"50"

181 9 0
                                    

-حمزة برئ يا سيادة القاضي، والله العظيم برئ
المحكمة بكل ما فيها بقيت في حالة هرج ومرج وفوضي وكلام كتير ودوشة وناس كتير بس أنا مش شايفه غيره، وهو واقف ضعيف لا حول له ولا قوة ورا القضبان، في عينيه حزن الدنيا كلها، ودي أول مرة أشوف حمزة فيها حزين.
-اسكتِ يا ست أنتِ أحسنلك.
قربت من مكان القاضي وأنا ملامحي اختفت ورا الدموع وقولتله:
-يا حضرة القاضي أرجوك اسمعني، حمزة جوزي ده غلبان خالص وطيب وبيخاف يقتل الصرصار لو شافه هيرتكب جريمة قتل إزاي! هما ولاد الحرام اللي عايزين يؤذوه، بس ربنا من فوق سبع سماوات شايف إن حمزة ميعملش كدا والله ما يعمل كدا.
ضرب بالمطرقة بتاعته وقال بصوت عالي:
-طلعوها بره.
بصيت لحمزة وأنا عاجزة مش عارفه أعمل إيه، قرب راجل علشان يمسك ايدي ويخرجني بره القاعة، رفعت ايدي في وشه وقولتله:
-متلمسنيش.
مشى ورايا لحد ما طلعت بره وقفت وسندت على الباب وأنا بدعي:
-يارب وحدك أعلم بالظلم اللي بيتعرضله حمزة، يارب متوجعش قلبي عليه.
فضلت زي عشر دقايق وايدي محطوطة على قلبي، وإحساس بالخوف احتلني، ضغطت بايدي جامد على قلبي وأنا بهمس لنفسي "لا"
ثواني مرت وسمعت صوت القاضي وهو بيقول بصوته العالي:
-حكمت المحكمة على المدعو حمزة منصور البدري بالسجن سبع سنوات رفعت الجلسة.
هزيت رأسي بنفي وأنا بقع في الأرض، حسيت بأصوات متدخلة حوليا ووسط كل الأصوات كان صوته الوحيد النافذ لقلبي، طلع يجري عليا وأنا بين الوعي واللاوعي والخوف بيقطر من ملامحه نقط، قعد على الأرض ومسك رأسي بايده الحرة وهو بيزعق زعيق ممتزج بخوف:
-رهف، فوقي علشان خاطري، فووووقي
رفعت ايدي مسدت على وشه وأنا عيني خدت قرار البكا لأجل غير معلوم، بلعت ريقي بصعوبة جارحة وأنا لامساه بين ايديا وقولتله:
-حمزة.
وطي برأسه قريب مني وقال:
-أنا هنا، أبوس ايدك يا رهف خليكِ قوية حمزة بيستقوىٰ بيكِ.
اتعدلت وقعدت قصاده وأنا لسه الدوخة متملكة مني، مسكت وشه بين ايديا الاتنين وأنا بقول:
-مش هقدر يا حمزة، أنا أضعف من إني أقدر على كدا.
هز رأسه بنفي وحط ايده الحرة على كتفي وقال بثقة معرفش جابها منين:
-هتقدري يا رهف، أنا واثق فيكِ، وواثق إنك مش هتكسري ثقتي دي.
قرب مني وضمني جامد، حسيت إنه أخر حضن وأخر مرة أشوفه فيها، همس في ودني بصدق:
-بحبك، ولو العالم كله قالك حمزة البدري محبكيش اسألي قلبك هيقولك مفيش راجل على وش الأرض حبك زي ما أنا حبيتك.
سحبه العسكري اللي ايده مربوطة في ايد حمزة بدأ يرجع لورا وحسيت إن الكام خطوة دول بالنسبالي بلاد هتفصلني عن رجلي وأماني، قومت بسرعة وجريت وراه لحد ما وقعت بصيت في الأرض وأنا مدركة إني فقدت نفسي مش مجرد اسم حمزة وخلاص، حسيت باللي بيحط ايده على كتفي، رفعت عيني بسرعة وأنا عمري ما أتوه عن لمسة حمزة، لقيته بيدمع والعسكري واقف جنبه بتأفف وضيق وهو بيقول:
-يلا يا أخينا بدل ما تتعاقب على عقابك.
ما التفتش ليه ولا أداله اهتمام، بصلي وعينه شرحت الخوف والقلق اللي مش قادر ينطق بيه، المرادي حطيت ايدي على كتفه وقولتله:
-لو العالم كله قالي حمزة البدري محبكيش فالعالم كله في عيني كداب وأنت الصادق الوحيد، لو العالم كله اتجمع على إنك سم بتجري في عروقي فأنا عمري ما هقرب من الترياق، لو العالم كله....لو العالم.....
بكيت ومقدرتش أكمل شد رأسي لصدره وهو بيقول بثبات مزيف بيحاول يتظاهر بيه قدامي:
-العالم كله في كفه وأنتِ في كفه لوحدك يا رهف.
أنا سايب ورايا رهف اللي بتتصرف بعقلها مع الناس ومشاعرها دي خاصة بحمزة وبس، سايب ورايا ست بالعالم كله، وعارف إنها هتقدر تعدي الأيام دي.
المرادي سحبه العسكري بقوة فقام معاه وملتفتش وراه، عارفه إنه لو التفت مش هيمشي بس حسيت بيه غصب عنه عايز يبصلي أخر مرة بس بيقاوم وجعه، فقال من ورا ظهره:
-تبقي تعالي طُلي عليا وطمنيني عليكِ.
هزيت رأسي بموافقة ونسيت إنه مش شايفني فقولت بصوت عالي:
-هجيلك علطول يا حمزة، هجيلك

خبــايـا الحــب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن