تم النشر على موقع واتباد بتاريخ ١٠ أبريل ٢٠٢٠
الفصل السابع والعشرون
"أنت القطة كلت لسانك من امبارح بليل ولا ايه؟" تحدث بدر الدين وهو يرتشف من قهوته الصباحية
"جرا ايه يا بدر فيه ايه؟ ما أنا كويس اهو" رمقه سليم بتعجب
"أنت من ساعة حوار بليل ده وأنت واكل سد الحنك"
"بفكر مش أكتر" غمغم بإقتضاب وملامحه وحتى صوته يبدوان غارقان بالتفكير
"فكر يا أخويا فكر.."
"طب ليه التريقة دي على الصبح"
"يعني.. ممكن أساعد لو حابب"
"لا مش محتاج مساعدتك!" حدثه سليم شارداً ليشعر ببدر الدين يلتفت وينظر له ببصيص من الغضب "موضوع أروى مش هحتاج مساعدتك فيه.. بس هحتاجك في حاجة تانية"
"جرا ايه يا حيلتها.. أنت بتكلم الصبي بتاعك! ما تظبط ياض"
"العفو يا حاج.. واحنا نقدر بردو!"
"طب انطق.. عايز تستفيد من خبراتي العظيمة في ايه؟" نظر له بغرور ليبتسم له سليم
"خبراتك العظيمة هستفيد منها كلها بليل.. أنا دلوقتي لازم أروح أشوف أروى"
"ابن ليلي.. ما تخربهاش أكتر ما هي خربانة" حذره بنبرة تحكمية
"لا متقلقش.. أوعدك المرادي هاصلح كل حاجة.." نظر له لوهلة ليدرك بدر الدين أن حالة الصمت تلك وتصرفاته غير المعهودة لا تنبع سوى من حزن دفين وها هو يلمحه بعينيه "هي زينة صحيت؟" عقد حاجباه وتغيرت نبرته ليضيق والده حاجباه في تعجب وقليل من الإنزعاج
"عايز منها ايه يا سليم؟ مش كفاية عليها كلام امبارح! أظن إنك زودتها بما فيه الكفاية" حدثه محذراً
"كلام!" ابتسمت ابتسامة جانبية لا تعبر سوى عن التهكم وخيبة الأمل "زي الكلام اللي سمعته من أروى ولا زي الكلام اللي شهاب بيضحك بيها عليه؟!"
"سليم أنـ.."
"سلام يا بدر.. أنا مش عايز أتأخر" قاطعه ليغادر ليزفر والده في قلق متمتماً
"يا ترى ناوي على ايه يا ابن ليلي"
"بدر يا حبيبي أنت بتكلم نفسك؟!" نظرت له بزرقاوتيها الممتلئتين بالحيوية "وسليم راح فين بدري كده.. ده حتى مفطرش.. مش كان لسه واقف معاك؟!"
"ابنك ده هيجلطني خلاص"
"ايه ده بعد الشر ماله سليم؟"
"بقولك هيجلطني تقوليلي ماله وخايفة وقلقانة عليه اوي.. روحي يا نورسين من قدامي السعادي" تحولت ملامحه للعبوس وازدادت عقدة حاجباه لتصدح هي بضحكتها لرؤية ملامحه تتحول هكذا
"اهدى بس وقولي ايه اللي مضايقك منه كده؟" سألته بنبرة للكاد تهدأ من ضحكاتها لينظر له زافراً مضيقاً عيناه وهو يتفحصها أمامه فهو حتى اليوم لا يزال يراها كالطفلة الصغيرة التي لن تكبر أبداً ووقع في الحيرة أكثر.. هل هذه هي المرأة الحكيمة ذات الخبرات التي كانت تحدثه بالأمس أم هي مجرد طفلة مليئة بالحيوية وضحكتها وضحكة تلك العينتان لا تفارقاها أبداً؟! قرر ترك أمر الوقوع في الحيرة ليقع في عشقها بدلاً منه.. فيبدو أنه لن يتوقف عن الوقوع في حبها طوال حياته
"أبداً يا ستي.. أروى بنت هديل شكلها عرفت وخربت الدنيا ما بينه وبين زينة وابنك اتعصب على البنت وقالها كلام هباب"
"ايه ده.. ثانية كده علشان مش فاهمة حاجة.. ممكن تحكيلي اللي حصل بالظبط؟" تحولت ملامحها للإستغراب
