الفصل الواحد والعشرون

1.6K 106 17
                                    

فأذاقني النجوى "عروس الليل"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان يجلس بالسيارة أسفل بنايتها منتظرًا أن تترجل، يضع كفيه على المقود وهو متجهم الوجه، عابس الملامح بشدة، حتى شعر بالباب المجاور له ينفتح وتترجل هي، ودون أن يستدير لها عرف بأنها هي من رائحة عطرها الأخاذ، وحضورها الذي يفعل بقلبه الأفاعيل، حتى سمع همستها الناعمة: اتأخرت عليك؟

نظر كيرلس لها بطرف عينيه ورغم ما يحدث له من ذبذبات عاطفية جراء رؤيتها، إلا أنه ارتدى أكثر الأقنعة صلابةً وبرودًا ثم أشاح بوجهه مجددًا بعدم اكتراث، عقدت ساندرا ما بين حاجبيها بدهشة قبل أن تقول بخفوت: كيرلس.. مالك في ايه؟

- مفيش.
نطقها باختصار وهو يضع يده على عصا التحكم حتى ينطلق بالسيارة لكنها وضعت يدها فوق يده تمنعه من التحرك وهي تهتف بتعجب: هو ايه اللي مفيش، ما تكلمني زي ما بكلمك.

نظر لها بقوة ولم يعقب بل ظل ينظر إليها حتى نطقت بهدوء: انت لسه زعلان من اللي حصل في آخر مرة خرجنا فيها؟

أشاح بوجهه عنها ولم يجب بل نظر إلى الشارع وملامحه تزداد تعقيدًا، يتذكر آخر مرة اصطحبها في نزهة ترفيهية، تجول معها بكل مكان ابتداءً من السينما حتى الملاهي وحديقة الحيوان وشراء العديد من الهدايا والدباديب، كان وقتًا فريدًا من نوعه وكأنهما يسرقانه من الزمن، وقد تقربا من بعضهما البعض أكثر وتعمقت علاقتهما فبات حبهما واضحًا للعيان لا يقبل بالشك.

وكان يسير معها بإحدى الحدائق العامة متشابكي الكفوف يطالعان بعضهما البعض بعشق شديد، يتحدثان بكل شيء وأي شيء دون ملل وتتعالى ضحكاتهما بسعادة.

إلى أن سمع كيرلس صوت أحد الشباب من خلفه يهتف بسماجة: حلاوتك بالاحمر يا تاعبني!!

توقف مكانه للحظة وهو يعقد حاجبيه قليلًا ثم نظر للخلف ليجد ثلاثة شباب يقفون متكئين على شجرة كبيرة، يطالعونهما بنظرات متفحصة جريئة، وقد اختصوا الجرأة لتلك التي انكمشت بجواره ممسكة بذراعه بتوتر، ترتدي فستان أحمر قاني يصل لأسفل ركبتيها بقليل يظهر ساقيها بإغراء، وبأكمام قصيرة تبرز ذراعيها البيضاوتين، يماثل شفتيها المكتنزتين المطليتين بنفس اللون المثير للجنون، وخصلاتها المموجة التي تصل لأسفل خصرها بحرية هائجة تفتن كل من تمر به.

تحدث كيرلس بهدوء وهو يطالعهم بملامح جامدة: بتكلمنا احنا يا كابتن؟

- كابتن!
هتف بها أحد الشباب بتهكم لتتعالى ضحكات ثلاثتهم وهم يقتربون من كيرلس وساندرا.

توقفوا أمامهما ليهتف الشاب الذي يتوسط الأثنين الآخرين بابتسامة بغيضة وهو يتفحص ساندرا بوقاحة: مش عيب عليك تاخد الاحمر ده كله لوحدك، ولا الشعر الحرير ده، ده انت أناني يا جدع.

فأذاقني النَّجوىٰ (الجزء الثاني من همسات العشق)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن