الفصل الثاني والأربعون |تـغـييـر مَـسـار|

1K 92 21
                                    

أعربت عن وعيها بفتح جفنيها ببطء ..
أخذت دقائق لا بأس بها لاسترداد جزءًا من وعيها، لتبدأ بعدها باكتشاف ما حولها ومَن أمام وجهها ..
معالمه مختلطة ولكن ترى عيونه مرتكزة عليها ..

سمعت صوت يأتي من بعيد ينبس باسمها برقة، رغم عدم إدراكها الكامل ولكنها حاولت صب تركيزها الضعيف عليه، وعندما اتضحت قسماته حاولت الابتسام ولكن أعصابها بالكامل تحت تأثير المُخدِّر فما عاد باستطاعتها حيازة نفسها ..

لذا تابعته يقول بحنانٍ جارفٍ :
_ الحمدلله .. أنتِ كويسة يا ليلة ؟
أرادت الإيماءة، مجرد إيماءة بسيطة ولكن حقها في ذلك لم تمتلكه أيضًا، ولكن مع ذلك لم يحتاج لإيماءتها للإطمئنان كفى عليه أن مقلتيها منفرجتان ..

اقترب منها ورفع يده ليضعها على رأسها ويهمس لها بحب مع بسمة ساطعة :
_ مش قولت لك أول ما تفتحي عينك هتلاقيني في وشك وماسك أيدك ؟
بالفعل انتبهت أن يدها اليمنى محتجزة ولا تستطيع فك حصارها، فكانت تحت أسر يده ..

ذاب الجليد من حول شفتيها واستطاعت الابتسام فابتسم لها بعشقٍ ورفع يدها ليضع قُبلة حنونة عليها ..
بعد ثوانٍ تمتمت له بحشرجة خافتة :
_ هي الساعة كام دلوقتي ؟

غفلت عينيه لحظة عنها ليتفحص ساعة يده ثم عادت لها مجددًا وقال :
_ الساعة 10 .
بان التعجب على ملامحها وهمهمت :
_ أنا بقالي كتير نايمة ؟

قال لها :
_ لأ مش كتير أوي .. أنتِ عملتي العملية الساعة 9 قعدت 3 ساعات ونص ومن ساعتها وأنتِ تحت تأثير البينج
ثم أضاف :
_ بس الحمدلله محصلش أي مضاعفات عشان الدكتور قلقني .

صمتت لحظات حاولت بها اكتشاف الغرفة وعندما فشلت سألته :
_ هو أنا في أوضتي ؟
قال لها :
_ لأ أنتِ في العناية المركزة .
صمتت مجددًا .. فتلك الثواني تتخذها لكي تحاول استيعاب ما يقوله ..
سألته بخفوت :
_ وأنتَ ازاي قاعد معايا عادي ؟

_ اتحايلت على الدكتور كتير يسيبني معاكِ ووعدته مش هعمل حاجة ولا هتكلم .. هقعد ماسك أيدك بس
أردف بعدما ضحك بخفة :
_ قولت له يمكن تحس بيا وتفوق بسرعة .

ارتسمت ببطء بسمة متعبة على شفتيها وقالت :
_ وقال لك ايه لما قولت له كدة ؟
أجاب :
_ اتريق عليا واتحسر على الطب بتاعه .. قال لي يعني الأجهزة والمحاليل مش هيصحوها ولما تمسك أيدها هتصحى ؟

خرج صوت ضحكتها خافت فضحك معها وبقى صامتًا ينظر لها ..
فعيونه كانت تروى الكثير من الكلام الذي إن حاول إخراجه لن يظهر بنفس تناسقه ..
سألها بعينيه " هل كل شيء انتهى حقًا ؟ "
لا يصدق أنها صارت مُعافة .. ولا مزيد من جلسات الديال بعد ذلك ..

كم هو يوم سعيد كليلة عيد الفطر حينما ينتظرها الطفل بفارغ الصبر بجوار ملابسه التي تستلقى في حضنه وهو نائم وعندما يصحو يتحفز للذهاب لنزهة مع بالونته ومثلجاته وهو يركض في الحديقة أو بجانب شاطئ البحر، يشعر حينها بالحرية الحقيقية ..

عَـجلِـة الـبَـخـتْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن