الفصل الثالث والأربعون |فُــرصــة|

1.1K 59 26
                                    

كنت صغيرة ..
لا املك من الحياة شيئًا سوى اللهو والاستيقاظ مبكرًا لمشاهدة الكرتون ..
تتصورون أعزائي أنني كنت استيقظ الثامنة صباحًا خصيصًا لاشاهد كرتون العمياء دورا ؟

كانت أحلامي بسيطة ونظرتي للبشر غاية في التواضع ..
كنت ارى الأشرار فقط في المسلسلات والأفلام وكنت استعجب تصرفاتهم وأبغض شخصياتهم واتساءل ..
لماذا هم كذلك ؟ لماذا يختارون أن يكونوا أشرار ..

وبالرغم من كوني مازالت طفلة في حداثة عمري ..
ولكني كنت على يقين أن الخير والشر اختيار .. فقط علينا أن نؤشر على ما نريده .
*
*
*
يسير بالشوارع الخالية، قدماه تجرّه دون غاية واضحة ..
حيث بعدما رحل من تحت نافذتها باتت أهدافه كلها متزعزعة لا يدرِ أين يذهب وماذا يفعل ..
وللحق عندما قصدها لم يكن ينوي إيذاءها ..
فقط أراد رؤيتها وجعل عينيه تتشرب ملامحها ولو للحظة ..
ولكنه لمح خوفها ونفورها، فقرر ألا يبقى أكثر من هذا ويرحل تاركًا الطمأنينة تشعشع قلبها ..
يا للسخرية ..
بل يا للحسرة، فبعدما كان قلبها هذا لا يشعر بالأمان سوى بجواره ..
بات الآن يشمئز من ظهوره ..
أي حماقة افتعلها !
ألم يكن الأسهل الاعتراف ؟
خاصًة وأنه جعل الصورة الأخيرة مشوهة، حينما تتذكره أو ترى وجهه أو حتى سماع اسمه في أي مكان ولو لم يكن المقصود هو سوف ترتعش أوصالها وتبدي إعياءها عند تذكره ..

لا يعلم لماذا فعل هذا حتى حين ..
ولكن غريزته وفطرته يغلُبان دومًا ..
والنقطة البيضاء لديه حين تريد الانتشار يغلبها السواد، فهو الجزء الأكثر والأقوى على كل حال !

ولكنه لن يستطيع التغلب على فطرته مهما حاول ..
فالطابع السيء الذي انقشع منذ الصغِر لابد من فرض نفسه مهما زاد طولك واشتد عضدك ..
فالجذور لا تتجدد مثل الأوراق، تظل مدفونة تحت الرمال ..
وحينما تموت تنهار الشجرة ولا تعود صالحة للعيش مرة آخرى !

أبطأت قدماه عن الحركة حينما رفع رأسه ولقطت عينيه لافتة منقوش عليها اسم رجل يسبقه حرف الدال ..
وأسفل اسمه مكتوب " ماجستير في الأمراض النفسية والعصبية "

ظل علي يحدق باللافتة قليلًا ..
حتى سأل نفسه " ولِم لا ؟ "

اتخذ قراره ودلف المبنى، صعد الدرج ووجهته عيادة الطبيب ..
ولكنه توقف حينما قابل رجلًا ينزل الدرجات فأوقفه سائلًا :
_ لو سمحت عيادة الدكتور فتحي أبو عرب الدور الكام ؟

أجابه الرجل :
_ الدور التالت بس هو قفل العيادة خلاص ؟
سأله :
_ طيب متعرفش مواعيده ؟

أجاب :
_ بيجي كل أربع من 2 ل 8 .
تذمّرت قسمات علي وزفر بضيق فلاحظه الرجل وسأله :
_ محتاجه ضروري ؟
طالعه علي قليلًا وقال :
_ أوي .. ولو مشوفتوش بالكتير على بكرة احتمال اغير رأيي .

ابتسم الرجل بوقار وقال له :
_ طيب ياسيدي وأنا مش هخليك تستنى لبكرة .. معاك الدكتور فتحي .
رفع علي حاجبيه داهشًا وابتسم ليقول :
_ ده انا حظي حلو بقى .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 14 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن