٧٥| استِهلال الفوضَى.

762 60 249
                                    

يقالُ أنّه حينَ يَمر الإنسان بلحظات لا دخل لهُ فيها، أمور يصعُب عليه فهمها، ‎تُسبّب له نوعـاً من الإحباط المفاجئ ويتذمّر من الحياة والحظ، ويعيش في مُكعّب كوّنته أفكاره، شكّلته تطلعاته، ‎فيظل فيه مَحبوساً لا يتقدم ولا يتأخّر، لا يتكلّم ولا يحلم.

أمّـا هو، فلا يدرِي ما عليهِ أن تكونَ ردة فعلِه الطّبيعيَة على كلّ هذا.

لم يكُن طبيعِيًا بعدَ كلّ شيء.

انجرَفت ساقَاه نحو مكانٍ واحد، لتصفِية الحِساب على الأقل ممن يستطيعُ إمساكَهم حاليًا. أفكارُه تعصِف بذهنِه في عنفوانٍ عظيمٍ، كانَت معتمةً كهالتِه، مغرقَة كبحرٍ هائج، تهدّد بأخذِ روحِه في أيّ لحظَة.

لا يدرِي إن كانَ ما يفتكُ به الأن هو شعورُ الخِيانَة أم الخِذلان!! أم أن الاستغفالَ نال منه أيضًا؟ كيفَ لسنواتِه الباردَة كلّها أن تبنى على كذبَة.. كذبات؟!

كيفَ سولّت لهم أنفسُهم أن يقولوا الكِذبة ويصدقُوها، يعيشوهَا ويأخذوا بكفّه معهم؟ صدَق من قالَ أن الأمومَة لا تعصِم الأم من الكذِب، العَبث والخِداع.

هوَ الذي ضحّة قطعَة من روحِه لأجلِها.. هو الذي الأن يستمرُ في خداعِ محبوبتِه فقط لأجلها،وهذدكذا تكافئُه؟ ظنّ أنه ابنُها المفضّل!! الذي تأتمنه حول أسرارِها، ابنَها الذي جعلته يدهسُ أخاه ويسيرُ فوق روحِه ليبتغِي تطلعاتِه.

لكنّها خانَت ثقَته.

بمن عليهِ الثّقة بعد الأن؟!

يشعرُ أنّ ما بين صدرِه والمقابِر، علاقاتٌ بالاسم دونَ مَعنى ودفن للحقِيقة، الفرق بأنّ المقبرة تدفن أموات، وهوَ يدفِن أشياءً وأشخاصًا بصدرِه أحيَاءً.

لو لم يسمَع كلامَ التّوأمِ فجأَة حينَ كان يودّ الحديثَ مع أخيهِ لما علِم، كانوا سيستمرُون في إخفاءِ الحقيقَة عنه إلى اللاّمعلُوم.

"غريبٌ أن أراكَ تُخفضُ مستواكَ بعد هذه الترقِية المفاجئَة."

لم يتفاجَأ من ظهورِه أمامَه بغتةً فهو كانَ في ساحتِه بعدَ كلّ شيء، قلبَ ناظِريه نحوَه، خصلتُه البيضَاء لمعَت كما لمَع العرق الذي يغلّف بشرتَه الموشومَة، والذي كانَ في كنفِ مسحِها بمنشفَة تعلّقت برقبَته.

"هل قررتَ العودَة للساحَة بدلَ إلقاء الأوامِر؟" ضحكَ ثعلبِي الملامِح مجددًا في وجهِه رغمَ يقينِه بأن مزاجَ الصّغير المدلّل أمامَه في الهاوِية.

"وأنا ظننتني كنتُ واضحًا في كلماتِي عندمَا طلبتُ منكَ أن تكسبَ الصيغَة القانونِية لأكداسِ الأوراقِ التي تنتظركَ فوق!!" عينَاه باردَة كنبرتِه تمامًا، لا يخطّط ليطيلَ هذا النّقاشَ المستفزَ مع من يلعبُ دورَ مساعِده الأول..

والمبهِر أنّه كانَ يماثلُه في الجنون والعقلِ المندفِع المختل، لذا لم يجِد أيٌ منهما صعوبةً في التّعاملِ مع الأخَر.. عدى عن كونِهما يعشقانِ استفزَاز بعضِهما.

PRINCE OF THE NIGHT [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن