الفصل الرابع عشر |الغُـرفـة المُـغلـقـة|

1.9K 124 35
                                    

" الأهم من كلّ شيء هو ألاّ تكذب على نفسك، الرجل الذي يكذب على نفسه ويستمع لكذبته سيصل إلى مرحلة لن يتمكّن بعدها من تمييز الحقيقة في داخله أو من حوله، وهكذا سيفقد كلّ احترامه لذاته وللآخرين، ومع افتقاده للاحترام، سيتوقّف عن الحب "

- دوستويفسكي .

*
*
*
مرت بضعة أيام حتى آتي يوم الأربعاء .. وما المميز فيه فمثله مثل بقية الأسبوع لا جديد يُذكر سوى استمرار انقطاع التواصل بين جميلة وعمر .. الذي بات يشك بأنها تريد الانفصال عنه وهذا ما يرعبه، فكما تعلمون لو خسرها سيخسر معها أشياءً عديدة، أشياء جعلته إنسانًا ذو قيمة بعدما كان يتدحدر للحضيض ..

يتوقف عمر بسيارته جانب محل عصائر يجاوره محل يبيع معلبات الكشري المُفضّل لدى مصطفى، يستند عمر على جانب السيارة يربط ذراعيه وينظر للعامة من خلال نظارته الشمسية بلونها البرتقالي الفاتح ..

اقترب مصطفى يحتضن بذراعه كوبين من عصير الموز باللبن، ويده الآخرى ممسكة بعلبتين الكشري حيث واحدة تعلو آخرى ..

التقط عمر علبته وبيده الثانية أخذ كوب العصير متمتمًا بحِنق :
_ أنتَ ليه اليوم عندك لازم يبدأ بكشري ؟ ده دوا ماشي عليه ولا ايه مش فاهم !!

صعد مصطفى على مقدمة السيارة يجلس عليها فاتحًا غطاء العلبة وقال :
_ الكشري ايه وكوباية القهوة ايه .. مش فارقة الاتنين بيظبُطوا المزاج وأنا الكشري بيظبُط دماغي
دفع مصطفى في فمه ملعقة كبيرة تحوي طعامه مستأنفًا وهو يمضغ :
_ ثم إني قدامي يوم طويل لسة هروح شركتين اعمل معاهم interview " مقابلة عمل " .

كرمش عمر وجهه بتقزز وهتف :
_ ابلع اللي في بؤقك الأول يا مقرف .. وبعدين ارحم نفسك بقى شوية من مقابلات الشغل دي صحتك عايزنها .

_ طبعًا ما أنتَ لازم تقول كدة .. ما سيادتك عندك شركتك ومش محتاج تلف سبع لفات عشان حد يرضى يشغّلك .

طوال ما كان يتحدث كان عمر يقبض يده ويبسطها أمام وجهه بمعنى آخر " يُخمِّس " ، فعقد مصطفى حاجبيه وضرب كف يده باستياء نابسًا :
_ عيّل مش محترم وربي .

_ ما أنتَ اللي فقري .. ما كنت دخلت تجارة كنت شغلتك محاسب في الشركة ولا حاجة .
غمغم مصطفى بسخط :
_ متشكرين على الوجايب يا ابن الذوات .. اكتم بقى خليني اهضم اللقمة .

لاذ عمر بالصمت ولكن سحبه مصطفى لحوارٍ آخر محادثًا :
_ صحيح أنا ونازلي رايحين النهاردة المستشفى عشان هتعمل عملية ال IVF " أطفال الأنابيب " .

التفت له عمر منتبهًا وقال :
_ لوحدكم ؟
هز رأسه مجيبًا :
_ أيوة دي عملية بسيطة مش هتاخد وقت، يادوب ربع ساعة أو نص ساعة بالكتير وبعدها هنروّح البيت عادي .

صمت عمر لحظات ثم سأله :
_ هو أنتَ عارف هيحصل ايه ؟

_ الدكتور قال لي حاجات بسيطة كدة .. هيسحبوا بويضات من عند نازلي وهيتعاملوا معاها وهيحطوها في بيئة تنفع للنمو باين .. وبعدها هيخصّبوها ويراقبوا تطوراتها وانقسامتها وشوية الحاجات دي، وبعدين هتيجي نازلي تاني عشان الدكتور ينقلّ لها البويضة المخصبة دي جواها تاني

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن