(Save me..)
..
(بعد سَنة)في أحد أيام أكتوبر،تَضارَب الجَوّ بَين الغائِم و المُشرِق،تَارةً تَشِع الشَمس و تُنير الغابة،و تُغطي الغِيوم اللتي تَبدو كالقُطن الرَمادي السَماء تَارةً أُخرى.
وَقف هوسوك وَحيدًا،أمام قَبر أخيه اللذي أبى التَوقُف عَن زِيارَتِه مُنذُ اليوم اللذي سانَده الجَميع
نَهض تارِكًا زُهور النِسرين اللتي تَميَزت بِلَونِها الوَردي أمام قَبرِه
عادَ أدراجَهُ حَيث كانَ يَجلِس وَحيدًا في الغابة،بِجانِب تِمثالٍ قَد مَر عَليه الدَهر،غَطت عَليهِ بَعض الطَحالب بِسَبب كُثرةِ الأمطار،تَربَع فَوتَه غَير مُهتَمٍ لِنَظافةِ مَلابِسه،رَسم إبتِسامةً عَريضةً عَلى مَحياه و هُو يَسأل نًفسَه
"مَتى سَتُشرِق الشَمس..؟"
كَيانٌ صَغير قَد خَرج مِن خَلف أحد الأشجار،إذ كانَت تِلك صاحِبةٌ العَينَانِ الزُمرُدِيتان،و الشَعر البُني القَصير اللذي أخذ في أطرافِه لَون العَسل الساحِر،إبتَسمَت مُلَوِحةً بِكَفِها الصَغير
إبتَسم هوسوك مُحدِثًا نَفسَه بِصَوتٍ مَسموع
-يَبدو أن الشَمس قَد أشرَقت..
-ماذا تَعني..؟الجوّ لازال غائِمًا..أيضًا ماذا تَفعَل في هَذا المَكان الجَميل؟
تَسائل مُتعَجِبًا
-جَميل!؟أُنظُري إلى هَذا التِمثال اللذي مَرّ عَليهِ دَهرٌ مِن الزَمن،و الجَوّ غائِم..
-تِلك هِي الأجواء الجَميلةُ بِالنِسبةِ لي
-حَقًا..أ تَعلَمين،أنا أُحِب تِلك الشَمس المُشرِقة،أللتي أنارَت عَتمَتي في هَذا اليوم الكَئيب
أشار بِإصبَعِه السَبابة نَحوَها غامِزًا بِخِفة،إرتَسمَت مَلامِح السَعادةِ عَلى وَجه ميدوري،رَفعَت ذِراعَيها و هِي تَصرُخ
-تَعال إلى هُنا!!
قَهقَه بِخِفةٍ و هُو يَقول
-و ماذا سَتفعَلين؟
عَقدَت حاجِبيها و هِي تَقول
-ما هَذا السُؤال السَخيف..؟
-سُؤالٌ وَجيه..لِماذا أنتِ هُنا..؟لَم نَلتَقي مُنذ زَمن..لَقد هَجرتُكم دون سابِق إنذار..أ لا تَزالين..مُتمَسِكةً..بي؟
-كُف عَن الثَرثَرةِ و تَعال إلى أحضاني و إلا سأكسِر رأسك الفارِغ هَذا!!
تَسائل هوسوك مَصدوما
-أ هَذا..تَهديدٌ..مِنكِ؟أنتِ..لَقد..تَغيَرتِ..هَل أصبَحتِ أقصَر!؟
رَمَت ميدوري خَشبةً حيث كادَت تُصيب هوسوك،صَرخَت بِقُوة
-كَم أنتَ لَئيم!
-إهدَئي يا فَتاة..لَقد تَغيَرتِ حَقًا..أعني..شَعرُكِ..هَل غَيرتِي قَصة شَعرِكِ..او رُبما..تَصرُفاتُكِ..؟
قًفز مِن فَوق التِمثال عالي حيث وَطأت قَدماهُ الأرض،وَقف مُقابِلًا مَلامِحها المَليئة بِالإشتِياق،أمسَكت بِياقةِ مَلابِسه و قَد بانَت مَلامِح الغَصب عَليها،او رُبما العِتاب
-أ تَعلم ما اللذي خَلفتَه بِرَحيلِك..؟قُلت بِأنك سَتتجَول قَليلًا..ثُمَ إختَفيت!يومَين..ثَلاث..أكثر!بَحثنا عَنك!و أنت..لَم تُفكِر كَم القَلق اللذي شَعرنا بِه..ألالم اللذي زَرعته في نَفسي..أخلَفت كُل وُعودَك..تَركتَني وَحيدة..لَم أُسامِحك أبدًا يا هوسوك!!لِذا..عِقابًا لَك..سأتمَسك بِك و أجعَلُك تَمل مِن وَجهي هَذا!
أشاح بِناظِريه و هُو يَردِف بِبُرود
-في اليوم الذي قَررتُ فيه تَركَكُم،قابَلت كودو،و هَدد..أعني أنهُ قالَ أشياءً جَعلَتني عاجِزًا..لِذا..هَربت،في سَبيل جَعلِكُم في مأمن!
-أنا لا أُريد أن أكون في مأمن!أُنظر إلى نَفسِك!!ما خَطب تِلك العَلامات عَلى وَجهِك!؟هَل أصبَحت أكثَر نَحافة!؟وَجهُك شاحِب!و بَريق الأمل في عَينَيك..قَد تَلاشى تَمامًا..ما اللذي..غَيرك..؟
حاوَل الإبتِسام إذ بِمَلامِحه أخذت بِاببُرود و اليأس،أجاب بِهُدوء
-يَبدو أنني..لا أستَطيع الإبتِسام حَتى..حاوَلت أن أُصبِح أقوى..أردت..أن أحميكُم..
-وَنحن..أردنا أن نَحميك!لِذا عُد إلينا!..لا تَنسى وَعدك لِشينا!لا..وَعدنا!!عَلين أن نُخلِص هَذا العالَم مِن الأذى!..أريد..أريد أن أرى السَعادة في مَحياكُم جَميعًا مِن جَديد..لِذا..دَعونا نُكمِل مُهِمتنا مَعًا..
-لا..لَم أعود..سأكون خَ__
هُو لَم يُكمِل كَلِماتِه حَتى فَقد ظَهر جبمين مِن خَلف الشُجيرات راكِلًا هوسوك بِقُوة،أردَفَت أكينا مُوَجِهةً سَيفَها نَحو عُنقِه و هِي تَقول
-نَحنُ لَسنا هُنا لِلتَوسُل،ستأتي مَعنا شِئت أم أبيت،و تُكمِل وَعدنا رُغمًا عَنك،و إن رَفضت،و حاوَلت المُقاوَمة،فسأقتُل ميدوري!
صَرخَت ميدوري
-إن كُنت تُريد مِني أن أبقى حَية،فَإنضَم لَنا
-لا أهتَم..
أردَفت نامي بِغَضب
-هَذا قاسي!
إلتَفًتت ميدوري و هِي تُناجي بِنَبرةٍ مَسموعة
-إذًا أكينا هَل أستَطيع غَرس سَيفي في الألفابيل و قًتل ذاتي و تَدميرَها في آنٍ واحِد؟أنتِ تَعلَمين أنني أُريد أن أموت جَيِدًا!نَعم أنا سأموت!!ميدوري سَتموت!
نَبرةٌ خافِتة قَد صَدرَت مِن هوسوك
-فَقط إخرَسوا و لِنَعُد..
صَمت الجَميع حيث بانَت مَلامِح السَعادةِ في مَحيا الرِفاق
سَحبَت ميدوري هوسوك إلى أحضانِها الدافِئة ماسِحةً عَلى رأسِه بِهُدوء،داعَب النَسيم خُصُلاتِ شَعر هوسوك الفاحِمة،إتَسع بُؤبؤ هوسوك فَقد كانَ مَصدومًا..
"تَخلَيتُ عَنكُم بِبَساطة..و الآن..أنتُم فَقط..مُتمَسِكين بي..لِماذا..؟"
حَدث هوسوك نَفسَه بِنَدم..
مَد هوسوك يَداه لا شُعورِيًا مُحيطًا خاصِرَتي ميدوري،الراحة،الأمان،شُعورٌ يَفتَقِر قَلبُ هوسوك قَد لامَسه..
الكَذِب و الصِدق وَجهانِ لِعُملةٍ واحِدة،و ما يَجمَعُهما هُو الألم..
صوتُه العَميق قَد تَخلل مَسامِع ميدوري
-أنتِ مَن جَعلتِني أتمَسك بِهَذا الجَحيم حَتى الآن..و أنتِ مَن علَمتِني رَسم تِلك البَسمة..أنا فاشِل في إسعاد نَفسي..لَطالَما كُنت كَذلِك..لَكِن وُجودُكِ..أنار عَتَمتي،فَجري و غَسقي،كُنت مَنبوذًا..مِن الجَميع..إلا في ذَلِك اليوم،اللذي عالَجتِني فيه..لَم تَخافي مِني..تَهربي او تَلعَنيني،حَتى بَعد مَعرِفتِكِ بي جَيدًا..هَذا كُله..قَيّم بِالنِسبةِ لي..ميدوري..كَلِمةُ أُحِبُكِ قَليلةٌ بِحَقِكِ..
أجابَتهُ ميدوري بِصَوتِها اللذي تَلاعَب بِأوتار هوسوك
-لَم تَكون وَحيدًا أبدًا بَعد اليوم..فأنا سأبقى مَعك..مِن الفَجر حتى الغَسق..لا..بَل طُوال الوَقت..لِماذا؟لَيس لِأنني واقِعةٌ في حُبِك فَقط..بَل لِأنني أُقدِر كُل حَرفٍ نَطفتَه بَعث السَعادةَ و الأمل في روحي!
إشتَد عِناقُه عليها..و إشتَد الشَوقُ في فُؤادِها،جَثى عَلى رُكبَتيهِ بِضُعف..
أحيانًا..قُوتُك لا تَكمُن في جَسدِك..بَل في روحِك..
لِنَقُل أن تِلك المَقولة تَنطَيِق عَلى بَطلينا..
لا تَحزَن..فأي شَيءٍ تَفقِدُه يَعود إليك بِهَيةٍ أُخرى..
الوِحدة،الألم،اليأس،الحُزن،لا يَشفيها إلى دِفئٌ و حَنان..
حَدث هوسوك نَفسَه
"رُبما ءأعتَرِف..أنني أنا مَن يَحتاج لِإنقاذ و لَيس هي..هي قَوِية،جَميلة،مُشرِقة،هي الوَحيدة،اللتي أستَطيع الإستِناد عَليها في حين سُقوطي.."
إبتَعد هوسوك حيث وَجعَت ميدوري كَفها عَلى وَجنتا هوسوك و هِي تَتسائل
-لِماذا..تِلك الهَلامات..او..الأورِدة..ما هَذا؟
أجاب بِلى مُبالا
-حاوَل أكيمارو السَيطرة عَلي،فَقاوَمت بِشِدة،فَقدت الوَعي و حينَما أفقت،كانَت عَلى وَجنَتاي،أضُنها جَميلة في الواقِع و لَيس مُخيفة
نَبرةُ ماتسودا القَلِقة إختَرقت مَسامِع هوسوك
-أحمَق!إنتَبِه لِنَفسِك!
ضَحِك بِخِفةٍ داعِكًا مُأخِرةَ رأسِه
سألت ميدوري نَفسها
"لِماذا..تَرسُم تِلك المَلامِح؟..بَينَما تَصرُخ عَينَيك طالِبتين النَجدة؟.."
_________________________________________
تجاهلوا الأخطاء الإملائية♡..
أنت تقرأ
Dusk light|نُورُ الغَسَقْ
Fantasyماذا لَو فَتحتَ عَينَيك الغائِرَتين في وَضح النَهار و أمسُكَ كانَ ماطِرًا؟ تَستَيقِض في مَكانٍ نَقيضٍ عَن سابِقه،في زَمانٍ و مَكانٍ مُختَلفين،ماذا سَتفعَل؟ تَبدأ قِصةُ بَطلَتِنا بَعد سُقوطِها في بِئرٍ عَميقٍ فَتكتَشِف أنها في زَمانٍ مُختَلِف عَن ساب...