57 : الجحيم

273 32 2
                                    

"تفضلي"

نظرت إديل بصمت إلى الخبز والماء الموضوعين أمامها، وبينما كانت تكتفي بالتحديق في الطعام بعينيها الهادئتين، اشتدّت نظرات ديلون فجأة.

"أعتقد أنكِ جائعة جدًا بعد هذا الوقت الطويل بدون طعام... يبدو أن الطعام لا يروق لكِ."

'ما زالت لا تدرك موقفها جيدًا بعد.'

ابتسم ديلون بسخرية باردة، هؤلاء النبلاء رفيعوا المكانة لا يمكنهم الهروب من عاداتهم، بالتأكيد لا يعرفون شيئًا عن حياة العامة الذين يموتون جوعًا لعدم قدرتهم حتى على أكل رغيف واحد من الخبز.

عندما تذكر ديلون ماضيه، حيث بالكاد نجا من ذلك الجحيم، تغيرت نظراته، نظر إلى الأرشيدوقة التي ما زالت جالسة بلا حراك بتعبير هادئ، رغم أنها كانت مقيدة مثل الحيوانات وفقدت حريتها، إلا أن هالتها النبيلة كانت واضحة، ولم يكن ذلك فقط بسبب جلوسها المستقيم بفخر.

'إنها امرأة تختلف عن مظهرها، لم ترفع صوتها قط.'

كان هذا بفضل هدوئها حتى في ظل اختطافها، عندما استعادت وعيها بعد أن أُعطيت المهدئات، ظلت محافظة على هدوئها، كانت تختلف تمامًا عن مظهرها الخارجي الرقيق والهش، الذي كان يبدو كأنه مصنوع من الزجاج.

'لكنها ستعرف قريبًا ما هو الجحيم الحي'

لم يكن لديلون أي كراهية شخصية تجاه الأرشيدوقة، لكن كراهيته للنبلاء بشكل عام كانت واضحة، سلوك إديل الذي يشبه سلوك النبلاء الرفيعين أزعجه بشدة.

"أوه، هل تواجهين صعوبة في تناول الطعام في هذه الحالة؟"

لم يكن أمامها طريقة لتناول الطعام إلا بتقريب رأسها لتأكل بفمها مباشرة.

"يبدو أن النبيلة الرفيعة لا تستطيع قبول أن تأكل كالحيوانات."

تابع ديلون بلهجة ساخرة.

"على أي حال، ستعتادين على ذلك، لأن حياتكِ الآن ستكون أسوأ من حياة الحيوانات."

كان ديلون يتوقع أن تكون الأرشيدوقة مصدومة من كلماته، لكنها ظلت هادئة، رفعت إديل رأسها وألقت بنظرة خلف كتف ديلون، عندها فقط ظهر تغيير على وجهها، بتعبير غارق في الكآبة، فتحت فمها بصعوبة، لم تكن قد شربت بشكل كافٍ، لذا كانت كلماتها الجافة تخرج بصعوبة من بين شفتيها المتشققتين.

"... أنا بخير، لذا شارك هذا الطعام مع الآخرين."

نظر ديلون إلى الفتيات الواقفات خلفه، كنّ يتيمات اختُطفن من الأحياء الفقيرة وسيتم بيعهن مع الأرشيدوقة، كان الطعام الذي وُزع عليهن أسوأ بكثير من طعام الأرشيدوقة بسبب انخفاض قيمتهن السوقية، كنّ معتادات على الفقر والجوع، فهن من الطبقة الدنيا.

'امرأة لم تلمس شيئًا قذرًا طوال حياتها، ولم تعرف معنى الجوع...'

بأي حق تشفق عليهن؟.

زهرة الدوق مصيبتها مصيبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن