﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
بعد مرور شهر على آخر أحداث
"بين لمَّة، وجوطة، ضيوف داخلة وطالعة، مجموعة نسوان قاعدة بتزغرت، وسط دا كلَّه، كانت ماسكة الضيافة وبتوزِّع فيها، من شاي وحلويات وكل شيء، بعيونها العليها أثر التعب والحُزن الطويل، ونحولة جسمها الظهرت بشكل واضح، شحوب وشَّها، رغم ذلك، كانت بتقاوم، بتحاول تخفي ملامحها عن الجميع، كانت بتتلثَّم طول الوقت، بطريقة خلَّت الكُل يستغرب منَّها، أثر الإرهاق ظهر من خلال رجفة يدَّها وهي ماسكة الضيافة، بسرعة ختت الصينيَّة، وطلعت في نُص الجوطة من غير ما ينتبه ليها حد، بتحاول تتوازن، بعد ما فجأة حسَّت بلفة رأس، عصرت على معصم يدَّها وغمَّضت عيونها شديد، وأخيرًا حسَّت بنفسها قدرت تتزن، رجعت بخطوات تقيلة لجوَّة وتابعت الكانت بتعمل فيه، في عز النهار، جاتها الخالة حليمة وطلبت منَّها تدخل لغرفتها عشان ترتاح رُغم وجود شويَّة ناس فيها..."
رحاب: معليش يا خالتي، استأذنك أنا حأمشي البيت، ممكن؟!.
حليمة: ليه يا بتِّي تمشي؟.
رحاب: إذا قدرت برجع بعدين إن شاء الله، حأرتاح أكتر في البيت.
حليمة: طيِّب لكن الحجير دا بيمرضك.
رحاب: ما بيحصل شيء إن شاء الله.
حليمة: سمح الله معاك..
"قامت ومشت، بخطوات تقيلة واضح فيها أثر التعب، حسَّت بكل جسمها تقيل، وهي بتفكِّر، ما لقت روحها إلَّا جوَّة البيت، في غرفتها، مرتمية على السرير ومقابلها السقف، اتنهَّدت وهي بتشكي لله همَّها..."
رحاب: يارب تساعدني، تخلِّص الأيام دي، أنا بالجد بقيت ما قادرة أتحمَّل، يارب دا أنا بشوف الزول اللي حبيته حيتزوَّج، بحضِّر ليه تحضيرات عرسه بيدِّي، أنا اكتشفت موضوع حبِّي ليه متأخرة، بس مؤلم شديد، يارب شيل كل تعبي دا منِّي، لأنَّه الحمل بقى تقيل يارب ما بشكي لغيرك ضعفي ساعدني وثبِّتني.
"جرت دموعها على خدَّها، مسحتهم بيدَّها الراجفة، وطلَّعت كل عبايتها وكل شيء وهي راقدة من شدَّة التعب، وين حيلها؟ ليه فجأة بقت هلكانة بالشكل المستمر دا؟ أسئلة دائمًا في بالها، اتنهَّدت، وهي بتستغفر ربَّنا، وغمَّضت عينيها وهي مسلِّمة أمورها لله، وعلى ثقة إنَّه كل تعبها دا ليه يوم وحينتهي فيه..."
"ولكنَّها دومًا بارعة في إخفاء مشاعرها بشكلٍ يجعلك لا تُصدق أبدًا..."
............♡.............
" على بُعد مسافة من البيت كويسة، في المسجد، راقد على السجَّادة في الأرض، حاضن مصحف، وبيتأمَّل في السقف، ما كان وقت تأدية صلاة معيَّنة، بس هو كالعادة حبَّ يكون قريب من ربُّه، وخصيصًا في وقت زي دا حاسِّي فيه إنَّه مُحتار، أو ضايع، كان مُحترف جدًا في تخفية شعوره دا، اتنهَّد، مرر يدَّه على شعره، وأخيرًا قام وختَّ المصحف على الركن، واتوجَّه لبرَّة المسجد، قبل ما يخطي خطوة بعيد من المسجد، اتفاجأ بوجود صاحبه المُقرَّب قدَّامه، سلَّم عليه بحرارة وبشوق، نسبةً لإنَّه كان بعيد منَّه لوقت طويل..."