8-دروس في التعامل ولقاء اصدقاء الطفولة.

25 10 1
                                    

ذكر:{وكل أخذه بذنبه}
حكمة:العفو يصلح الكريم ويفسد اللئيم












لم تكن المهمة سهلة بالنسبة لتليلا، فبينما هي تسير قاصدة جانب الطريق المليء بالعربات المثقلة بالخضر أوالفواكه أو حتى الاواني المنزلية ومواد التنظيف، شعرت بالحرج بسبب النظرات المستغربة التي احيطت بها من كل جهة، شعرت انها فقيرة مسكينة ومثيرة للشفقة،ولم يكن في رأسها أفكار مشعة ومحفزة كوجود أعمال أسوء ظروفا من هذه، اوكون مبارك وتلك الفتاة هناك والكثيرون غيرهم اصغر سنا منها قد مروا بما تمر به الان او الاسوء، او ان الذل والحرج التي تعانيه الان هو بمثابة الصبر والجهاد الذي تحدتث عنه كنزة والذي هو من ظروريات اي عمل خاصة في البداية، للأسف صديقتنا لم يخطر على بالها اي فكرة من هذه الافكار بل كل ما كان يفعله عقلها هو لعن مبارك بدون توقف، المارين البالغين والمسنين لم يكن في استطاعتهم سوى مضايقتها بالنظرات المستنكرة والمذققة كأنها كائن غريب، وحتى الذين يعروفون خالتها واخيها لم يوجهوا ولو كلمة واحدة نظرا لمعرفتهم المسبقة بوقاحتها وقلة تهذيبها، اما الاطفال الذين لم يكفو عن ازعاجها والضحك عليها بصوت مرتفع كأنها قرد سيرك، هؤلاء واجهتهم تليلا بالسب والشتم ولو لم تكن محملة بقطع الكعك لطاردتهم وأفرغت فيهم غيضها وعجزها

وحتى عندما وصلت للمكان المنشود شعرت بالانزعاج من الاصوات الصاخبة التي يصدرها البائعون هنا وهناك ومن ضجة المشترين والمارة، كان المكان وكأنه سوق صغيرة، لذا كان اهل الحي يسمونه (بالسويقة)، وهذه الاخيرة هي التي غزت (التيران) المجاور بدون وجه حق، والذي أصبح قابلا للاستعمال فقط في فترة الصباح قبل ان تبدأ (السويقة) عملها، شعرت تليلا كأنها حجرة عثرة أمامهم، فما ان تقف كالعمود في رقعة ما حتى ينبهها شخص او بائع ما انها تسد الطريق، حتى الاطفال والقطط أزعجتهم، ناهيك عن الضغط الكبير الذي تعانيه نتيجة النظرات والتمتمات الموجهة نحوها وحولها، هذا جعلها تزداد تحفزا ليس للعمل بل للشجار والصراخ والعراك، شعرت أنها كائن زائد لامكان له وغير مرغوب فيه، ولم تفكر مثلا ان المكان أصلا هو للعامة وليس لشخص محدد اي انها تمثل ارض الله الواسعة التي سمح الله لعباده بممارسة عملهم فيها بحرية و بعزة،وان مايفرضونه من حصار وضغط ما هو الا عادة يفعلها البشر هند انضمام اي فرد جديد في جماعتهم، وصدقت المسكينة احساس انها دخلت ارضا ليس لها حق فيها بل يملكها الناس المحيطة بها، وبسبب تصديقها هذا بقيت تليلا عالقة في هذه العقبة البسيطة تقدم قدما وتأخر أخرة

لو كانت استعانت من البداية بالله، وايقنت ان الله الذي خلقهم لايرى اي حرج مما ستفعله عكس ما حسسوها، لوفرت على نفسها كل ذلك التوتر والضغط، لكن رغم فشلها السريع في اول خطوة لها، قدم لها الله يد العون المتمثل في الفتاة الواقفة على الجهة المقابلة لها والتي كانت تبيع نوعا آخر من الحلوى

دَوَاخِلُ بَرَاعِمْ (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن