الفصل الثامن والثلاثون |زواج مُـسـتَـتِـر|

1.8K 122 44
                                    

" سبحان القدر الذي يسلك مسارًا لا نتوقعه بتاتًا !
نقف مذهولين أمام قدرته .. كيف كنا ومتى أصبحنا ..
نعجز عن الحديث والتعبير، فننتصب مشدوهين في حضرته لا نملك سوى الاستماع لأمره ..

أما الإرادة فقد سُلِبت، من قال بأن القدر لا يعطيك حُرية الاختيار ؟
ولكنك يا عزيزي في النهاية -دون أن تشعر- ستختار قدرك؛ بعد اليقين بأنه الاختيار الأنسب وقد كنت غافلًا عن الحقيقة، فهو بدوره يرشدك في أثر المطاف "

*
*
*
نصف ساعة مرّت .. لا تعلم فيم يتحدثان لهذا الوقت !
ولكنها حتى الآن لم تسمع أصواتًا عالية أو تحطيم أو أي شيءٍ، وهذا ما زاد قلقها ..
فالفتى الذي بالداخل هو نفسه من رفع عليها السلاح قرابة يومان، فتخشى على يونس منه ..

توقفت قدماها عن مواصلة السير بتذبذب بعدما صعقها عقلها بفكرة أنه قد تخلص من يونس !!
تخبط قلبها بين ضلوعها واقتربت بشدة من الباب لتضع أذنها عليه ولكن لم ينفذ اي صوتٍ من خلاله ..

عادت مرة آخرى للوراء وصارت تتلو في سرها بأدعية لحماية حبيب قلبها من هذا المجرم ..

دقائق قليلة وانتبهت لصوت صرير الباب وهو يُفتح ويخرج منه (علي) يطالعها بنظرات تهكمية وهي صامتة تنظر إليه بريبة ..
حتى اقترب منها ووقف قبالتها نابسًا بسعادة ساخرة :
_ الواد شكله بيحبك أوي .. قلبه مش مطاوعه يا عيني تبقي لحد غيره
رمقها بعيون مستهينة بل هو لفظ أقسى من ذلك، فقرأت بعينيه تعبيرًا بكونها خاطفة رجال ..
ربما هو لم يقصد ذلك أو ربما يقصد، ولكن في الحالتين هي تجد نفسها كذلك ..

تابع بصوته اللاذع :
_ لا بس شاطرة .. عرفتي توقعي الراجل المتجوز
خفف من نبرته وهو يردف بإستنكار :
_ بس يا ترى هتعملوا ايه مع مراته لما تيجي تتجوزوا ؟!
أضاءت لمعة في حدقتيها وهي تحدق به صامتة، كل هذه القسوة والسخرية كُمِما فمها وجعلها عاجزة حتى عن الإيماءة برأسها ..

فأنهى حديثه بجملة سعيدة ولكنها شعرت بها كالعادة ساخرة :
_ بس مبروك يا عروسة .. المهم إني خلصت منك .

وتركها وغادر المكان، فظلت ثابتة كما هي لحظات ثم رفعت نظرها لمكتب يونس، فرأته يجلس على كرسيه يسند مرفقه على سطح المكتب ويغمي وجهه بكفّيه ..

ترددت في الولوج إليه، فلها الحق أن تهاب فالأحداث التي مرت عليهما ليست سهلة، بل أكاد أن اجزم أن ذلك المسار الذي فتحاه نهايته ستكون الجحيم ..

خطت نحوه ببطءٍ حتى وصلت لعتبة الباب، ظلت قابعة مكانها ولسانها مازال أسيرًا لم ينطق بحرفٍ حتى عدة دقائق تتأمله وهو صامت ويحاول أن يخفي نفسه عنها ..
علّ هكذا الأرض تنشق وتبتلعه وتخلصه من هذه الكارثة التي اختارها بنفسه ..

فتحت شفتيها لتقول شيءٍ ولكنه خرج خافتًا جدًا فلم يسمعها ..
تنهدت بيأسٍ وتمتمت باسمه بخفوت :
_ يونس ..

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن