الفصل الثالث |تـحطمـت فـقـابـلتـه|

2.9K 126 22
                                    

" قَد سَلَبَت مِني الحَياة ذلِكَ الدِفء الذي يُحيط بأي فَتاة في عُمري، فالعائِلة هُم أمانها الأول .. على الأقل عِندما تجِد حُبِها الحقيقي ..


و لَكن كَيف للفَتاة أن تَجد الحُب الحقيقي و الأمان الدافِئ و هي بالأصل لَم تُجرِبهُ ؟ كَيف تَعرِف إنهُ هو ؟

حَسَنًا لِماذا تتَخلى العائِلة عن ابنتِها ؟ لِماذا اضطرُ أنا لخوض المعركة وَحدي ؟

والِدايّ .. لا اُسامِحكُما على تَركي وَحدي في هذه الدُنيا البارِدة، فأنا لا اتحملِها مِن دون دِفئَكُمْ "

*
*
*

الساعة الثامنة مساءً الآن ..
تفتح غزل الحاسوب الخاص بأخيها عصام و تُحادِث والدها المُغترِب و الذي يعيش بعيدًا كثيرًا عنها، كأنه اختارَ أبعد دولة لكي لا يشعُر بالذنب و هو يرى فتاتِه تتألم من دونِه ..

_ و أنتَ ايه اخبارك ؟ مبسوط أكيد و أنتَ هناك .

قالتها غزل بنبرة بانت عادية و لكن يشوبها بعض السخرية، فضحكَ والدها " يوسف " بمرح و قال لها بحماس :
_ الجو جميل أوي يا غزل و لو إن مدغشقر قريبة من القطب الجنوبي بس هي حقيقي تُحفة، نفسي تيجي و تشوفيها بنفسِك .

ارتسمت ابتسامة حزينة على ثِغرها و هي تقول ناظرة لصورة والدها في شاشة الحاسوب :
_ بجد عايز تشوفني ؟

أجابها والدها سريعًا بقوله :
_ اه طبعا يا حبيبتي .. قولي لي و أنتِ أخبارك ايه في الجامعة ؟

مممم .. يحاول تغيير دفة الموضوع و التطرق لأحاديث آخرى غير إدعائه الكاذب بأنه يريد رؤيتها ..

فأجابته غير مكترثة :
_ لسة هبدأ بكرة .. الدراسة عندي من الحد للأربع .

قال :
_ و أميرة ؟ مش بتكلميها ؟

قطبت غزل جبينها و أشاحت بوجهها بعيدًا عن صورة والدها مما لاحظ هذا و قال لها :
_ حبيبتي زي ما بتكلميني كلميها هي برضو .. متلوميهاش على اللي حصل .

فرت دمعة سريعة من عينيها و قد تحولت تعابير وجهها للغضب و نظرت لصورة والدها مرة آخرى صائحة بسخط :
_ انا بلومكم أنتوا الاتنين، أنتَ بادرت بالبُعد و هي ما صدقت و حصلِتك و كأنها بتكيدك و راحت اتجوزت و سافرت قطر من و أنا عندي ٩ سنين و لحد دلوقتي مشوفتهاش ولا مرة .

صمتت لحظة تبتلع غِصتها و تتابع بنبرة منخفِضة مرتعِشة :
_ أنتَ عارف أنا فاضل لي تلات شهور و أتم ال ١٨ سنة و لحد دلوقتي مشوفتهاش ولا مرة ؟ بقالي ٩ سنين مشوفتهاش !

صمت يوسف قليلًا ينظر لابنته بحُزن ..

على الرغم من فراقه و أنه لا يلوم نفسه لحظة على هجرِه لزوجته و أيضًا لم يقطَع التواصل مُطلقًا بينه و بين ابنته، و ربما هذا الشيء الذي فعله جعل غزل تَقبل محادثتِه عكس رفضها مع والدتها، و لكن هو يتألم من أجلها ..

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن