الفصل الثاني عشر |أنـا أُحِـبُـكِ|

2K 116 26
                                    

" ربما إن وجدَت طريقها خاطئ تستدير لتبحث عن طريقٍ ثانٍ ووقتها ربما ترى طريقي أنا، وربما تختاره يومًا ما "

*
*
*
خطت ماريا العتبات نحو باب مكتب وليد فوجدته مفتوحًا، نظرت من خلال الفتحة الضيقة للحجرة فلم تراه ..
فتحت الباب عن آخره ودلفت لتنتظره جالسة على مقعد بجوار مكتبه ..

مرّت الدقائق وعيناها تجول أرجاء حجرته، كثيرًا ما كانت تذهب إلى دفتره الخشبي المستقر على سطح المكتب ..
أطالت النظر به يأكلها الفضول لكي تأخذه وتتصفح ما بداخله، فلم تترك فضولها ينهشها أكثر من هذا والتقطته سريعًا مدققة النظر على غلافه الخشبي المنقوش في طرفه الأيسر من أعلى قلبًا غائرًا خلّاب المنظر ..

أبدت عيناها إعجابه بمظهره الأنيق وفتحت أول صفحاته لتصطدم حدقتاها بأسمٍ مكتوب بخطٍ مرسوم بإبداع ..
" جَميـــــــــــلة "

عقدت ماريا حاجبيها استعجابًا وأخذت جولتها بين صفحاته سريعًا وتفاجئت من العدد الذي رأته، ألهذا الحد وقته فارغًا لدرجة أن يملأ نصف الدفتر بجُمل لها ؟
أم هو هذا البئر العميق الذي يخبئ فيه تتيمه بها فعل ذلك ؟

فتحت الصفحة الثانية لتقرأ محتواها :

" عزيزتي جميلة .. أقدم لكِ هذا الدفتر الصغير مُحمَّلًا بكل المشاعر التي أكنّها لكِ، على يقين بأنه سوف يأتي يومًا وتقرأيه بنفسك، أو أنا بنفسي سوف ألقي كل كلمة به على مسامِعك .. فقط حينما تحين الفرصة وتدركين كم أُحِبُّكِ أنا ..
كثير من حولي يقولون أني أسلُك طريقًا خاطئًا وأني أُضيّع معكِ عمري بسبب حبي اليائس لكِ ..

حبي من طرف واحد كما يسردون، وربما لدي بعض الإدراك أنه من الخطأ حُب فتاة مرتبطة، ولكني أحببتك قبله أُقسِم لكِ .. وأتيقن بأن هذا الفتى لا يحمل لك مقدارًا قليلًا مما أحمله لكِ ..
أعلم أنني أحببتكِ عن طريق الخطأ .. ولو حُبكِ إثمًا فهو أطهر إثمٍ فعلته في حياتي ..

حبيبتي وجميلتي .. إليك كلماتي التي نصفها من خاطري ونصفها اقتباسات رأيتها مناسبة لمشاعري اتجاهك "

.
.
طافت عيناها بين تلك الصفحات الكثيرة حتى توقفت عند صفحة زاخرة بالاقتباسات ..

فمثًلا عند قمة الصفحة مكتوب بخطِّه البهي اقتباس لمفضّله فرانس كافكا :

" فأنتِ تنتمين إليّ، حتى و لو قُدّر ليّ ألا أراكِ ثانيةً على الإطلاق "

وفي السطر الذي يليه يضيف اقتباس آخر لنفس الكاتب :

" إن البهجة التي يخلقها وجودك تجعلني أتحمل أي شيء "

علّكم تتعجبون من اختياره، ولكنه يرى فيه نفسه ..
حبه العميق لميلينا الذي لم ييأس لحظة منه، ظل لآخر قطرة في دمه يعشقها ولم يستسلم مرة للكفِّ عن كتابة رسائله لها ..
وياللتشابه الذي يجمعهما .. فهو أيضًا برغم صلابة الظروف لا يستسلم عن تعبيره الهائم لها !

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن