الفصل الثامن والعشرون |سـيـقـول أنـه يـهـواهـا|

1.7K 108 24
                                    

اللهم كن لأهل السودان عونًا ونصيرًا، اللهم نصرًا مؤزرًا لفلسطين .

.
.

" كنت اظنني صنديدًا لا يهاب النيران، ولكن نظرت بالمرآة واكتشفت أن هذه النيران ما هي إلا شوقي وحُبي فرأيتني رعديدًا اخشى مشاعري وأنكرها ..
وما عليَّ سوى المعاناة بسببها "

*
*
*
هناك بزاوية الغرفة تقبع على الأرض ..
لا تعلم أين الأمان في هذه البقعة تحديدًا ولكنها تمتص ذُعرها ..
فبينما كانت تمسك بالهاتف لتحادث جدتها وتفاجئت بصورة والدتها تملأ أركان الشاشة .. تخبطت وتزعزعت ..
بادرت بأول رد فعلٍ خطر على بالها وهو غلق المكالمة وإلقاء الهاتف بعيدًا وكأنه بات جمرة لهب لسعت كفها فأبعدته خوفًا من إحراقها مجددًا ..

وها هي الآن تنزوي في هذا الركن تضم قدميها لصدرها وتحتويهما بذراعيها ..
أما عن مقلتيها المتذبذبتين فالدموع تخرج منهما برتمها الهادئ .. وتلتصق في أهدابها فيصبح المرأى واهن ..
.
.

خرج عصام لإحضار شطائر وعصائر من المطبخ، وفي طريقه نحو غرفته صوّبت عينيه على غرفة غزل، فوقع أنظاره عليها بهذا الوضع الفاتر ..

تعجبت قسماته وقلق فترك الصينية على أقرب طاولة صادفته واتخذ خطواته حتى غرفتها ..
فتح الباب عن آخره وظلّ متمسكًا بالمقبض وسألها بصوتٍ راخٍ .. فالهدوء يحلّق بالمكان ويخشى خدشه :
_ مالك قاعدة كدة ليه ؟

رفعت رأسها فتلألأت عبراتها أمام عينيه، تصاعدت بلبلته وأسرع يتوجّه نحوها، اقترب من موضعها وهبط لها قائلًا بقلق :
_ ايه اللي حصل ؟

همهمت بتشوش ولم يختفِ البكاء عن صوتها بعد :
_ أميرة رجعت مصر .. وهي دلوقتي عند تيتة .
سألها :
_ عرفتي منين ؟
أجابته :
_ كنت بتصل بتيتة وهي اللي ردت .

صمت لحظات ثم سألها مرة آخرى :
_ وقالت لك ايه ؟
حركت رأسها بنفيٍ وقالت :
_ ملحقتش .. قفلت في وشها أول ما شوفتها .

تنهد بضيقٍ ومد يده ليربت على ذراعها التي مازالت متمكسة بقدميها فانتبه لها حينما أردفت وصوتها يرتعش توجُّعًا :
_ الماضي كله جه في دقيقة جوة دماغي .. حاولت انساه واعديه بس هو مش راضي يفارقني
رفعت بصرها لعينيه فتزركش الألم في حدقتيها وهي تستأنف أنينها :
_ ما أنا كنت عايشة حياتي كويس .. ليه ظهرت فجأة ؟ أنا كنت خلاص تأقلمت على عدم وجودها .

ما بوسعه فعل شيءٍ لها سوى هذه النظرة العطوفة وحَذِرَ على ألا تخرج مُشفِقة، وتربيتة حنونة على ذراعها ثم التفوّه بشيءٍ لطيف :
_ تيجي ناكل ونتفرج على الموسم التاسع من المسلسل ؟

لاذت بالصمتٍ ثوانٍ وعدم الحراك ثم رفعت رأسها بهدوء لتنظر له فابتسم لها ..
حررت نفسها من قبضة ذراعيها ونهضت، فنهض معها وسمعها تسأله بوهنٍ :
_ محضر لنا أكل ايه ؟

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن