شَقاء..
(Flash back)
خُطُواتٌ سَريعة لِصاحِب السِتةِ أعوام،يَجول في مُنتَصف اللَيل تِلك الغابةَ التي إكتَضّت بِالحَشائِش و الأشجار الكَثيفة،يُدَندِن بِألحانٍ تَحت نُورِ القَمر بِبَرائة و صَوتٍ طُفولي
"نَم أيُهالفَتى،و إلا إفتَرسَك الوُحوشُ المُتَعَطِشونَ لِِدِمائِك.."
كَلِماتٌ أقسَى مِن أن تُلفَظ عَلى لِسان طِفل،يَتسائل السامِع عَن مَن زَرعَها في عَقلِه،لَكن هَل تَسائل أحدٌ عَن سَبب غَرسِها في قَلبِه؟
يَتَجِه ذَلِك الطِفل نَحو والِدَتِه،مُرتَمِيًا في أحضانِها بِحَنان،بادَلَتهُ العِناق ماسِحةً على رأسِه بِعَطف
-فَقط لِو كانَ والِدُك يُشاهِدُك و أنتَ تَكبَر..فَقط لَو لَم تَقتُلهُ تِلك المَخلوقاتُ المُتَوَحِشة..
-أُمي،مَن هؤلاء المَخلوقات؟
-لا شأن لَك!!
فارَقت تِلك الكَلِماتُ ثَغرَها بِنَترةٍ و قَسوة،أخفَض ذَلِك الطِفل البَريء رأسَهُ و الحُزن يَأملَؤه،عَضت الأُم على شَفَتَيها و هي تَقول
-أسِفة..لَقد إنفَعلتُ قَليلًا،إنَهُم مَخلوقاتٌ مُخيفة لا غَير،أما نَحن،فَلَسنا إنمَا طاهِري القَلب نَجهل مَصيرَنا،لا أحد وُلِد و قَلبُه مُحَملٌ بِالسَواد..
-أنتِ رائِعة يا أُمي!
قَهقَهت بِخِفةٍ و عَفَوِيةٍ بِرِفقةِ صَغيرِها..
لا شَيء يُعادِل أن تَكونَ مُمتَلِئًا بِنَفسِك،مُحاطًا بِالأشياءِ اللتي تُحِب،غارِقًا فِي عالَمِكَ الصَغير..
جَميعُنا لا نُريدُ أن نَفقِد عالَمنا الصَغير هَذا..
قاطَع قَهقَهتُهما وَقعُ خُطُواتٍ صَخب،كَعِدةِ أُناسٍ يَخطونَ في آنٍ واحِد،أردَفت الأُم بِذُعرٍ شادةً صَغِيرَها إلى أحضانِها
-لالالا!مُستَحيل!نَحنُ نَعيشُ في مَنطَقةٍ خالِيةٍ مِن أي بَشرٍ كان!ماذا أتى بِهم إلى هُنا؟
مَدَت رأسَها تُراقِب في ثُقبٍ صَغيرٍ نَتج عَن قِدَم المَنزِل الخَشَبي و إهتِرائِه،تَوَسع بُؤبُؤها فَور إلتِقاطِها حَشد البَشر المُتَجِهينَ نَحوَهُم بِغَضب حامِلين العيدان الخَشَبية المُشتَعِلةَ!
أخَذَت بِيَد صَغيرِها ناهِضةً بِسُرعة،أبعَدت تِلك السِجادةً المُهتِرِئة حَيثُ ظَهر بابُ سِردابٍ مَخفي،فَتحَت باب السِرداب نازلَةً بِرِفةٍ صَغيرِها،رَكل أحدُ السُكان الباب كاسِرًا إياهُ بِقٌوة،لَمح فُستانَها الأبيَض الذي عَلِق بِمِسمارٍ و هي تُحاوِل النِزول،تَمَزق فُستانُها الحَريري راكِضةً مَذعورة،فَشتى هَمُها هُو حِمايةُ صَغيرِها مِن هاؤلاء الوُحوش،صوتُ وَقعِ خُطُواتٍ يَقتَرِب،نَطَقت بِسُرعَةٍ و خِوف
-هوسوك!بُنَي!إذهَب!أُهرُب مِن هُنا!إن البَشر وُحوشٌ لا تَرحَم!أُهرُب!أُهرُب إلى أبعَد الحِدود!إياك أن تَبقى!هَذا العَالَم قاسٍ!
لَم يَستَوعِب ذَلِك الطِفل جامِدًا مِكانَهُ يأبى الحَراك،دَخل مَجموعةُ مِن الناس بَعضُهُم مَن يَحمِل السِكاكين و الأخر مَن يِحمِل الأعواد المُشتَعِلة،وجَه أحدُهم القَوسَ نِحو الطِفل مُصيبً إياهُ بِسَهمٍ في ساقِه،جاعِلةً مِنهُ عاجِزًا عَن الحَراك،أمسَكت الأُم بِصَغيرِها رامِيةً إياهُ بِقُوةٍ بَعيدًا مِن النافِذة،ما هِي دَقائِق حَتى أضرَموا النار في المَنزِل،كانَ مَنزِل هوسوك يَحتَرِق،و والِدَتُه تَموتُ حَرقًا أمام عَينَيه،طِفلٌ عاجِزٌ لا يَقوى عَلى الحَراك،أينَ الشَفقةُ بِحَق السَماء؟
خُطُواتٌ مُتَسارِعة لا صَوتَ لَها فَقد خَطف سَريعًا مِن أمامِهم،صاحِب الشَعرِ الأبيَض كالثَلج و العَينَينِ اللتي أخذت لَونَ المُحيط العَميق الأزرق،حامِلًا هوسوك بَينَ ذِراعَيه،آخٍذًا إياهُ إلى كَهفٍ رَطِبٍ و مُظلِم،جاعِلًا مِن البَرد مَقرًا فيه
كانَ مُصابً و يَنزِف بِشِدة،كانَ جَسدُه الضَعيف و الصًغير يَرتَعِش بَردًا في أيامِ الشِتاء القارِصة،ضَمَد جُرحَه نازِعًا اليوكاتا خاصَته،واضِعًا إياه عَلى كَتِف الطِفل البَريء،لَقد كانَ في حالةٍ يُرثى لَها..
.
حَلّ الصَباحُ و أشرَقت الشَمس،فَتح هوسوك عَينَيه المُتعَبتَينِ التي لَم تَذُق الراحةَ لِلَيلَتين،أذابَت أشِعةُ الشَمس،تِلك الثِلوج الكَثيفة،صَوتُ فأسٍ يُضرَبُ بِالحَطب،هُو لَم يَرفَع جَسدَهُ أو يَتحَرك،فَقط كان عاجِزًا..
دَخل صاحِب الشَعرِ الثَلجي و العَينَينِ الزَرقاوَتينِ الاتي تَحمِل أسرارًا في أعماقِها
-اوه..لَقد إستَيقَضت أخيرًا،كُنتُ قَلِقًا مِن أن تَموت و أنتَ عَلى هَذا الحال
تَسائل بِنَبرَتِه الطُفولِيةِ الرتجِفة
-مَن أنتَ أيُهالشاب..؟أينَ أُمي..؟
تَجاهَل سُؤالَهُ رامِيًا إليهِ لُفافَةَ خُبزٍ تَحتَوي عَلى اللَحم الطازَج الساخِن،أمسَكها بِحَذرٍ
-يَبدو أنكَ لَم تأكُل شَيئًا مُنذُ مُدة،أنتَ نَحيلٌ لِلغاية،كُل،و سأُجيب عَلى كُل أسئِلَتِك
لَمعَ مِحجَريهٍ العَسَلِيَين كَمَن فارَق الطَعام لِمُدة،إبتدأ يأكُل بِشَراهة،حَتى أنهُ كانَ يتخَنقُ كَثيرًا
-هوي!عَلى مَهلِك!
جَلس ذَلِك الشَابُ أمام هوسوك،فور إنتِهائِه مِن طَعامِه،صَرخ هوسوك بِعَفَوٍيةٍ و إنذِهال
-لَذيذ!
-ماذا تَقصِد..ما أكلَلتَهُ هُو لَحمُ الضأن مَشوِيٌ بِلى تَوابِل..
-إنَه ألذُ ما تَذًوَقت!
-حقًا..
-مَن تَكون..؟
-أنا كودو،لَقد وِجدتُك تَحتَضِر في الغابةِ أمام مَنزِلك المَحترق،لَقد نَجوتَ مِن المِوتِ بِإعجوبة،و والِدَتُك قَد ماتت عَلى يدِ البَشر،ضَحَت بِنَفسِها لِأجلِ أن تَعيش،يَجِب أن تَكون مُمتَنًا لَها،لَيتَني إستَطعتُ دَفنَها لَكِنَها تَحوَلت إلى رَماد..أسِفٌ لِهَذا..
لَحظاتٌ مِن عَدم الإستيعاب،حَتى إنفَجر يَجهَش بِالبُكاء بِصَوتٍ عالٍ
كودو-هَوِن عَليك،بُكاؤك لَم يُعيدَها،كُنت أُراقِبُكم لِأيام..إنها تُحِبٌك حَقًا يا هوسوك
هوسوك-تُراقِبُبنا..لَكِن..لِماذا..؟
كودو-كُنتُما عائِلةً مُتماسِكةً تَبعث السَعادة،تُشعِرُني بِدِفءٍ لَم أحظى بِه لا أكثَر..
هوسوك-أنا..لا أفهَم..
كودو-سَتفهَم حينَما تَكبَر،والأن فَكِر بِإستِعادةِ ثأرِها!
-أُمي..
صِرخ كودو
-أجل!
-انت مُحِق..سأستَعيد ثأر أُمي!سأُلَطِخ يَدي بِالدِماء لِأجلِها..هَاؤلاء البَشر..وُحوش!سأُصبِح أقوى!أقوى مِن الجَميع!
-روحٌ مَنعِوِية!كلامٌ غَريبٌ لا يَصدُر مِن مَن في عُمرِك..أنتَ تُعجِبُني!لِذا،ما رأيُك بِإتِفاق!
-إتِفاق..؟
-أجل،سَأُساعِدُك بِان تُصبِح أقوى،عَن طَريق دَس لَعنةٍ بِك!حاوَلتُ أن أدُسَها في نَفسي لَكِن وَقفت أهدافي في طَريقي،ما رأيُك؟
-لَكِن..أ لَيس ذَلِك مُؤلِمًا..؟
-لالا!سأُحاوِل جاهِدًا أن أُخفِف الألم!
-حَ..حَسنا..
صَرخ قافِزًا
-عَظيم!
حَسنًا،إستَغرَق الامرُ إسبوعًا تَقرِيبًا،حَتى دُسَت اللعنةُ في هوسوك بَعد عَذاب،كانَ كَشعورِ مُفارقةِ الرُح لِلجَسد،شَهِد كودو أكيمارو لِلمَرةِ الأُولى،كانَ مُخيفًا!كَلِمةٌ لا تَفي بِوَصف كَم الرُعب الذي إحتَواه
أكيمارو-مِن العار أن تَدُس لَعنةً قَوِيةً مِثلي في جَسد طِفل..
أردَف كودو بِصوتٍ راجِف
-سَيِدي..آمُل أن تَضع خَتمَك و تَقبَل بِه حاوِيًا رُوحَك العَظيمة!
اكيمارو-لا يَهُم..
أدخَل ظِفرِهُ الحاد كالسِكين في إصبِعِه،جاعِلا مِن دِمائِه كالحِبر،طابِعةً عَلى رَقبةِ هوسوك
"الألم"
كودو-ألم..؟
أكيمارو-لِماذا لَم تَجعَلني أستَحوِذ عَلى جَسَدِك أيُهالجَبان؟
قَهقَه بِخِفةٍ و هو يَقول
-أعتَذِر عَما سأقولُه الأن،لَكِن قُوَةُ شَيطانٍ مُرعِبٍ مِثلِك،لَم تُضاهي الألفابيل!ذَلِك الطِفل،سَيكون مِفتاحي لِلنَصر!
اكيمارو-يالَك مِن حُثالة..
...................................
لَاقَيتُك و ما كُنتُ لِالقاك،تَمشي و الإملاقُ قَد أثقَل مَمشاك..مَرآكَ مِرآةٌ لِلبُؤس و الشَقاء..فَأنى لَك بِهَذا النَقاء؟
..............................
_________________________________________
بارت فلاش باك عن شخصية هوسوك😂💥
رأيكم؟
تجاهلوا الأخطاء الإملائية💜
أنت تقرأ
Dusk light|نُورُ الغَسَقْ
Fantasyماذا لَو فَتحتَ عَينَيك الغائِرَتين في وَضح النَهار و أمسُكَ كانَ ماطِرًا؟ تَستَيقِض في مَكانٍ نَقيضٍ عَن سابِقه،في زَمانٍ و مَكانٍ مُختَلفين،ماذا سَتفعَل؟ تَبدأ قِصةُ بَطلَتِنا بَعد سُقوطِها في بِئرٍ عَميقٍ فَتكتَشِف أنها في زَمانٍ مُختَلِف عَن ساب...