٧٣| لاَ عذرَ في الخِيانـة.

702 58 589
                                    

إيمـا:

الحَياة حتمًا شيء ما.. أعنِي مالذي كنتُ أنوي فعلَه بالأمس ومالذي أنوي عليهِ الأن؟ تغيرٌ جذرِي لم أحسُب حسَابه قبلًا.

صَدق من قَال أنّ الحصَاة الصّغيرة بمقدورِها أن تقلِب عرَبة كبيرَة، وهذه العَربة كانَت قراراتِي التي تعتَمد عليهَا حياتِي بشكلٍ وَجيه.

لكِن.. رغمَ كلّ مَا حدَث يومَ أمس لن أنكِر بأنّ التّرددَ ينهشُ دواخِلي معترضًا على الذّهاب ومقَابلته، ليسَ بعدَ جلسَة الاعترافَات التي سقينَا أنفسَنا بها بالأمس. لا أدرِي حتى كيفَ سأقابلُ وجهَه دونَ أن يغزُوا لونُ الدّماء وجهِي.. هذا حتمًا محرِج.

لا زَال عليّ استيعاب حقيقَة أن تلكَ الجملَة خرجَت من فاهِي بصريحِ العبارَة، الصدمَة التي كسرَت خمولَ ملامحِ وجهِه وبدا وكأنّ الحيَاة سقتهُ من وردِها وعبقِه بعد أن ملأته شوكًا، مكوثنَا على تلكَ الحال لعدّة دقائقَ نستحبِب فيها صمتنَا قبل أن يشيحَ كل واحدٍ منا وجهَه عن الأخَر في حرجٍ معطوب، تمادَى إلى كونِه طردنِي من الغرفَة ليبقى حبيسَ نفسِه.

بقدرِ ما أدهشتنِي ردّة فعلِه فقد أقامَت الأسئلَة داخلِي، ما مقدَار ما يكنّه لي؟ وكيفَ كنّه لي حتى وهو لم يسبِق له أن عرفنِي قبلاً؟ ومنذ متى؟! منذ متى استحلّ بغضهُ لي ومقتَه لرؤيَة وجهِي عاطفَة جيّاشَة؟

لا شيء منطِقي في حبّه هذا.

لكنّ ذلكَ لا ينفي أنني -تقريبًا- أندَم، لأنني وبكلّ وضوحٍ تهورت، كانَ عليّ الترّيث قبل أن أتفوّه بتلكَ الكلماتِ التي أعلنَت له قبولِي للسّير برفقتِه، هرمون الأوكسيتوسين لعبَ لعبتَه بي وجعلنِي مغيّبَة عن إدراكِي. لم أعي ما فعلتُ إلا بعدَ أن عدتُ للمنزِل.

ماذا ستكونُ ردّة فعلِ سـام على الأمر؟ والأسوَء.. ردّة فعل والدَته لأنه سيرتبطُ ويتزوجُ حسبَ قرارِها؟ كيفَ يمكنني الإرتباطُ بشخصٍ سيدخلُ قفصَ الزّوجيَة قريبًا؟ ماذا عن مخططّاتي التي أسير بها رفقَة آيزك؟ كلّها أمورٌ تقفُ ضدّ ما فعلنَاه بالأمس، كلّها تقولُ أن هذه العلاقَة خطَأ فادِح.

أتذّكر كلماتِي ذلكَ اليوم، اليوم الذي عانقنِي به فجَاءة ودونَ سابقِ إنذَار، أتذّكر كيفَ قسمتُ ظهرَه بكلماتِي المرّوعَة، كيفَ طعنتُ دواخلَه بعباراتِي المسمومَة، كيفَ اعترَفتُ أنني أتمنّى نهايَة شنيعَة لجميعِهم.. دون وعي، لأن مشاعرَ الكراهيَة جرفتني تحتَ تلكَ الذّكرى الدّمويَة، الفقدَان قد يوّلد كلماتٍ لا تعبرُ عن ذاتِ الشّخص لكنّها شرارَة لرغباتِه المدفونَة.

رغمَ كل الحواجِز التي سعيتُ لتشييدِها بيننَا بأفعالِي وكلماتِي، هو لا يزَال يفعَل، يتمسّك.

أفعالُه، أفعالِي كلّها متداخِلة، معقّدة كشباكِ العنكبوت. تجبرُ دواخلِي على التناقض كالمَاء والنّار، واحدَة تحثّني على الإستمرار واتباعِ عاطِفتي، عن التّعبير عن أنانيَتي لمرّة واحدَة، لأجلِ نفسي وليحترِق العالَم أجمَع. بينما الأخرى تحطّ الحدودَ وتأمرنِي بتمالكِ نفسِي.. هل يمكِن أضيعَ مجهودَ أشهرٍ وثأرَ سنواتٍ فقط لأجل عاطِفة حديثَة التّكوين قد تزولُ عندَ أي ثغرَة؟ 

PRINCE OF THE NIGHT [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن