٢٥| زائغَة وسطَ المعمَعة.

860 84 463
                                    

إيما:

كانت ساعات مريرة بالنّسبة لي. بكيتُ إلاّ أن آلمني حلقي، إلى أن جفت دموعي وإلى أن تورم جفناي. شعور الخيانة كان بالفعل ثقيلاً فوق أكتافي.

كانَت اللّيلة الأصعَب منذ سنوات.. وأنا قطعًا لم أفتقد شعورَ النّوم على وسادَة مبلّلة، ليس نومًا فعليًا لكن ينسدِل جفناك تلقائيًا من فرطِ البّكاء والإرهاق.

دون إرادتِي، ذاكرتِي جسدّت مشاهدَ من ذلك اليوم، ليس ومضاتٍ فقط بل مشاهدَ كاملة بتفاصيلَ مفصّلة سعيتُ جاهدةً بل وأرهقتُ وأنا أحاولُ تناسيهَا عبر مرورِ السنّوات.

اليوم الذي سعيتُ بكل جهدي على عدمِ خوض تفاصيله في ذاكرتي مجددًا.

لكن سـام هدمَ ذلكَ الجدار بلمسَة واحدَة، جدارٌ قضيتُ سنواتٍ في تشييدِه بيديّ المتواضعتين، حاجزٌ تآكلت أعضائي من الدّاخل لأراه يرتفعُ يومًا بعد يوم.

حقًا إن خيانَة الأقرَب قاتلَة، لأنها تطعَن في موضع الطمأنينَة.

"هل أنتِ متأكدة من هذا العنوان يابنتي؟" الرّجل العجوز سأل بريبة وهو يراقب الشّارع من حولنا، وبسبب شرودي لم أنتبه أننا وصلنا بالفعل. "بالطّبع، شكرًا لكَ أيها العم." أعطيته أجرته ووضعتُ حقيبتي خلف ظهري لأترّجل من السيارة.

غادر السّائق ونظرتُ من حولي إلى الأبنية العالية والصّامتة. كانت الواحدة والنصف بعد منتصف الليل والهواء كان باردًا لكن منعشًا في الأن ذاته.

أخرجتُ هاتفي وأرسلتُ رسالة إلى آيزك مفادها أني وصلت. هذا الشارع!! أتذكر أنني مررتُ به من قبل رفقة ذلك الوغد حين أعادني إلى منزلي، لكنني لا أتذكر مكان الحانة بالتحديد.

"إيما!!" استدرتُ لأجد آيزك ظهر من خلف أحد الأبنية وأشار لي بالإقتراب، ركضتُ إلى أن وقفتُ بجانبه فحدق في وجهي لثانيتين قبل أن يشيح ببصره بعيدا ويشير للطريق في صمت. أراهن أن ذلكَ بسبب الإحمرار والإنتفاخ اللذان أخذا حيزهما بعينيّ.

كان يرتدي بنطال جينز وقميصًا خفيفا فوقه سترة جلدية وكلها كانت بلون السّواد. رفع بعضًا من خصلاته الممتزجة ما بين الأسود والأشقر في ذيل حصان قصير ووضع رباط رأسٍ أسود اللون عقده للخلف.

كان مظهره غريبًا، لكنه ناسبه.

"كيف استطعتَ توفير مكان لي؟" زفر حاد أطلقه من حلقه. "طلبتُ بعض المساعدة." توقفتُ ناظرة له بوجل. "مالذي فعل_"

"لم أفعل شيئًا أيتها الشّكاكة، لقد التزمتُ بالخطة." نفس مرتاح غادر رئتي وأنا ألمح الحانة تلمع من بعيد بأضوائها المشعة. 'P. Skateboard' قطبتُ حاجباي وأنا أقرأ اسمها.

من صاحب هذا الإسم الغبي والطفولي؟

بدا الأمر أن آيزك قرأ ما يجول بخاطري فأجابني باستهزاء: "إنها إحدى أفكار رين التي تفاجئنا أحيانًا."

PRINCE OF THE NIGHT [✓]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن