى من الداخل بنيران الغيره وهو يكمل حديثه.
-"المهم أنا ساعتها قرارت اعرفك بحبى وما شاء الله كنتى متتوصيش فى صدى و رفضك حتى أنك تقفى معايا غير فى حاجه تخص الشغل وياريت لواحدنا دا بيكون وسط شعب بحاله كأنى هأكلك أو..."
قطعته ماسه عن تكملت حديثه قائلة بضيق ولامبالاه.
-"أنا مش عايزه اعرف اللى أنت بتقوله ده ولا ازاى حبيتنى!! أنا عايزه اعرف أنت كنت بتكلم مين علشان تتفقوا على أهلى"
رد سليم بضيق وحزن.
-"أنتى ليه كده؟!! حتى وأنتى مراتى مش عايزه تسمعى مشاعرى بس ماشى براحتك ومعلش أنى طولت على سيادتك فى الشرح.. على العموم أنا معرفش مين اللى كان بيكلمنى"
صاحت ماسه بانفعال.
-"نعععم يا روح أمك"
لم يتحمل سليم تطاولها عليه بهذه الطريقة فهتف بغضب.
-"ما تحترمى نفسك شويه... أنا مقدر صدمتك بس أكتر من كده مش هسمح ليكى أنك تتمادى مفهوم.. وتانى مرة متقاطعنيش وأنا بتكلم وسمعينى للاخر بعد كده يبقى اردحى يا ستى براحتك.
لوى سليم شفتيه بامتعاض محدثاً نفسه.
-"فى ليلة الدخله بتقولى يا روح أمك أما لو قعدنا كم سنه كده مع بعض هتضربنى بالشبشب أنا ايه اللى وقعنى الواقعه السواده دى"
نظرت له ماسه بضيق.
-"والله أنت اللى وقعت نفسك"
نظر لها سليم ببلاهه.
-"ايه؟!"
ردت عليه بغيظ.
-"لما تعوز تشتم حد خد بالك أنك متتكلمش بصوت عالى"
حمحم بحرج قائلاً.
-"احم... أنا مش بشتم على العموم خلينا فى موضوعنا"
-"يكون أحسن"
حك جبينه بتذكر هاتفاً.
-"وصلنا لفين اه.. أنا معرفش مين اللى كان بيكلمنى بس هى واحدة مش واحد ومعرفش هى عرفت منين أنى بحبك... بس هى قالت أنها هتساعدنى أنى أوصلك واتجوزك مقابل أنى اساعدها أنا فى الأول رفض بس...."
-"وافقت"
زفر سليم بتعب وهو يكمل بغيره.
-"وافق لما سمعتك بتتكلمى أنتى وياسمين عن حبك ليوسف اللى من طرف واحد ساعتها قرارت اوصلك بأى طريقة وامحى حب يوسف من قلبك"
هتفت ماسه باستغراب.
-"أنا مستغربه اصرارك أنك توصلى برغم أنك عارف أنى بحب غيرك وهنا فى الصعيد مفيش رجل يقبلها حتى لو كان بيموت فى التراب اللى بتمشى عليه وبيعتبرها خيانة... بس أنت هتفهمها ازاى وأنت مش مننا يا قاهراوى"
اشتعلت عيون سليم ببوادر غضب قائلاً.
-"قاهراوى!! ليه هو القاهراوى مش رجل زى الصعيدى اللى حب واحدة قاهرويه ولا هما حريم وأنتم لا"
القى بحديثه المتوارى على حب يوسف لغيرها لترد عليه بابتسامه ساخرة.
-"أنا مقولتش ده... بس الرجل فى القاهرة حمش الحماشة المعهوده فى المصرى لكن الصعيدى دمه حامى وحماشته بزياده شويه أما بالنسبه أننا حريم ولا لا؟!! فاحنا نساء مع رجالنا و رجال فى غيابهم.. غفر يعنى زى ما بتقولوا"
ضحك سليم على حنقها الطفولى وتعبير وجهها التى تأسره بأقل شئ لا يعرف كيف وشمة حبها على قلبه.
-"هههههه أنا مش فاهم يعنى أنتم بتعتبروا اللى يعبر عن حبه مش حمش ولا أنتم بالنسبه ليكم الحمشه أنى أمد ايدى على مراتى... و اه بصراح أنا لغاية دلوقتى ما شافتش غير الغفر وهموت وأشوف النساء اللى بتتكلمى عليهم بكل الثقة دى"
ردت بتبرير.
-"على فكره هو أحيانا بيمدوا اديهم... بس ده لما يكون الموضوع يمس الشرف أو حاجه زى كده... وبعدين أنت عمرك ما هتشوف الحريم هنا"
رفع سليم أحدى حاجبيه باستنكار وهو يكمل حديثه العبث وهو مستمتع بالحديث معها.
-"ليه بس ده حتى أنا متجوز... بس شكل مراتى نسيوا يقولولها أن أنا جوزها ومصدره لي وش الغفير"
زمجرته ماسه بحنق.
-"خلينا فى موضوعنا اللى كل شويه نبعد عنه بحديتك الماسخ ده"
ضحك سليم بقوة وهو يطالعها بعشق.
-"هههه حاضر شكل العرق الصعيدى نقح عليكى أوى بس طالع زى العسل"
نظرت له ماسه بغضب ليرفع لها يده باستسلام ويشير لها بالحديث وهو مازال محتفظ بابتسامته لتهتف بحنق من نفسها ومنها فهى لا تتحدث بتلك الطريقة لا تعلم لما تحدثت بها الآن أمامه يبدو أنها يخرجها عن طور تعقلها.
-"هى عايزاك تساعدها فى ايه؟!"
تلاشت ابتسامه سليم تدريجياً قائلاً بتلعثم.
-"هاا... لا.. م..معرفش لسه مقالتش"
نظرت له ماسه كأنها تخترق افكاره وتهتف بعدم تصديق.
-"والله!!! بس مش هو ده اللى أنا سمعته"
ابتلع سليم ريقه بتوتر قائلاً.
-"سمعتى ايه؟"
تذكرت ماسه ما حدث بينهم عندما انتهى الزفاف وصعدوا إلى غرفتهم، واقترب سليم منها وتقبيله لجبينها بحب.
-"مبروك يا أجمل ماسه.. أنا مش مصدق نفسى أنك أخيراً بقيتى ملكى"
ابتعدت عنه ماسه خطوتين إلى الخلف بتوتر مغمغمه بارتباك.
-"الله يا بارك فيك"
ابتسم لها سليم ليطمئنها بعد أن لاحظ توترها. -"حابه تأكلى؟"
هزت رأسها بالنفى، اقترب منها سليم وامسك بيدها يجذبها وجعلها تجلس على الفراش قائلاً.
-"اقعدى عايز....."
نهضت ماسه كالتى لسعت من عقرب نظر لها سليم باستغراب.
-"ايه فى ايه؟"
ردت ماسه بارتباك وخوف.
-"مفيش بس أنا مش عارفه اقعد بالفستان ممكن تطلع عشان اغيره"
نظر لها سليم لثوانى قبل أن يشير إلى باب بداخل الغرفة.
-"فى حمام فى الأوضه اهو"
هزت ماسه رأسها برفض وهى تقول بارتباك.
-"لا مش هينفع عشان الفستان هيتبل... ممكن تطلع"
زفر سليم أنفاسه وهو يطالعها يعلم أنها خائفه وتأخذ أمر الفستان حجه لذلك قرار أن يتركها قليلاً حتى تهدأ.
-"ماشى هستناكى بره بس ياريت بسرعة عشان ما ينفعش حد يشوفنى قعد بره الأوضه دلوقتى هيبقى شكلى وحش ومش هعرف اقول ايه؟!!"
هز رأسها بالإيجاب ليتركها سليم ويغلق باب الغرفه خلفه لتزفر ماسه بارتياح وتتجه لتبديل ملابسها بينما فى الخرج عندما خرج سليم رن هاتفه فكشر باستغراب وهو يخرجه ليرأه من المتصل فمثل هذا الوقت وعندما علم هويته تمتم بضيق.
-"ده وقته... الو... الله يبارك فيكى... أنا فاكر كويس الاتفاق اللى ما بينا بس أنتى مش شايفه تن ده مش وقته ولا ايه... اوووووف أنا عارف أنك السبب أنى وصلت لماسه بس مش معنى كده أنك تذلينى وكل شويه تتصلى بي... أنا مقولتش أنى مش هساعدك فى اللى اتفاقنا عليه بس متقعديش كل شويه تهددينى... ماشى سلام..."
أغلق الهاتف وهو يتمتم بضيق.
-"ربنا يأخدك ويأخد معرفتك السواده اووووف هى مالها دى كمان اتاخرت كده ليه؟!! اما اروح اشوفها"
كان يعطى ظهر لباب الغرفة وعندما التفت وجد ماسه تقف أمام باب الغرفة.
-"أنتى خلصتى؟!! أنا كنت فاكرك نستينى بره"
لم يحصل على رد منها حيث كانت جامده فى مكانها بدون أى تعبير.
-"ماسه مالك؟!"
اقترب منها بقلق وامسكها لتصرخ به وهى تتراجع بعيد عن متناول يده.
-"إياك تقربى أنت فااااهم"
كشر سليم بين حاجبيه من نفورها منه منذ أن أصبحوا بمفردهم.
-"فى ايه؟ مالك من أول ما بقينا لواحدنا وأنتى مش عايزانى أقربك منك"
ردت ماسه باشمئزاز وهى تتراجع تلك الخطوة التى اقتربها منها.
-"علشان أنت واحد مقرف وحقير"
اقترب منها سليم بغضب وجذبها من ذراعها بقسوة وهو يصيح بها بصدمه وغيره تكاد تفتك بقلبه المولع بها.
-"مقرف!! ايه افتكرتى حبيب القلب؟! فمش طيقه لمستى وفكره نفسك بتخانيه فشايفانى مقرف!! طيب تعالى بقى أنا هوريكى القرف بجد"
شدد على ذراعها الذى بين يديه يجذبها منه إلى داخل الغرفة وسط اعتراضها الذى لم يبالى به.
-"بعد عنى ياحقير يازباله سيب ايدى آااه"
دفعها بقوة على الفراش وهو يزمجرها بغضب.
-"اخرسى بقى اخرسى لو كنتى فاكره أنى علشان بحبك هسيبك تهنينى يبقى لازم تفوقى وأنا عارف ازاى هفوقك من اللى أنتى فيه ده"
حصرها بجسده فى الفراش وحاول تقبيلها وسط مقاومتها وصراخها، فامسك بيدها يثبتها فوق رأسها.
-"أبعد عنى يا حيوان"
ضغط على يدها بقسوة هادراً بانفعال.
-"متستعجليش على شوفت الحيوان"
أخذت تحاول أبعاد وجهها عن متناول شفتيه.
-"أنت حيوان وزباله وخاين أبعد عنى..."
أبعد رأسه عنها قليلاً يطالعها بغضب.
-"خاين ليه بفكر فى واحدة غيرك و رافض قربك هاااا؟!!"
صاحت به بانفعال مماثل وخزلان.
-"لاااااا بس كل الحكايه أنك اتفقت مع واحدة زباله زيك علشان تتجوزنى"
نظر لها لثوانى يستوعب حديثها قبل أن يتركها ويعتدل جالساً على الفراش.
-"أنتى جبتى الكلام ده منين؟"
اعتدلت هى الأخر وتضم ملابسها الذى بعثرها بيده العابثه.
-"ايه مالك مصدوم كده ليه؟!! بس معلش أصلك غبى وبتكلمها قدام الأوضه... طيب ما فكرتش أنى هطلع وهسمعك"
زفر فى ضيق قائلاً بتوضيح.
-"ماسه أنتى فهمه غلط"
أخيراً تركت العنان لدموعها للهبوط بدون أن تشعر قائلة بعدم تصديق.
-"غلط لا والله.. ماشى أنا فاهمه غلط... طلقنى"
التفت لها سليم بصدمه وهو يقترب منها.
-"أنتى بتقولى ايه؟!! أنتى أتجننتى!! الهبل اللى بتقوليه ده مش هيحصل"
تراجعت إلى الخلف على الفراش وهى تزمجره.
-"خليك مكانك إياك تقرب"
حاول تهدأتها فهو يكاد أن يجن بعد حديثها عن ابتعدها عنه بعد أن أصبحت ملكه هو فقط.
-"ماسه اهدى وأنا هفهمك كل حاجه بس اهدى وانسى موضوع الطلق ده ماشى... أنتى بس اهدى"
دفعت يده بعيداً عنها قائلة بانفعال.
-"أنا مستحيل اقعد معاك دقيقة واحدة فاهم"
سليم كان سوف يقترب منها مرة أخرى ولكن توقف عندما استمع إلى صوت طرقات على باب غرفتهم ليردد بتسأل.
-"مين؟!"
ردت ميار شقيقة سليم باحراج.
-"أنا يا أبيه"
ركز سليم أنظاره على ماسه خائف أن تتحدث ويصل صوتها إلى شقيقته.
-"عايزه ايه يا ميار فى حاجه حصلت"
حمحمت ميار قائلة.
-"انكل ادهم قعد بره عايز حضرتك"
كشر سليم بين حاجبيه بتوجس خاصة عندما وجد ماسه تركض باتجه باب الغرفة عندما استمعت اسم والدها لذلك اسرع فى امسكها.
-"طيب يا ميار جاى روحى أنتى... هشش رايحه فين؟!! أنتى مش هتروحى فى حتة ولا هتسيبينى أنتى فاهمه"
حاولت التملص من بين يديه قائلة بصوت متحشرج من البكاء.
-"سيبنى أنا مش هقعد معاك ابعد عنى"
هز سليم رأسه بالنفى وهو يضمها إليه أكثر.
-"مش هيحصل يا ماسه... مش هيحصل أنتى مش هتسيبينى مش بعد ما وصلت ليكى هتسبينى"
لم تعد ماسه تتحمل أكثر من ذلك لتنهار وتصرخ بهستيريا هزت أركان البيت حتى أن صوت صراخها استمع له كل من فى المنزل برغم من أن جناحهم منعزل قليلاً.
-"ابعد عنى يا بابااااا باباااااااا"
احتضنها سليم أكثر وتجمعت الدموع فى عينه تأبه النزول فهو يعلم أن والدها عندما يستمع لصوتها سوف ينتزعها منه وهذا ما لن يستطيع تحمله.
-"اهدى يا ماسه علشان خاطرى اهدى"
لم تستمع له ماسه وأخذت تقاومه وتصرخ بكل صوتها.
-"سيبنى يا بابااااااا باباااااا"
عندما استمع أدهم إلى صوت صراخ ابنته لم يشعر بنفسه الإ وهو يركض باتجه صوتها ويطرق على باب الغرفة بقوة هو ينادى عليه.
-"افتح يا سليم سليم"
لم يرد عليه سليم وأخذ يحاول أن يهدأ ماسه، مما جعل أدهم يرتعب على ابنته وكاد أن يحطم الباب ولكن عندما امسك بمقبض الباب قد انفتح معه و وجد سليم يحتضن ماسه المنهاره بين يديه ويحاول تهدأتها، اقترب منهم قائلاً بلهفه.
-"فى ايه مالك يا حبيبتى"
دفعت ماسه يد سليم بعيداً عنها والقت بنفسها بين احضان والدها.
-"اهدى اهدى فى ايه؟ ايه حصل لده كله؟! أنت عملت فيها ايه؟"
أجابه سليم وقلبه ينبض بعنف ويشعر بتمزق من هيئتها بين أحضان والدها التى تأكد له أنها سوف تنفذ حديثها.
-"معملتش حاجه حتى أنا لسه بالبدله بس هى شكلها اللى خافت لما جيت اقرب منها واصرت أنها عايزه تروح فأنا حاولت اهديها وامنعها بس معرفتش وبيقت زى ما أنت شايف كده"
سليم كان يتحدث بسرعة بسبب التوتر المسيطر عليه وخاصة بسبب نظرات أدهم التى اشعرته أنها تعريه.
-"اهدى يا روحى أنا معاكى اهو"
تحدث بصوت متحشرج وهى تخبأ نفسها أكثر بين أحضان والدها"
-"أنا عايزه اروح مش عايزه اقعد هنا.. خدنى من هنا يا بابا"
تحدثت والدة سليم بصدمه من حديثها.
-"ايه اللى بتقوليه دى يا بنتى ميصحش اهدى وممكن تقعدى فى أى أوضه تانيه لغاية ما تهدى"
صاحت ماسه بهستيريا.
-"لا لا لا أنا مش هقعد هنا بابا خدنى من هنا عشان خاطرى"
ربت على كتفها بحنان قائلاً.
-"ماشى يا حبيبتى روحى غيرى هدومك الأول مش هينفع تمشى كده"
ابتعدت ماسه عن  حضن والدتها حتى تبدل ملابسها ولكن سليم منعها وجذبها إلى حضنه واحتضنها بقوة وتحدث ببكاء فمعنى مغادرتها الآن مع والدها أنه خسرها إلى الأبد.
-"لا لا مش هتمشى من هنا مش هتسيبنى"
تعجب أدهم من حالتهم فتدخل يحاول أن يسيطر على الوضع.
-"سيبها يا سليم هو انتم اتجننتم النهارده ولا ايه اللى حصل لكم؟!! سيبها أنا عايزك تعالى معايا"
رفض سليم تركها وتشبث بها أكثر وسط مقاومة ماسه ورفضها.
-"ابعد عنى"
-"لا مش هبعد.. مش هسيبك"
جذب أدهم ابنته بعيد عن أحضان سليم وجذبه إلى خارج الغرفة بمواساه.
-"اهدى يا حبيبى وتعال الله يهديك محدش هياخدها منك معلش يا أم سليم ممكن مياه علشان يهدى اعصابه"
نظر له سليم برجاء.
-"أنت قولت مش هتأخدها"
هز أدهم رأسه بهدوء ويجعله يجلس ليرتاح.
-"أيوه اهدى أنت بس... هو أنتم ضربتوا ايه بس عمل فيكم كده"
جلبت والدة سليم الماء وأعطته لأبنها ليتناوله وبعد أن ابعد الكوب عنه وجد ماسه تقف أمامه وهى ترتدى ملابس الخروج مستعدة للمغادرة وتحث والدها على التحرك لينهض سليم سريعاً يعترض طريقها.
-"مش هتمشى وتسبينى يا ماسه"
ردت باصرار.
-"همشى ومش هقعد هنا دقيقة واحدة"
تدخل أدهم قبل أن يتأذم الوضع بينهم مرة أخرى.
-"بس يا ماسه... بص يا سليم أنا هأخد ماسه معايا... استنى متقطعنيش... هخدها معايا وبعد ساعة كده لما هى تهدى هتصل بيك علشان تاجى تقعد عندنا لغاية ما تتعودوا على بعض"
هزت ماسه رأسها باعتراض.
-"لا أنا مش عاوزاه"
رد سليم وهو يحاول أن يهدأ نفسه.
-"وأنا عايزك ومش هسيبك... ماشى يا عمى هستنى اتصلك بس لو اتاخرت عليا هاجى أخدها غصب عنها"
نقل أدهم نظراته بينهم بذهول.
-"أنتى عملتى ايه فى الواد جننتيه؟!! الواد كان عاقل ايه اللى حصله؟"
ردت ماسه بصوت متحشرج جعل سليم يبتسم بعدها.
-"أنا مستلمه كده"
ابتسم لها أدهم بهدوء وهو يحثها على التحرك معه.
-"طيب يلا بينا"
فاقت من شرودها مما حدث قائلة بضيق.
-"هتساعدها فى ايه؟"
على الناحية الأخرى عند أوس ومهره، عندما دخل غرفته وجد مهره تجلس على الفراش وهى تلعب فى هاتفها ليهتف بجمود. 
-"قومى جهزي لى الحمام"
غمغمت مهره ساخره.
-"ليه يا ماما هو أنت صغير عايز حد يجهزلك الحمام"
نظر لها أوس بغيظ قائلاً.
-"ماما!!! آااه ما أنا نسيت أنك أكبر منى فلازم اقولك يا ماما السن يحكم برضوه قومى يلا"
جزت مهره على أسنانها مغمغه.
-"لا"
زفر أوس بضيق ونظر لها قائل بتعجب.
-"أنا مش عارف ايه اللى مخلينى صابر عليكى لغاية دلوقتى... بس بصراحه أنا من أول اللى حصل ما بينا وأنا عايز اسألك ليه عملتى كده؟!! يعنى أنا مش هقول أنا ملاك ومليش فى البنات لا أنا كده فعلاً بس أنا طول عمرى كنت ببص ليكى أنتى وياسمين زى ماسه ف ليه عملتى كده؟! ايه صدر منى خلكى تعملى كده؟"
رفعت نظرها له.
-"عايز الحقيقة"
أماء برأسه بالإيجاب لتكمل حديثها بجمود.
-"علشان انتقم"
بينما فى غرفة ليث وفيروز... كنت فيروز تستحم وعندما انتهت وخرجت وجدت ليث فى الغرفة يجلس على أحد المقعد ويضع رأسه بين يديه فلم تحدثه واتجه إلى المرايا حتى تمشط شعرها وتتابع انعكاسه بصمت، وبعد أن انتهت اتجهت له و وقفت أمامه فشعر بها فرفع نظره إليها ينتظر حديثها.
-"مالك؟"
هز رأسه بخفوت قائلاً.
-"مفيش حاجه بس رأسى مصدعه شويه"
اتجهت إلى أحد الأدراج وجلبت له دواء لصداع وماء واعطتهم له ليتناولهم منها ويضع الكوب على المنضدة الصغيرة أمامه وكان سوف يعود لوضعيته السابقه ولكنها جذبته حتى ينهض معها.
-"عايزه ايه؟"
ردت وهى تحثه على التحرك باتجه الفراش.
-"تعالى نام على السرير"
يعلم أنه لن يستطيع النوم بسبب الصداع ولكن لا يعلم لما اطاعها وتحرك معها، تركت يده وجلست على الفراش و وضعت وسادة على قدمها ثم نظرت له تحثه على الاقتراب.
-"ايه بتبصيلى كده ليه؟! بصى مش معنى أنى مصدع وتعبان يبقى تغرغرى بى وتاخدى اعز ما املك"
ردت بحنق.
-"ها ها ظريف وايه اغرغر دى هو أنت مضمضه"
ابتسم لها بتعب قائلاً.
-"مادام مش عايزه تتغرغرى بي أما عايزه ايه؟"
هزت رأسها بيأس منه يبدو أن الصداع أثر على شخصيته القاسية.
-"تعالى نام على المخده علشان اعملك مساج لراسك"
مط شفتيه قبل أن يتحرك وينام على الوسادة وتبدأ بعمل المساج له ليهتف وهو يفتح عينه ينظر لها.
-"هو أنتى عايزه فلوس؟"
كشرت بين حاجبيها باستغراب من سؤاله.
-"لا.. بس ليه بتسال؟"
مط شفتيه بتعجب قائلاً.
-"غريبه مادام مش عايزه فلوس ولا عايزه تغرغرى بي أما بتعملى كده ليه؟"
أجابته ببساطه.
-"هو أنا لازم اعمل كده علشان حاجه وبعدين ده عادى أنت جوزى لو كنت نسيت"
رد عليها بابتسامه هو يتذكر أفعال شقيقته.
-"هو فى العادى بتاع ماسه لما تكون عايزه فلوس أو حاجه بتحسسك أنها شويه وهتوكلك بيديها أما لو على اجابة سؤالك أنى نسيت أنى جوزك فبصراحه أيوه..."
فتح عينيه مرة أخرى وهو يطالعها.
-"أنا كل ما أقرب منك بتبعدى لغاية ما بطلت احاول أقرب ونسيت أنى متجوز بس لو حابه تفكرينى أنى معنديش منع"
توقفت عن تدليك رأسه هاتفه بتهرب.
-"بيتهيألى كده بقيت كويس"
ابعدت الوسادة عن قدمها حتى ينهض، ليعتدل فى جلسته ضاحكاً.
-"هههههه لما تحاولى توقعينى الأول كونى مجهزه نفسك لدور علشان متتكشفيش"
لم تفهم ماذا يقصد بحديثه.
-"قصدك ايه؟"
رد عليها ببساطه وهو ينام على الفراش.
-"مش قصدى حاجه... هو أنا صحيح عصبى ومتهور بس متنسيش أنك متجوزه ضابط فتعملى على الأساس ده... تصبحى على خير"
لم ينتظر ردها وأولها ظهره ليذهب فى سبات عميق فيبدو أن يدها كان لها مفعول السحر عليه أو ربما هذا بسبب العلاج.

يا ترى ايه هيحصل مع سليم وماسه؟
يا ترى مين اللى كان سليم بيكلمها؟
يا ترى اللى كانت بتتفق مع سليم هى نفسها المجهول اللى بيتفق مع امل؟
انتظروا الفصل الجاى
يتبع
☆☆☆☆☆

رواية الضلع المائل "قلوب صعيدية الجزء الثانى سابقا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن