فأذاقني النجوى
ــــــــــــــــــــــــــــــوقف منصور يستمع لكلمات الطبيب بصدمة موجعة، هل ما قاله الآن صحيح؟ أم أن أذنيه صارت تستمع لكلمات باطلة، أم أن عقله غافل يهيء له أسوأ الفروض التي من الممكن أن تحدث.
ولكن كيف يهيأ له ذلك وهو واعٍ لما حوله، وها هم الجميع يقفون يطالعون الطبيب بصدمة مماثلة كصدمته، إذًا هو لا يتهيأ، إذًا إنها الحقيقة !ابتلع لعابه وصدره يعلو ويهبط وقد ضاقت أنفاسه ليهمس بعدم تصديق: غيبوبة !
أماء الطبيب رادًّا بأسف: للأسف آه، ودلوقتي مش عارفين هتقوم منها امتى، ادعولها.
قالها ثم غادر من أمامهم وهم جميعًا ينظرون له بتيه.نظر أمير لبراء الذي أمسك بكتفه بمواساه حزينة حتى همس الآخر بعدم تصديق: غيبوبة ازاي.. يعني كده أختي ضاعت.
ربت براء فوق كتف صديقه قائلًا بتأكيد: لاء يا أمير هتفوق منها أكيد، اهدى أنت بس وادعيلها.ارتمي منصور فوق مقعده مكوِّبًا رأسه بين كفيه في صمت، عادت هاجر للأنين من جديد ونيرة تحتضنها بوجع والكل آلمه قلبه في تلك اللحظة، اتجهت العمة إلى منصور لتحتضنه بمواساة وشفقة على حاله، فترك نفسه إليها وهو يغمض عينيه بألم، يتمنى في تلك اللحظة لو يتوقف قلبه عن النبض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت متقوقعة على ذاتها في أحد الأركان البعيدة في زنزانتها، بعد أن تم عرضها على وكيل النيابة في الصباح وها هي قد عادت منذ ساعة، تضم ركبتيها إلى صدرها وشاردة البصر، بينما تغشى الدموع عيونها إلى أن وتنسال ببطئ حزين فوق خديها، هي ليست حزينة على ما فعلت أو نادمة، بل تمنت لو امتلكت تلك الجرأة منذ زمن لتقضي بها على هذا البغيض لكن المصائب لا تأتي فرادي، هي الآن تشعر بالارتياح لأنها تخلصت من هذا الكابوس لكن على النقيض قلبها المتألم لم يرتح ولن يرتاح، ولن يُشفى من جرحه مهما مر عليه الزمن وجنى عليه الليل، فما آلت إليه حياتها وعيشتها لم تتوقعه أبدًا ولم تتوقع أن تصل لهذا الطريق.
انفتح باب الزنزانة ودلفت إحدى السيدات العساكر هاتفة فيها بغلظة: قومي ياختي معايا.
نظرت لها هدير وهي تسحبها من ذراعها بحدة فنهضت معها باستسلام وسارت للخارج دون حتى أن تسألها إلى أين، فلم يعد يفرق معها أي شيء ولم تعد تفكر بالقادم.
أما في مديرية الأمن...
جلس أحمد أمام الضابط، بينما وقفت سيدتان كل منهما تبدو في عقدها الرابع من عمرها يعلو ملامحهما الاضطراب، اعتدل الضابط في جلسته ليسأل بحزم: قولولي بقا اللي حصل يومها بالتفصيل وأوعوا تغفلوا حاجة.
أنت تقرأ
فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)
Romanceالجزء الثاني من رواية همسات العشق عشق يفوق الوصف، لتصبح همساته بلسمًا شافيًا لجروح الزمان. "فأذاقني النجوى" #للكاتبة/ فاطمة علي شاهين. بدأت الثلاثية في ٢٥/٥/٢٠٢١ انتهت في ٩/٩/٢٠٢٤