" قَد سَلَبَت مِني الحَياة ذلِكَ الدِفء الذي يُحيط بأي فَتاة في عُمري، فالعائِلة هُم أمانها الأول .. على الأقل عِندما تجِد حُبِها الحقيقي ..
و لَكن كَيف للفَتاة أن تَجد الحُب الحقيقي و الأمان الدافِئ و هي بالأصل لَم تُجرِبهُ ؟ كَيف تَعرِف إنهُ هو ؟حَسَنًا لِماذا تتَخلى العائِلة عن ابنتِها ؟ لِماذا اضطرُ أنا لخوض المعركة وَحدي ؟
والِدايّ .. لا اُسامِحكُما على تَركي وَحدي في هذه الدُنيا البارِدة، فأنا لا اتحملِها مِن دون دِفئَكُمْ "
*
*
*الساعة الثامنة مساءً الآن ..
تفتح غزل الحاسوب الخاص بأخيها عصام و تُحادِث والدها المُغترِب و الذي يعيش بعيدًا كثيرًا عنها، كأنه اختارَ أبعد دولة لكي لا يشعُر بالذنب و هو يرى فتاتِه تتألم من دونِه .._ و أنتَ ايه اخبارك ؟ مبسوط أكيد و أنتَ هناك .
قالتها غزل بنبرة بانت عادية و لكن يشوبها بعض السخرية، فضحكَ والدها " يوسف " بمرح و قال لها بحماس :
_ الجو جميل أوي يا غزل و لو إن مدغشقر قريبة من القطب الجنوبي بس هي حقيقي تُحفة، نفسي تيجي و تشوفيها بنفسِك .ارتسمت ابتسامة حزينة على ثِغرها و هي تقول ناظرة لصورة والدها في شاشة الحاسوب :
_ بجد عايز تشوفني ؟أجابها والدها سريعًا بقوله :
_ اه طبعا يا حبيبتي .. قولي لي و أنتِ أخبارك ايه في الجامعة ؟مممم .. يحاول تغيير دفة الموضوع و التطرق لأحاديث آخرى غير إدعائه الكاذب بأنه يريد رؤيتها ..
فأجابته غير مكترثة :
_ لسة هبدأ بكرة .. الدراسة عندي من الحد للأربع .قال :
_ و أميرة ؟ مش بتكلميها ؟قطبت غزل جبينها و أشاحت بوجهها بعيدًا عن صورة والدها مما لاحظ هذا و قال لها :
_ حبيبتي زي ما بتكلميني كلميها هي برضو .. متلوميهاش على اللي حصل .فرت دمعة سريعة من عينيها و قد تحولت تعابير وجهها للغضب و نظرت لصورة والدها مرة آخرى صائحة بسخط :
_ انا بلومكم أنتوا الاتنين، أنتَ بادرت بالبُعد و هي ما صدقت و حصلِتك و كأنها بتكيدك و راحت اتجوزت و سافرت قطر من و أنا عندي ٩ سنين و لحد دلوقتي مشوفتهاش ولا مرة .صمتت لحظة تبتلع غِصتها و تتابع بنبرة منخفِضة مرتعِشة :
_ أنتَ عارف أنا فاضل لي تلات شهور و أتم ال ١٨ سنة و لحد دلوقتي مشوفتهاش ولا مرة ؟ بقالي ٩ سنين مشوفتهاش !صمت يوسف قليلًا ينظر لابنته بحُزن ..
على الرغم من فراقه و أنه لا يلوم نفسه لحظة على هجرِه لزوجته و أيضًا لم يقطَع التواصل مُطلقًا بينه و بين ابنته، و ربما هذا الشيء الذي فعله جعل غزل تَقبل محادثتِه عكس رفضها مع والدتها، و لكن هو يتألم من أجلها ..
أنت تقرأ
عَـجلِـة الـبَـخـتْ
Romantizmيُقال القدر هو المنعطف الأخير لحياتنا و أننا نُميل نحوه في النهاية .. و لكن هل لأختياراتنا ثمنًا ندفعه قبل الخضوع لإختيار القدر ؟ . . فتاة حطّمها القدر من جانب مُظلِّم .. تحاول بكل جُهدها أختيار الأفضل لها على يقين بأن قدرها القادم سيمسى أفضل من سا...