"زينة امبارح دخلت على ابنك المكتب وهي متنرفزة وكل اللي فهمه من كلامها ان وصلها كلامه هو وإياد وهما بيتراهنوا عليها، إنها يعني عيلة هبلة وأي كلمتين يجيبوا معاها نتيجة.. وانه شايفة مش مجرد من واحدة مريضة صرع" أخبرها في ضيق
"ايه ده!! وهي سمعت الكلام ده ازاي؟"
"هو فعلاً كان بيكلم إياد في الموضوع وبعدين في نفس القاعدة اتكلموا عن هديل.. وقاله اراهنك انها هتتهد شوية لو خلوا أمي تكلمها وفهموها اللي بتعمله في الولاد وبالذات زينة وكمان الخناقة اللي حصلت ما بيننا من يومين" تريث لبرهة بينما يعيد تفكيره بينه وبين نفسه
"أنت بتقول كلام غريب اوي، بس ايه علاقة أروى بالموضوع؟" تحولت ملامحها للجدية التامة وازداد التعجب بداخلها وكذلك بزرقاوتيها
"أولاً.. سليم وإياد كانوا قاعدين في المكتب لوحدهم، وراجعوا الكاميرات اللي قدام المكتب ملقوش حد اتصنت.. ثانياً.. هديل فجأة كلمتني امبارح بليل قال ايه بتعتذرلي.. تفتكري فجأة كده هتعتذر ولا حد وصلها كلام إنهم هيقولوا لأمي كل حاجة، هديل عمرها ما تحب تطلع غلطانة أبداً.. فيعني بتلم الدور علشان حتى لو حد اتكلم معاها تطلع مش غلطانة.."
"بس يا بدر.. يعني.. تقصد تقول إن أروى هي اللي قالت لهديل وكمان هي اللي سمعتهم في المكتب؟"
"مفيش حل تاني.. كمان سليم لقى جهاز في مكتبه.. تفتكري مين في الشركة كلها ممكن يعمل كده؟"
"ما ممكن أي حد، ممكن حد غريب كمان و.."
"مفيش غير أروى.. عاصم ابن هديل استحالة يعملها أنتي عارفة هو جبان ازاي، وطبعاً إياد استحالة، ولا شاهي ولا حمزة مثلاً يعملوا حاجة زي دي، وسكرتيرة ابنك ست أكبر منه أساساً ومظنش إنها هتروح تبلغ هديل باللي بتسمعه.. ومفيش حد غريب من مصلحته انه يعمل كده غير أروى.. غير انها سهل اوي تدي لأي حد من العمال قرشين ويحطلها الجهاز ده"
"بس بردو ايه مصلحتها؟" سألته بإنفعال ليزفر بسأم
"شكلها كده عينها عليه.. وشكلها كمان عرفت إن فيه علاقة ما بين زينة وسليم"
"أروى!! ده أنا أطيق العمى ولا أطيقها"
"ومين سمعك!!"
"طب دلوقتي زمان زينة زعلانة مـ.."
"زعلانة!" قاطعها بضحكة متهكمة "ده أنتي لو تشوفي قلبة الحنين امبارح وهو بيقولها كلام زي السم، لو منها مبصش في وشه تاني.. أنا أول مرة مفهمش سليم.. بجد مش فاهم هو بيعاملها كده ليه!"
"استنى بس أنا هاروح أشوفها واتكلم معاها كده بالمحسوس، يمكن أعرف أهدي الدنيا ما بينهم"
"روحي.. بس مظنش إن حاجة هتتغير" هز كتفاه في انكار لتتوجه نورسين للأعلى حيث تلك الغرفة التي تمكث بها زينة ثم طرقت الباب أكثر من مرة ولكن لم تجبها أبداً..
أنت تقرأ
دجى الليل الجزء الثاني - عتمة الزينة كاملة
Romanceفتاة حكم عليها من قبل الجميع وخاصة والدتها لتدخل بحالة نفسية تؤثر على كل شيء بحياتها؛ ما بين الإزدواجية وبين التضاد تقرر التمرد على الجميع.. ووسط كل ذلك تُعجب بإثنان.. ابن خالها وابن عمها! كيف ستختار وهي لطالما سألت نفسها "من أنا؟" الجزء الثاني من ر...