الفصل الرابع

1.9K 76 3
                                    

فأذاقني النجوى
ــــــــــــــــــــــــــــ

صرخت بوجع حينما هوت لطمة مدوية على وجهها منه، أمسكها من شعرها ليقول بغضب ناري: عايزة تهربي مني يابت، فكراني مش هعرف اجيبك.

سما بصراخ: سبني بقا حرام عليك، سيبني!!

لفّ ياسر خصلاتها على قبضته أكثر فزاد ألمها وزادت دموعها هطولًا ليقول بشر: كنت عارف إنك هتعملي حاجة غلط، لولا الراجل اللي متفق معاه قالي إنك لسه موصلتيلوش في الشقة، ولولا الراجل اللي موقفه يراقبك واللي مثل انه خليجي وهيوديكي السفارة وبعدها قالي إنك معاه مكنتش هعرف بعملتك السودا، ضيعتي عليا فلوس كتير بسبب غبائك.

قالها وانهال عليها بصفعات متتالية حتى خارت قواها ووقعت أرضًا تبكي بصمت ولم تعد توجد منطقة بوجهها إلا وتلونت باللونين الأحمر والأزرق، وسيلان الدماء من شفتيها وجفونها، زحفت بجسدها إلى زاوية الحائط وجلست تضم ركبتيها إلى صدرها تطالعه برعب وهو يصرخ مستكملًا: مش كفاية بسبب غبائك ده خسرت شغلي زمان في الداخلية، وبسبب غبائك بردو اضطريت اجي السعودية واعيش فيها واشتغل في المشبوه.

هنا نطقت سما بصعوبة: انت اللي مش راجل.

- اخرسي!!
قالها وهو يركلها بقدمه في جانبها لتصرخ بوجع وهي تضع يدها الدامية على جانبها وتطلق آهات متألمة.

ياسر بحقد: هسيبك هنا زي الكلبة، مفيش أكل ولا شرب هيدخلك، ويكون في معلومك كل يوم هتتصبحي وتتمسي بعلقة زي دي.

ثم جلس القرفصاء أمامها وهي تضم نفسها برعب كأرنب مذعور ليهمس بفحيح أمام وجهها: وريني هتهربي مني تاني ازاي، ويانا يانتي يا سما.

ثم نهض وخرج صافعًا الباب خلفه وما لبثت أن سمعت صوت المفتاح وهو يدور عدة مرات بقفل الباب لتعلم بأنها أصبحت سجينة تمامًا، وبعيدًا عن الوجع والألم الكامن بعيونها وقلبها الجريح، كان في عينيها نظرة جمود غريبة، نظرة تحدي وتصميم بأنها لن تستسلم له حتى وإن قتلت نفسها لتتخلص من شره، وحينما راودتها فكرة قتل النفس وجدتها فكرة مناسبة، بل رائعة!

نعم بالنسبة للوضع الذي باتت فيه فهي فكرة رائعة، استندت بكفيها على الأرض وزحفت على ركبتيها كطفلٍ يحبو، تضغط على شفتيها بقوة تكتم صراخها من آلام جسدها حتى وصلت إلى مكتب صغير بتلك الغرفة المغلقة، كانت الغرفة تشبه " البادروم " يخزنون فيه الخردوات وأي شيء لا أهمية له بالحياة، كانت توجد على الأرض مرآة محطمة من المنتصف فرأت صورتها مهشمة، عذرًا تلك ليست صورتها بل هذه هي سما، سما الضعيفة، نعم عاشت ضعيفة لسنوات لا تقوى أن تفتح فاها وتقول " لا "
لم تكن لتستطيع أن تنطق بهذين الحرفين فإن فعلت كانت ستنقلب حياتها لجحيم مستعر، هو بالأصل جحيم فهي ليست ناقصة لتزيد همها، هي أضعف من أن تقف أمامه وهي بعيدة كل البعد عن أهلها وحمايتها.

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن