1- نظرات عابرة.. احداها ناقم والاخر غير مهتم.

424 33 27
                                    

ذكر: ربنا افرغ في قلوبنا صبرا وتبث أقدامنا

حكمة: المؤمن كالنحلة تأكل طيبا وتضع طيبا

•~•

•~•

•~•

في شارع مغربي أصيل... تتراص فيه البيوت جنيا الي جنب، حيث يخبرنا الشكل الخارجي لهذه البيوت عن الحالة المادية والاجتماعية لاصحابها...
المنازل التي تتوفر علي ابواب خشبية منحوتة ومدهونة بزيت الصباغة توحي بالحال الميسور وكذلك الابواب الحديدية المصبوغة بالالوان الزاهية وما يميز هذه الاخيرة إحاطتها بعتبات عبارة عن درجة اودرجتين او ثلاث تضيف هذه اللمسة جمالية الى المنزل وترفع من قدره مقارنة بجيرانه...أما الابواب الحديدية الصدئة... والمقشّرة صباغتها... والمليئة بالثقوب تعكس اوضاع سكانها الصعبة والهشة... ورغم هذا الاختلاف المتباين بين مساكن هذا الشارع الا انهم وكما يبدو متفقين على جعل هذا الاخير الأكثر نظافة وبهجة مقارنة مع باقي الشوارع المجاورة... غابات وطبيعة وبحر وأسماك وورود وغيرها مرسومة علي جدران الحي الذي جعله شبابه الرسامين اسم علي مسمي.... "حي الربيع"....
رغم أنه اذا نظرت عن قرب ستكتشف ان الايادي الراسمة مجتهدة وغير محترفة كما ان طبيعة الجدران الخشنة صعبت من المهمة... لكن ذلك لم يردعهم عن الرسم واذا دققت النظر أكثر سترى ايضا خربشات لطيفة من صنع أيادي اطفال الحي المصرّين علي طبع بصمتهم الخاصة والطفولية...
والاكثر روعة من كل هذه الرسومات هو صف الاحواض النباتية المتوزعة بالتساوي امام المنازل....

وفي احد البيوت التي تمتلك بَابين، باب حديدي اسود خارجي مشبك... واخر حديدي داخلي مطلي باللون البرتقالي... تقطن فتاة في الخامسة عشر من عمرها تدعى"كنزة"...
وبما ان الساعة الان هي الثامنة صباحا فإنها وكما العادة تطل على النافدة الخشبية المحاطة بشباك حديدي اسود علي شكل منجل...
حيث كانت ترتدي شالا زهري قطني كثيف... هذا الاخير معروف ومتداول عادة من طرف النساء الدغربيات التقليديات...حيث ان نسيجه الصوفي يبعث عن الدفئ...ومن غير المناسب ابدا ارتداءه في فصل الصيف هذا..
بكن ربما "كنزة" تحبه لا أكثر....
في الواقع هذا الشال خاص بوالدتها الطيبة"السيدة ياسمين"، لكن "كنزة" وقعت في غرام الكريات القطنية الناعمة والمغرية للمس التي تتدلى فقط من هذا النوع من الشالات... لم تقاوم الاغراء واستولت عليه حتى افقدته كريتان بسبب كثرة العبث بهما...

كانت كنزا تستنشق هواء الصباح المنعش..
لفت انتباهها صوت مميز لمواء قطتها المفضلة (الكُحَيْلة)، ابتسمت كنزة باشراق وسارعت لارتداء قميص أسود يصل الي ما بعد الركبتين وانتعلت الصابو الزهري القطني... ارتقت الدرجات بخفة و بدون اصدار اي ضجة فتحت الباب الحديدي الاول ثم الثاني...
واستقبلت القطة المنتظرة لهبوطها بفارغ الصبر... ومباشرة اتجهت يداها لتداعب الفرو الناعم الذي يسوده الزغب الاسود القاتم الجذاب والمزين ببقع بيضاء واخرى شقراء حيث وقعت كنزة بهذا الملمس الناعم من اول نظرة لكن هذا لم يكن السبب الوحيد لاستمرار"كنزة"بالربت علي ظهرها وعنقها... بل هي مجبرة علي ذلك!!.... لان من مساوئ تلك القطة بالذات صوت موائها الانثوي الحاد جظا و القادر علي ايقاض كل سكان حي الربيع وليس فقط عائلتها... خاصة عندما تقابل صاحبتها التي تغدق عليها بالطعام اللذيذ... والوسيلة الوحيدة لاسكاتها مؤقتا هو مداعبتها خاصة في أسفل عنقها...بدأت القطة بالضجر من اللعب فهي بالطبع لم تأتي لمداعبة يدها... فهمت كنزا اشارتها وانطلقت الى المطبخ بعد ان تركت القطة تقف على عتبة الباب واضطرت لترك البابين مفتوحان بسبب نظرات القطة الخائفة من ان ينغلق احدهما فجأة وتُحبس فى المنزل....
مع جهلها حقيقة ان صوتها وحده كاف لإثارة الانزعاج الموجع لكل انسان... سبحان من أعطاها هذا الصوت الفريد !..

دَوَاخِلُ بَرَاعِمْ (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن