الفصل الثامن و الثلاثون

89 6 0
                                    

قلك أذلك خير أم جنه الخلد التى وعد المتقون 💙

حفصه : الحمد لله الذى علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، و الصلاه و السلام على نبى الله الأكرم ، محمد _ صلى الله عليه و سلم _ ، أما بعد ...
نستكمل يا أخواتى الحديث عن الجنه و نعيمها ، فالجنه توحى بالنعيم المادى من الطعام و الشراب و الملبس و غيرها ، أما كلمه النعيم فهى توحى بالنعيم المعنوي، و أكبر صور النعيم المعنوي هو رؤيه الله - عز و جل - و من صور النعيم المعنوي أيضا رؤيه الأنبياء و مقابله الأهل و الأولاد فى الجنه .. فاللهم ارزقنا الفردوس الأعلى من الجنه
يا خاطب الحور الحسان ، لو كنت تدرى ما طلبت لم تتغافل يوما .. فلو لم يكن لأهل الجنه إلا النجاه من النار لكفى ( فمن زحزح عن النار و أدخل الجنه فقد فاز ) .. فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قره أعين .. فلا تكن من أهل التهاون و استعن بالله و ابدأ فى العباده من هذه اللحظه ، فالجنه لها مهر ( ألا إن سلعه الله غاليه ، ألا إن سلعه الله الجنه ) .. صم عن المعاصى حتى تصل إلى الجنه ، كما تصوم عن الطعام و الشراب فى رمضان حتى يأتى وقت الإفطار ، صم الآن عن المعاصى و الذنوب حتى يأتى وقت الجزاء و عندها ستُجزى بما جاهدت و صبرت ( أولئك يجزون الغرفه بما صبروا ) ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )
أنظر إلى قصص و أخبار الأولين ( لقد كان فى قصصهم عبره ) فالسرور الذى عاشه من أحب الدنيا تبدل بالحزن ( إنه كان فى أهله مسرورا ) فتحولت سعادته إلى عذاب يوم القيامه ، أما العابد القانت ( ينقلب إلى أهله مسرورا ) فهو كان مسرور فى الدنيا ، فالنعيم يملأ قلبه فى الدنيا قبل الآخره بسبب مجاهدته لنفسه
فأهل الدنيا الذين آثروها على الآخره فشلوا فى العلم و الإيمان معا ، فهم يسعون فى وحشه لأن ليس فى قلوبهم جنه ، فقلوب المؤمنين بها جنه كما قال ابن تيميه ( بل تؤثرون الحياه الدنيا * و الآخره خير و أبقى ) .. فهؤلاء الجهله أصبحوا عبيدا للشيطان و الهوى و النفس بدلا من عبوديتهم لله و التى خُلقوا لها ... فالسعد من الدنيا الإدبار عنها ..
أول أمه تدخل الجنه هى أمه محمد - صلى الله عليه و سلم - و أولهم أبو بكر الصديق بعد الرسول - صلى الله عليه و سلم- .. فكنا آخر أمه فى الدنيا و أول أمه يوم القيامه .... و هناك من يدخلون الجنه بغير حساب و هم الذين يتقون و يتوبون و يتبعون السيئه بالحسنه ، فيدخلون الجنه زمرا فيدخلونها جماعه فى صف معا و صورتهم كصوره القمر و آنيتهم من الذهب و أمشاطهم من الذهب و الفضه و رشحهم ( العرق ) من المسك ، لكل واحد منهم زوجتان لا يوجد تباغض بينهم ، فقلوبهم سليمه و همهم رضا الله ...
اللهم اجعلنا منهم
كانوا يسبحون الله بكره و عشيا و كانوا يتوكلون توكلا تاما على الله و لا يتشائمون إذا أصابتهم مصيبه فهم قد فهموا معنى التوكل الحقيقى على الله ، و علينا الدعاء و التوسل أن نكون منهم فهناك سبعون ألف أو سبعمائه ألف يدخلون الجنه فى وقت واحد

*****

و لا تقتلوا أنفسكم 💙

اجتمع الناس حول تلك الجثه الهامده و التى سال منها الدماء بكميات كبيره و كانوا ينظرون إليها بشفقه ، فهذه جثه لشاب يبدو أنه فى عامه التاسع عشر أو أكبر بقليل ، و الآن غابت الحياه من عيونه التى كان من المفترض أن تلمع من السعاده فى هذا السن الصغير ، فما الذى حمل هذا الشاب على أن يلقى نفسه من فوق ذلك البرج شاهق الارتفاع بتلك الطريقه المؤسفه ... و فى الأخير تقدم بعض الناس و قاموا بتغطية وجهه بحزن و أسى على حاله .. و لكن لاحظوا ورقه صغيره فى يده فأمسكها أحدهم و لم تكن تحتوى إلا على عباره واحده ( قتلني بمعاملته و لكنى لازلت أحبه )

لؤلؤه لغواص واحدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن