الفصل الواحد والثلاثون

1.3K 68 14
                                    

فأذاقني النجوى
"مُحسن عبد المقصود!"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نظر لنصفه السفلي الذي يخرج نارًا فلم يعد يحتمل ليمسك الغطاء وقام برميه وكشف عن ساقيه...
بل ساقه.....!

تجمد براء في رقدته وشعر بالبرودة تسري خلال عموده الفقري، ابتلع ريقه بصعوبة وهو يغمض عينيه ويفتحهما مرات متتالية لعله يكون بحلم، لعله يحلم وسيستفيق الآن.
مد كفه ببطئ إلى ساقه اليمنى السليمة يتحسسها طوليًّا حتى وصل لقدمه، ثم انتقل للساق الأخرى ليتأكد من أنها مثل أختها، سار من فخذه حتى ركبته واستكمل لكن يده باتت فوق الفراغ!

تململت حور في رقدتها فوق الأريكة القريبة من فراشه بقلق، فتحت عينيها لتنتفض جالسة وهي تشهق بصوت مكتوم حينما وجده جالسًا ينظر لساقه، وجدته ينظر إليها بمعالم لم تتبينها، لكنها لم تفلت نظرة الصدمة في عينيه، حاولت التماسك ولم تسمح لدموعها بخيانتها وهي منتظرة لأي ردة فعل منه، حتى همس براء بصوت ضائع: ايه ده؟

نهضت حور من فوق الأريكة وسارت ناحيته ببطئ لتقول بصوت مرتعش مترجٍّ: ممكن عشان خاطري تهدى.

على صوت تنفسه ليهمس لها بارتعاش: هو.. ه هو أنا رجلي اتقطعت؟

اقتربت منه بحذر حتى توقفت أمامه، مدت كفيها لتحيط بوجهه قائلة بحزن: بسبب الانفجار، ده قضاء وقدر، أنت لازم تقبل بيه يا براء.

نفى برأسه وهو يبعد يدها عنه بذهول: لا.. أقبل.. أقبل بإيه؟ لاء مستحيل!!

حاولت أن تقترب منه مجددًا لكنه دفعها تلك المرة بقوة، اعتدل ووضع قدمه فوق الأرض لينهض لكنه لم يستطع، نظر إليها ليتحدث بذهول وقد تجمعت الدموع في عينيه: خلاص بقيت أعرج، خلاص مش همشي تاني!!

اقتربت منه سريعًا وحاوطت كتفيه لتهتف بلهفة: لاء هتمشي، والله هتمشي، هتركب ساق صناعية وهتتحرك بيها عادي كأن محصلش حاجة.

دفع يدها ليستكمل: وبقيت ايه كمان غير أعرج، مشوه!! بقيت مشوة هه؟ صح يا حور!

نظر في المرآة المعلقة فوق الحائط على يساره، نظر للشاش الأبيض الذي يلف وجهه ليقول بصوت متحشرج: بقيت مشوه!

تساقطت دموعها بألم وهي تحاول الاقتراب منه وهو يبعدها، نظر لنفسه بالمرآة فمد يديه وهو ينزع الشاش من فوق وجهه ببطئ، اقتربت منه حور قائلة بخوف: بلاش يا براء عشان خاطري، مينفعش تشيله أنت لسه عامل العملية.

لكنه لم يرد عليها واستمر بلف الشاش حتى نزعه عنه تمامًا وانكشف، نظر لتلك التكتلات في وجهه والجلد المنكمش ذي اللون البني، ابتلع غصة مسننة في حلقه وهو يتنفس بسرعة يرى ملامحه التي تغيرت، بل اختفت!
هذا ليس هو.. هذا ليس أنا.. هذا ليس براء!!

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن