الفصل السادس عشر

1.7K 63 27
                                    

فأذاقني النجوى "كتب كتاب نمبر تو"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صوت طلقات يدوي أفزع الطيور، تتعالى معه صوت صراخ كل من بالقصر، كل شيء حدث سريعًا لا يعرف مهد كيف جاء من احتضنه من الخلف بقوة رافعًا ذراعه الممسكة بالمسدس إلى السماء لتشق الطلقة الريح مخترقة الهواء، كما حدث مع رؤى التي انبطحت أرضًا فوق صدر صلب احتضنها بقوة وحماية ومازال الصراخ لم يصمت!

تبادل زياد الذي يحتضن الصبي الممسك بالمسدس النظرات مع براء الذي احتضن رؤى، الرجلان منبطحان أرضًا لم يقوَ أحدهما على القيام من شدة الصدمة، قطع صدمتهما يسر التي جاءت تركض لتجذب ابنتها إليها تحتضنها وهي تبكي بقوة وهلع، تتفحص كل إنش بجسدها بهيستيريا خشية من أن يكون أصابها مكروه.

سحب زياد المسدس من كف الصبي واضعًا إياه خلف ظهره وهو يحدجه بنظرات غاضبة مصدومة قبل أن يهتف: ايه اللي انت عملته ده؟ هه!

تقدم براء يجذب مهد من ذراعه لينهره بحدة: انت عارف كنت هتعمل ايه؟ عارف لولا لحقناكم كان ممكن يحصل لرؤى وليك ايه؟ مش اي حاجة ينفع نلعب بيها يا مهد!!

والصغير لم يكن معهم، والصغيرة لم تكن معهم، بل كانا يسبحان بعالم آخر، ينظران لبعضهما البعض بنظرات غريبة، يرتعشان بذبذبات شعرا بها رغم المسافة التي تقطعهما، عينان حزينتان مصدومتان، وعينان تهوِّن الحزن على الأخرتين.

لمح مهد والدته التي أتت راكضة حين سمعت صوت الطلق الناري ليسحب ذراعه من قبضة أبيه ثم اندفع نحوها يتوارى بحضنها، يخبئ ذاته من جريمة لن ينساها مدى حياته، رفع بصره لرؤى التي أرسلت له نظرة مطمئنة مع ابتسامة صغيرة تود أن يهون على نفسه، لكن ذلك لن يحدث، إذ عاد بوجهه لحضن والدته وتجمعت الدموع في عينيه بسرعة شديدة وجسده يهتز، ثم ارتخى بين ذراعيها ولم تعِ حور إلا وهي تصرخ حينما فقد الصغير وعيه...!

وبعد ساعة كان الجميع ملتفًا حول فراش الصبي وهو مفتوح العينين ينظر أمامه بصمت، حاول الجميع جعله يتحدث، وكل المحاولات باءت بالفشل، احتضنته حور بقوة وهي تبكي بخوف من حالة صغيرها، بينما على الناحية الأخرى يمسك براء بكفه الصغيرة يقبله بحنو ويحاول الحديث معه دون استجابة، إلى أن يأس الجميع وخرجوا من الغرفة تاركين إياه بمفرده، ورغم محاولات حور لأن تظل لجواره إلا أن الصغير نفى برأسه رفضًا لوجودها دون أن ينبس ببنت شفة وهو يغمض عينيه لينام.

أظلمت الغرفة وأُغلِق الباب ففتح عينيه ونهض من رقدته معتدلًا في جلسته، ضم ركبتيه إلى صدره وأخذ ينشج بصمت، جسده بالكامل يهتز برعشة عنيفة وأسنانه قد اصطكت ببعضها مصدرة صوت احتكاك ضعيف.
كاد يقتلها!! كان لن يراها مجددًا إن فعل!!
الندم يتآكله، والوجع يشعر به في كل أنحاء جسده، وتحديدًا قلبه، حتى كفيه الصغيرتين يشعر بألم فيهما من حمل السلاح.
هاتان كفان مجرمتان!!!

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن