71 : أفضل ما يستطيع أن يختاره

244 27 3
                                    

أدنت إديل رأسها سريعاً نحو الأسفل، وشعرها الحريري ذي اللون القمحي انساب بهدوء على وجنتيها، تحت رموشها الطويلة والرطبة التي كانت تحجب عينيها، كانت قطرات الدموع لا تزال تلمع بخفة، بينما كانت تنظر إلى الأسفل وتعض على شفتيها المرتعشتين، بدا مظهرها مشحونًا بالأسى.

في تلك اللحظة، كان جسده يرغب تلقائيًا في مد يديه نحوها، لكن يديه تراجعت بارتجاف، شدّ قبضتيه وأحكم إطباق أسنانه، كان عليه أن يتحمل، لأنه، لقطع مشاعرها، كان عليه أن يواجهها بشجاعة، حتى وإن كانت تلك الشجاعة ستجرحه بنفسه، كأنه سيف ذو حدين.

"لقد تأخر الليل، من الأفضل أن ننهي حديثنا هنا."

قال لها بصوت هادئ، يخفي مشاعره، وهو يقف في مكانه.

"لم تتعافي تمامًا بعد، لذا ارتاحي على السرير ونامي جيدًا."

عندما طلب منها إنهاء الحديث، ارتعش كتفا إديل بضعف، بدت كأوراق نبتة صغيرة تتعرض لأمطار غزيرة وكأنها ستنهار في أي لحظة، كان يود لو أنه يستسلم لرغبته في ضمها ونقلها إلى مكان آمن، ولكنه كبح هذا الشعور، فلو لمسها ولو لمسة صغيرة، لشعر أن عزيمته التي جمعها بصعوبة ستنهار تمامًا.

أغمض عينيه ببطء وفتحها، ثم أدار وجهه بعيدًا عنها كأنه يرفض النظر إليها، متوجهاً بنظره نحو المكتب المتصل بغرفة النوم، بصوت منخفض مفعم بالحزن قال:

"لدي أمور عليّ مراجعتها،  اذهبي للنوم قبلي."

غطت إديل فمها بيديها، بينما انخفضت برأسها أكثر، دون أن تتفوه بكلمة، تجاوزها بخطوات ثقيلة، بالكاد استطاع إبعاد نفسه عنها.
.
.
.
جلس خلف مكتبه وغطى وجهه بيديه، وهو ينحني برأسه، انبثقت تنهيدة منخفضة وثقيلة من بين شفتيه، في لحظة وحدته بعيدًا عنها، استطاع أخيرًا أن ينزع القناع الذي كان يرتديه بصعوبة.

تحت هذا القناع، ظهر وجه رجل تمزقه آلام حادة في قلبه، ترتسم عليه بوضوح ملامح العذاب الذي حاول جاهدًا إخفاءه.

كان طعم الدم ينتشر ببطء داخل فمه، حيث كان يتحكم بمشاعره بصعوبة طوال الوقت، فيما ارتسمت ابتسامة مريرة على شفتيه، لقد كان يتوقع ذلك إلى حدٍ ما.

عندما قالت إنها ستأتي إليه الليلة لتفي بوعد سابق، عرف أن زيارتها لم تكن مجرد تأدية لواجبات الزوجة بناءً على شروط العقد.

رغم ذلك، كان يحاول تفسير كلماتها بطريقته، مستذكراً حديثهما السابق.

-"هل يمكنني القدوم إلى غرفتك، يا صاحب السمو؟"

-"سأنتظركِ، الليلة، في غرفتي."

قبل حادثة الاختطاف، كانت إديل قد سألته بخجل، محمرة الوجه، إن كان بإمكانها زيارته، كانت قبل ذلك ترفض الاقتراب منه تحت ذريعة أداء واجباتها كزوجة للأرشيدوق، لكن تغيير سلوكها جعله يستجيب بحماس، مؤكداً لها أنه سينتظر.

زهرة الدوق مصيبتها مصيبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن