9-شجارات اخوية وزيارة مفاجئة من الحماة.

25 11 1
                                    

ذكر:{ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم آذانلايسمعون بها ولهم اعين لايبصرون بها}
حكمة:العبد حر اذا قنع والحر عبد اذا طمع

تأهبت تليلا للمغادرة دون قول اي كلمة لكن أوقفها صوته الخافت القائل:
"كيف حالك بعد كل تلك المدة"

توقفت ملتزمة الصمت وكأنها ترد له مافعله بها منذ لحضات، ثم أجابت دون تنظر اليه:
"بخير، وانت؟ "

"بخير، الحمد لله"

كانت تليلا ترغب في ان تودعه على الفور، لكنها وجدت نفسها تقول:
"ماذا حدث لك بعد غادرت ذلك المكان"

"بقيت فيه حتى توفيت (مي زهرة) رحمها الله، وكان عمري حينها أحدى عشرة سنة"

لم تستطع تليلا ان تخفي الذهول الظاهر في صوتها:

"ظللت هناك أكثر من ثلاث سنوات من بعد رحيلي، كيف استطعت تحمل ذلك؟ "

"فعلت كما فعل الكثيرون مثلي... كما ان (مي زهرة) رحمها الله كان خير سندا وعون لي حينها"

أومئت موافقة وقد تذكرت العلاقة القوية التي ربتطه بتلك المرأة البشوشة، كانت تحبه وتعزه أكثر من أي طفل آخر في الدار،وكان هو الطفل الوحيد الذي لايمل من الجلوس معها والاستماع لحديثها عكس بقية الاطفال الذين كان اغلب يومهم عبارة لعب ومرح في الشارع.

"رحمها الله،كانت امراة طيبة،وماذا فعلت بعد ذلك؟"

باختصار شديد اجاب:
"عشت فترة من التشرد حتى بعث الله لي امرأة طيبة أخرى تكفلت برعايتي وببنتين اعتبرتهما كأخوات لي، وبقيت على تلك الحال حتى هذه اللحظة"

لم تجد تليلا ماتقوله وشعرت بغيمة من الثقل والكآبة توضع على صدرها، كأنها في جعبتها الكثير لكن لن تستطيع الافراج عنه.

كانت عيناي مبارك تتفحصانها وتعرضان مئات الصور الخاصة بها والمخزونة في ذاكرته القوية، كانت بالفعل فتاة مشاغبة لا أحد يقدر علي لجم عنفوانها حتى (مي فاظنة) المعروفة بقسواتها وعنفها عجزت عن التعامل معها، لم تكن تليلا او الطفلة الحديد كما كان يسميها تتأثر بالضرب المبرح الذي تتعرض له كل يوم، والذي يسمع فيه صراخها المدمي للقلب على كل الغرف الارعة التي كانت تشكل ذلك الدار، وحتى نظرات الشفقة لم تكن تتقبلها فما ان تستيقظ حتى تعود من جديد لما كانت تفعله وكأنها هاتف يخلص شحنه بالضرب ويعاد شحنه عند حلول يوم جديد،عندما احضرتها ياسمينا عندهم شعر ان عليه حمايتها والتخفيف عنها خصوصاو انها كانت دائما ماتنزوي حول نفسها ولاتتكلم مع اي شخص،غالبا ماكانت تثير عاطفته بافعالها فبدأ بالتقرب منها شيئا فشيئا حتى فك هالة الانغلاق التي فرضتها على نفسها وتجاوبت نعه واعتادت عليه حينها شعر برابطة مثينة تتكون بينهما، وازداد تعلقه بها يوما بعد يوما، وهي بدورها لم تكن تستمع من اي أحد سواه ولا تطيع غيره، هذا جعل المسؤولية الملقاة عليه أكبر، فطفل في العاشرة من عمره بالكاد يهتم بنفسه خاصة في ظل غياب الوالدين والعائلة، لكن بالنسبة له فقد استطاع تحمل مسؤولية نفسه ومسؤوليتها أيضا، وكان سعيدا جدا حينها، ولم تبخل عليه (مي زهرة) رحمها الله بتقديم الدعم والمساعدة له، وكم تركت فراغا كبيرا عندما اتى اناس غريبون وانتزعوها من رعايته بكل عنف وقسوة، لم يخرجه من حالة الحزن الذي كان فيها سوى بآيات القرآن التي كانت (مي زهرة) ترددها على مسامعه

دَوَاخِلُ بَرَاعِمْ (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن