كيف يمكن للآخرين وأد الأحلام ؟ أحقاً يُمكن للحياة سلبنا كل شيء !؟ آمالنا و أحلامنا بلحظة واحدة ما كانت لتخطر على عقل أي منا !
قد لا يتمكن البعض من تصديق ذلك فكم من شخص عاش حياته بأمان يكذب ذلك الإنقلاب السريع بالحال وفجأة وجد نفسه غارق ببحر من الظلام الدامس بلا قاع ، حينها فقط هو سيندم على كل لحظة سخر منها من تلك المُعتقدات ، سيعلم و يؤمن وقتها أن لا شيء بهذه الحياة ثابت ، لا الألم و لا السعادة !
*
عدة طرقات من مطرقة القاضي أجبرت جميع من بالمحكمة على الصمت بأجواء مُغلفة بجبروت القلق و الخوف ، و ما أفظعها من لحظات تُضعف حتى قلوب أشد الرجال فكيف لو كانت هذه المطرقة و صاحبها على وشك تحديد مصير طفلان بالعاشرة من العُمر ؟ مسألة مؤلمة و قضية لم يحسب أي شخص ممن شهدها على أنه سيأتي يوم ما و يروا ذلك حقاً بل هي هدية إعتيادية من الأيام التي قلبت موازين سعادتهم و أغرقتهم بالألم .
كلاهما وقفا خلف الزنزانة الصغيرة بإنتظار حكم القاضي بأمرهما بمشاعر متفاوتة ، أحدهما كان يحدق بالقاضي بإنكسار و ألم بينما دموعه تهدد بالتحرر القريب أما الآخر فقد كان يحدق بكل ما حوله بإستياء شديد و شيء من الحقد و إن لم تتمكن عيناه من كتم الرعب الذي يتجرعه !
حدق القاضي بالأدلة أمامه وهو ينطق بحزم مُغمضاً عيناه :" لقد تم الحكم على المذنبين بجريمة القتل غير متعمد بالسجن لخمس سنوات بسجن الأحداث "
أنهى عبارته ليطرق مجدداً مُنهياً تلك الجلسة المشؤومة ، بينما إتسعت عينا الصغيران بخوف و ألم وهما يريان أنه ما عاد لهم أي أمل أو سند حقاً فما كان منهما سوى الإنقياد خلف الشرطة للعودة لزنزانتهما إستعداداً لنقلهما لسجن الأحداث الذي سيقضيان به فترة طفولتهما و التي حكم عليها بالإعدام قبل أن تُزهر حتى !
****
رفع حقيبته يضعها على ظهره بعشوائية شديدة وهو يتأمل حركة الأشخاص من حوله بشيء من البرود بينما يرن صوت مُضيفة الطيران بأذنه وهي تشكرهم على إختيار هذه الرحلة ، تثائب قليلاً قبل أن يحرك جسده بهدوء و من ثم يلتفت بعيناه ذات اللون العسلي النقي لرفيق طفولته و حياته :" ألم تجد حقيبتك بعد ليو ؟ أترغب حقاً بأن أتركك خلفي ؟ "
عبس رفيقه وقد عثر على ضالته أخيراً قبل أن يوجه أنظاره لصديقه وهو يتحدث بإستياء طفولي :" أأنت جاد ؟ أتستطيع فعلها حتى ؟ "
صمت قليلاً قبل أن يُردف بيأس :" أهكذا تخاطب رفيق دربك آلفين ؟! ناكر للجميل حقاً "
تململ آلفين منه وهو يعيد ترتيب خُصلات شعره الداكنة للخلف راداً على صديقه بتهكم :" لا تغتر كثيراً بنفسك حتى لا يحدث لك مكروه ما "
شهق رفيقه بفزع وهو يتمتم بضيق :" فظيع ! فقط كيف قضيت حياتي معك ؟ "
نظر له من طرف عينه بشيء من السخرية ليسير للأمام خارجاً من المطار ، هو فقط وقف يحدق بالشوارع ، لا يدرك حقاً سبب عودته لهذه المدينة كما لم يتوقع أن يكون الهواء هُنا خانقاً لهذه الدرجة المؤلمة !
أنت تقرأ
حطام خلفته الذكريات
Adventureالأمس ما عاد سوى ذكرى تُرتسم بصفحة بالية بخزائن العقل , ذكريات ما حملت بطياتها سوى كوابيس أبت التخلي عن أصحابها ... غمرت قلوب بعضهم بمُستنقع اليأس الكريه ... هي كصندوق قديم مليء برسومات لصور باهتة رمادية مُمزقة لتثُير بصاحبها مشاعر ما كان بحاجة لها...