الفصل الرابع والثلاثون |فَــضْــلْ|

1.2K 101 55
                                    

" بالرغم من المشاجرات وكل العقبات والمخاطر واليأس في علاقتنا، إلا أنكِ لا تزالين تعيشين في أعماقي كالجنة التي توهجّت بلهب الجحيم .

- فلاديمير نابوكوف "

*
*
*
تخلت عن إنعزالها وبؤسها الذي استمر قرابة أسبوع ..

من إيجابيات الإنعزال وانفرادك مع عقلك بأنك تخرُج منه بحديث اشترك عقلك فقط به، لم يكن للقلب مكانًا شاغرًا فيه ..
تكتشف بنفسك صفات لم تتوقعها بك ..
تكتشف نفسك من جديد وكأنك كنت رحّالًا ورسخت على أرضك ..

لذا .. بكل رضا وسرور خرجت من قوقعتها بعدما اكتشفت نفسها بعيدًا عن أحزانها وعُقدها وشكوكها المستمرة في صفاتها البشعة - التي لا أحد يرآها غيرها -
توجّهت مسرعة للمزرعة لتكتُب أول سطور من صفحتها الجديدة ..
واختارته ليزين مقدمة الصفحة
.
.
اقتربت جميلة بخطواتها الهادئة المترددة بعض الشيء من صديقتها ماريا ..
ابتسمت بخفوت وهي تراها تقترب من فرس لفحصه، اقتربت أكثر حتى صارت خلفها وربتت على ظهرها بهدوء ..

وكما توقعت تمامًا جسدها انتفض فزعًا واستدارت لها بملامح مرتعبة وكأن قاتل متسلسل ما سيخلِّص عليها ..

ضحكت جميلة فعقدت ماريا حاجبيها بتذمُّر ولكن سرعان ما أنفك عندما أدركت وجودها هنا أخيرًا ..

ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي ماريا وهي تقترب محتضنة جميلة هاتفة بحفاوة :
_ يادي النور يادي النور وأنا اقول المزرعة شعللت ليه فجأة

ابتعدت عنها متابعة :
_ الحقيقة كان معتز في المعمل بيجرب دوا جديد والمعمل فرقع بس نعتبرها إشارة إنك جيتي وعبرتينا .

لكزتها في كتفها قائلة بسخط :
_ ده أنا كنت هروح في داهية بسببك .

سألتها جميلة باستفهام :
_ ليه يعني ؟

حدقت بها ماريا قليلًا ثم تمتمت باسيتاء :
_ يا بجاحتك كمان مش عارفة !!
ثم استرسلت :
_ اختفيتي من الشغل من غير طلب أجازة ووليد كان هيفرقع .

ما إن ذكرت اسمه حتى تطلعت حولها قائلة بفضول وكأنها تذكرت لتوِّها بأنها جاءت من أجله :
_ آه صحيح هو فين ؟

رفعت ماريا حاجبيها وتلاعبت بهما بخبث نابسة :
_ اه يا واد يا شقي .. عشان كدة جيتي .

نظرت لها جميلة ممثلة البراءة في ثنايا وجهها مُغمغِمة :
_ ايه ؟؟

حركت ماريا وجهها بإستنكار وخاطبتها بتهكُّم :
_ هو ورا أخد حصان بيتفسح بيه شوية .
ثم استأنفت :
_ الواد حالته النفسية وحشة جدًا .

مطت جميلة شفتيها بأسف وأنزلت رأسها لأسفل وقبل أن تتفوه بكلمة مُعتذرة سبقتها ماريا قائلة بضجر :
_ الحقي صالحيه بقى عشان حاشرنا في الشغل حشْرة منيلة .

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن