الفصل الحادي عشر

2K 68 34
                                    

فأذاقني النجوى " مأزق "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان يسير بسيارته ويجاوره رفيقه، ينظر نحو الطريق بمقلتين مشتعلتين يكاد يتميز من الغيظ وينفث نارًا من فمه وهو يتذكر ما حدث منذ ساعات...

- والله عااال !!

انتفض الأثنان فور سماع هذا الصوت الغليظ ليلتفت أحمد فوجده رجلًا في العقد الخامس من عمره، ذو بنية سمينة، كرش كبير وسكسوكة بيضاء!
شعر بها ترتعش خلف ظهره ليعاود النظر إلى هذا الكائن سداسي الأبعاد ليقول: انت مين وازاي تدخل كده من غير ما تخبط؟!

زينهم بلؤم: والله يا هندسة انا اللي المفروض اسألك بتعمل ايه هنا مع مراتي.

توسعت عينا الآخر بصدمة متمتمًا: مراتك!
قالها ونظر لهدير بذهول لتهتف بحدة مضطربة مخاطبة زينهم: انا مش مراتك ياجدع أنت.

زينهم بخبث: باعتبار ما سيكون كمان يومين يا عروسة.

أحمد بغضب: انت شكلك بتخرف عالمسا، خد بعضك وامشي من سكات بكيس القطن اللي في وشك ده.

اتجه زينهم إليهم ليقول وهو يضرب المكتب بحدة: انت اللي تمشي ومتقربش من مراتي يا هندسة.
ثم استكمل مخاطبًا هدير التي ترتجف من الخوف: والله عال ياست البنات، اجي ازور مراتي في شغلها الاقيها عاملة أحلى شغل، يا ترى ابوكي هيعمل ايه لو عرف بشغلك المحترم!

تقدم أحمد منه ليصيح بتحذير غاضب: بقولك ايه يا جدع انت انا ساكتلك عشان انت راجل قد جدي، اخفي من قدامي بقا بدل ما اعمل معاك السليمة.

زينهم بغضب: انت بتهددني يا حيوان.

أمسكه من ياقة قميصه لينفضه أحمد بعيدًا عنه، كاد يلكمه لولا هدير التي أمسكت قبضته صارخة به: لاء يا أحمد ابوس ايدك بلاش فضايح.

أحمد بغضب وهو يدفعها: اوعي يا هدير بقولك، امشي يا راجل يا مهزأ ومشوفش وشك هنا تاني.

نظر زينهم لهدير بعيون خبيثة وتوعد قد فهمته هي لترتعش داخليًا فإن وصل الموضوع لأبيها لن يرحمها أبدًا، استندت بيديها على المكتب تكاد تبكي من الخوف ولم تشعر بالرجل الذي خرج ولا أحمد الذي اقترب منها يسألها عن هوية هذا البغيض، رفعت عيونها الدامعة له لتقول بنبرة باكية: أبويا عايز يجوزهولي بالغصب.

نظر أحمد لها بصدمة ليهتف: يجوزهولك ازاي؟! ده راجل قد ابوكي!

هدير بدهشة: ده كل اللي هامك في الموضوع!!

كم تمنى لو يخبرها بأن هذا حقًا هو كل ما يهمه بتلك اللحظة، لا يريدها أن تتزوج من شخص كهذا، يريد من الله أن يعوضها بشخص يحبها، بل يعشقها، وليس شخصًا مثله، هو لا يحبها كمعشوقة ولكنه يحبها كأخت ويتمنى لها كل السعادة.

هو لم يخطئ بشيء البتة، فمعظمنا وإن لم يكن جميعنا قد مررنا بهذه التجربة.
أنـــــــت!!
نعم أنـــــــت عزيزي القاريء قد مررت بتلك التجربة، تعشق بفترة ما بحياتك ثم تكتشف أنه لم يكن عشقًا، بل كان محطة عابرة من محطات الحياة، محطة قد توقفت بها قليلًا لتخوض التجربة التي تخرج منها متعلمًا الكثير والكثير وفي النهاية تنتهي تلك الفترة لتنتقل بعدها إلى المحطة التي تليها، وما هي الحياة إلا محطات، ونحن لا نتوقف عند إحداهم إلا قليلًا ثم ننتقل لطريق آخر.

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن