فأذاقني النجوى
ــــــــــــــــــــــــــــــجلس متربعًا على أرض الغرفة ذات الجدران الزُرق يتداخل معها اللون الأصفر بأشكال زخرفية وتملأ الحيطان صور كرتونية شهيرة، جلس ممسكًا بسيارة الشرطة الصغيرة ذات اللون الأحمر والأسود بين كفيه الصغيرتين يحاول للمرة الألف أن يجعلها تعمل مرة أخرى ولكن تأتي النتيجة ككل مرة بلا فائدة، أخرج البطارية من قلب السيارة ثم أخذ يضربها أرضًا وهو ينفخ بها ويعاود ضربها مقتنعًا بأنه سيعيد تشغيلها ما إن يضربها، فهو دائمًا ما يستمع لخاله وهو يحدثه بمرحه المعتاد بأن الفتيات لا يسمعن الكلام إلا إذا ضُرِبن ورأين العين الحمراء كما يُقال، وهذه بطارية أليس كذلك؟
بطارية... هي كلمة مؤنثة كما أخذها بالمدرسة... إذًا هي فتاة... إذًا فليضربها حتى تعمل من جديد وتعود سيارته المفضلة للسير.هذا ما فسره عقله الصغير الذي لا يتعدى العشر سنواتٍ وهو يعاود وضع البطارية بداخل السيارة ثم قام بإغلاقها وتشغيل الزر ولكن أيضًا نفس النتيجة... لا تعمل.
زفر بقوة وغضب حتى انتفخت وجنتاه الطفولية فأصبحت كحلوى غزل البنات الهائشة يشتهي ناظرها أن يلتهمها مباشرة، وحينما ضجر قذفها بكل قوته حتى ارتطمت بالطاولة الصغيرة ذات اللون الأزرق ونهض وهو يقطع الغرفة جيئًا وذهابًا.توقفت قدماه الصغيرتان عن السير وهو يشاهد باب الغرفة يُفتح ببطئ شديد باعثًا صوت مخيف، توسعت عيناه السود على آخرها بهلع وإذا به يقفذ مختبئًا أسفل الفراش الصغير خاصه، رآى من أسفل خط الفراش قدمين تقرعان الأرض ببطئ أرعبه ليضع كفيه على فمه يمنع شهقة مذعورة من الخروج، سمع صوت قرع الأقدام تتوقف فشعر بأن قلبه ستتوقف دقاته من فرط الرعب، ساد صمت مخيف فاسترق السمع ليتفاجئ بيدين ضخمة تسحبه من قدميه من الناحية الأخرى للفراش فصرخ بعلو صوته وهو يتلوى ويقاوم هاتين الذراعين بقوته الضئيلة ويرتعش كأرنب مذعور.
_ بقا أنا بلف عليك الأوضة كلها وانت مستخبيلي تحت السرير!!
ظل الصبي يقاومه بكل قوته حتى نطق أخيرًا بحنق بلكنته الأجنبية:
let me go, help! (!اتركني، ساعدوني)التوت شفتا أحمد بابتسامة ساخرة ليردف بتهكم: ولااا انت هتعملي فيها أجنبي، أصحى للكلااام، ده انت من شبرا يلااا
_ ياعم سبني بقا سبناااي.
ظل يضرب بقدمه ويقاومه حتى تركه أحمد ضاحكًا ليقلبه على ظهره ويقوم بدغدغته فصدحت ضحكات الطفل عاليًا: لاء بلاش زغزغه، بلاش والنبي.وأخيرًا قرر إعفاءه ليتركه وهو ينهض ويعدل من بذلته السوداء الأنيقة ليردف: ماشي هسيبك دلوقتي عشان مستعجل بس، يخربيتك نستني كنت جاي ليه!
اتجه أحمد للطاولة الصغيرة ثم التقط تلك العلبة وخبأها خلف ظهره بابتسامة واسعة ليقفز "مـهـد" وهو يصفق بيده قائلا: خالو خالو، جايبلي ايه يا خالو؟؟
أنت تقرأ
فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)
Romanceالجزء الثاني من رواية همسات العشق عشق يفوق الوصف، لتصبح همساته بلسمًا شافيًا لجروح الزمان. "فأذاقني النجوى" #للكاتبة/ فاطمة علي شاهين. بدأت الثلاثية في ٢٥/٥/٢٠٢١ انتهت في ٩/٩/٢٠٢٤