الفصل السابع والثلاثون

1.1K 64 10
                                    

فأذاقني النجوى
"سواد العسل"
ـــــــــــــــــــــــــــــ

استدارت لتعود إلى الغرفة عند فجر لكنها تصنمت مكانها وانسحبت الدماء من عروقها حينما وجدت أحمد يقف خلفها مباشرة....!

حدجها أحمد بنظرات ثاقبة غريبة جعلتها ترتعش من احتمالية أن يكون قد سمعها، حاولت التحدث لكنه سبقها وهو يتساءل ناظرًا لها بتفحص: انتي كنتي بتعملي ايه مع فجر وايه اللي نزلها معاكي من البيت؟

كادت تقسم بأنها شعرت بقلبها يزفر بحرارة حتى كادت أن تخر واقعة فوق الأرض من شدة الرعب الذي كان يتملكها، حمدت الله أنه لم يسمع مكالمتها أو يكتشف فعلتها فتحدثت بصوت حاولت جعله طبيعي وهي تمسح حبات العرق التي تكونت فوق جبينها: هي قالت إنك هتنزل معاها تشتري حاجات لفرح صاحبك فا.. فا.. ف فا قولنا نوفر عليك المشوار والتعب وننزل احنا نشتريهم.

عقد أحمد ساعديه أمام صدره ليقول: وانتي روحتيلها ليه يا هدير؟ مش كفاية اللي حصل منك آخر مرة.
هدير: ايه يا أحمد.. مش عايزني أكون مع فجر خالص ولا ايه، أنا روحت أزورها عادي، و.. وبعدين دي غلطة وعدت وأنا عمري ما هفكر أأذيها أو أأذيك، في النهاية احنا بينا عِشرة.

ضيق عينيه وهو ينظر لها بقوة، لم يعد يرتاح لكلماتها أبدًا لكن في النهاية لن يرضى بأن يقصيها من حياته بطريقة تؤلمها، يكفي أنه آلمها قديمًا، وإن كان تركه لها في حياته وحياة زوجته نوعًا من أنواع التكفير عن الذنب فسيتركها لكنه لن يستأمنها بشكل مُطلَق، وسيُحذّر فجر ألَّا تقحمها في حياتهما بصورة تمثل خطرًا عليهما.

بعد صمته لدقيقة وهو يسبر أغوارها يحاول استشفاف مكنونها الذي لا يستطيع فهمه، وهدير تنظر بكل الاتجاهات عداه فإن تعلقت عيناها بعينيه لن تصمد، مازالت عالقة تحت تأثيره ولم تتخلص من لعنة حبه وعذابه بعد.

تحدث أحمد قائلًا بعد تنهيدة قصيرة: ماشي يا هدير، هنسى كل حاجة.
ثم اقترب منها ودنى بوجهه من وجهها فتوترت وعادت للخلف حتى التصقت بالحائط ليهمس بتحذير أخافها: بس ياريت نأمن شرك، عشان اللي جاي أنا مش هعديه.

ثم استقام في وقفته واستدار ليرحل متجهًا لغرفة زوجته من جديد، أما هي فوضعت يدها فوق قلبها وهي تتنفس بسرعة، وقلبها يخفق بخوف مما هو قادم...!

دلف أحمد الغرفة فوقعت عيناه على والديه الذين يجلسان على الأريكة بجوار فراش فجر وأمه تمسح دموعها المحزونة، توجه إلى فراش حبيبته النائمة وجلس بجوارها وهو يربت فوق خصلاتها المفرودة فوق الوسادة، دنى من وجهها ليقبل وجنتها برقة فتحركت فجر لتفتح عينها ثم نظرت إليه.

همست بصوت مبحوح: أحمد.
التقط أحمد كفها ليقبل ظاهره قائلًا بلهفة: روحه.

نهض صالح ونرمين ليتجها إلى فراشها فهتف صالح وهو يربت فوق رأسها بحزن أبوي: حمدالله على سلامتك يا بنتي.
أمسكت نرمين كف فجر الآخر لتردف بتحسر: منهم لله اللي عملوا فيكي كده، يتردلهم في عيالهم يارب.

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن