الفصل الحادي عشر |كـيـف بـدأنـا؟|

2.1K 118 45
                                    

" أريد أنا يصبح بوسعي ألا أشعر بشيءٍ، أو اختار بِم اشعر ..
فلو بمقدرتي سأمحو الحزن من قلبي "

*
*
*
وحيدة بالمنزل جميع الأنوار مغلقة عدا نور طفيف يتسلل خلسة من نافذة الغرفة حيث جالسة على فراشها، تبكي بهمهماتٍ متألمة تعلو شهقاتها بين ثانية وآخرى ..
لا اعرف فيم المُطمئِن بضم قدميك لصدرك ولكنها حركة تشعرك بالاحتواء ..
تضم نفسك إن لم يتوافر من يمضك، فعلتها كثيرًا عندما كنت ابكي وكنت اشعر بخير ..

لا لن اكذب عليكم فكان الوضع يزداد سوءًا، فيكفي شعوري بالحزن أضاف عليه الشعور بالوِحدة ..

أبعدت وجهها عن قدميها واستدقت النظر على هاتفها المُغلق الذي لم ينير لمرة واحدة منذ رحيلها عنه ..
ما هذه قساوة القلب الذي تُغلِّفه ؟ تشعر بأن قلبها يتمزق ..
وها هي شهقاتها تزداد علوًّا وشفتيها ترتجف من البكاء، لم تتخيل بأن موقعها في قلبه منحدر هكذا ..

اه عزيزي القارئ لو سألتني ما أقسى إحساس لو مرّت عليك سنوات من عمرك لن تشعر بمثل فظاعته سأقول لك الخذلان ..

يُشعِرك بأنك فقدت شيئًا وتمسى تبحث عنه ولكنك لا تجده؛ لأنه لم يكن موجودًا من البداية

أمسكت جميلة هاتفها محاولة في تهدئة دموعها ونحيبها الذي يشق صدرها وينزع قلبها ويطعنه طعنات متتالية فلا يستريح ثانية من الألم ..

توقفت عند محادثتها مع عمر من الداخل وكانت آخر رسالة بينهما تسأله عن مكانه وإلى الآن لم يجِبها ..

أتعلم هذه الإرادة الغبية التي تقودك لفعل شيئًا لا يجدر بك فعله بل يجب عليك تركه لمن الواجب عليه فعله ..

تودّ الاتصال به لتعرف لماذا لم يتصل بها ؟ لماذا تركها حزينة وتبكي وحدها ؟
وهي بالأصل تكره الوِحدة وترهبها وهو يدرك ذلك أكثر من أي شخص، وربما هذا سبب جعلها تتحمله حتى اليوم بألا تمسى وحيدة ..

أحيانًا نُفضل تحطيمنا فتات صغير على مدار طويل عوضًا عن تحطيمنا دفعة واحدة ..

هذا الغضب الذي يصاحب الشجن عندما يزور قلبك يتحول بعده لقنبلة تريد الانفجار في من أشعل فتيلها ..

فألقت الهاتف بعيدًا واستمرت في البكاء بصوتٍ عالٍ وكأنها هكذا توصل له مرسال عن مدى غضبها منه وكأنه أيضًا سيشعر بها ويأتيها ركضًا وهذا الذي نتخيله عند الغضب من أحبائنا، نتخيل بأن صوت بكاءنا مرتفع لدرجة يمكنه شقّ مسافات، فسيجعلهم يحنّون علينا ويتصلون للإطمئنان ..

ولتكتمل لوحة الخذلان ببراعة لن يتصل ولن يشعر بحُزنك، فتمكث ليلتك متابعًا البكاء حتى تغفو إرهاقًا من هذه الرحلة التي خُضتها وحيدًا .
*
*
*
فتحت عيناها ببطءٍ في الصباح ولم تكن تريد الاستيقاظ من الأساس ..
اعتدلت على الفراش ولاحظت أنها غفت بملابس الخروج، فركت وجهها ثم لامست قدماها الأرض متوجّهة للخارج ولكن ساقيها توقفت عن إكمال السير عندما استقصت منظرها في المرآة ..

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن