العبوس كان يحتل ملامح وجهه بينما ينهي شرب كأس الحليب الموضوع أمامه ، هو أصبح لديه نظام غذائي فظيع منذ أن كشفه آل بمنتصف الأسبوع السابق !
و الآن هو مُطالب بتناول وجبات الطعام الثلاثة بالموعد الصحيح أو سيقلب رفيقه الشقة فوق رأسه ، تنهد بتعب بينما يقف ليُنهي ارتداء ثيابه و ينطلق مُتذمراً من كل ما يحصل معه ، لازال إستخدامه لصغيرته أمراً محظوراً و خاصة أنه عندما أراد مُعاندة رفيقه يثبت له أنه بخير أصيب بدوار اضطر بسببه للوقوف جانباً ! و قطعاً منذ ذاك اليوم مفتاح صغيرته لم يره حتى ! .
غادر المنزل يسير بشيء من الهدوء بسبب برودة الأجواء خاصة بهذا الوقت المُبكر من النهار ، اليوم هو أول يوم للامتحانات النهائية لهذا الفصل ، و أخيراً سيكون لديه عطلة ما من الجامعة و الاستيقاظ مُبكراً , شعر بيد ما تُمسك به لإيقافه بينما كان بالكاد قد غادر العمارة التي يعيش بها , عبوسه إزداد أكثر عندما أتاه صوت رفيقه الوحيد :" لماذا غادرت مُبكراً اليوم ؟ هل تناولت طعامك حقاً يا أخي ؟ "
أجابه بتذمر و كأنه كان بإنتظار أن يحدثه آل بأي حرف :" أجل فعلت ! ثم أهذا فقط ما يهمك ؟ ماذا عن نفسيتي الفظيعة !؟ آل أتفهم عدم رغبتك بتعريضي للخطر إن قدت أنا السيارة لكن ماذا سيحدث بالعالم إن أنت قدتها ؟ لماذا قد نستيقظ مبكراً جداً فقط للوصول للجامعة ؟ هذا مريع و يستنزف كل طاقتي قبل الوصول حتى ! و اليوم هو ..."
ضربة خفيفة وجهت لرأسه جعلته يصمت بينما ينطق آلفين بملل :" تحرك و حسب ليو و توقف عن هذا التذمر يا أخي , ماذا لو أُصبت بالدوار و أنت تقود ؟! و كنت بمفردك ؟ الأمر قد ينتهي بكارثة ! و أنا لا أريد إستخدام صغيرتك لذا فقط تقبل الواقع "
تمتم بعدة عبارات غير مسموعة بينما يسير فحسب بوجه مُتجهم إلا أنه سرعان ما أبعده و عاد للحديث مع آل بمواضيع مختلفة و ربما أهمها هو تجاهله لإتصال والده عليه بحجة أنه لا يريد سماع التُراهات منه , و قطعاً إستنكر آلفين هذا التصرف و ليو تجاهل الأمر فحسب , هو حقاً لا يريد أن يستمع لوالده و كلماته المسمومة تلك !
بعد ساعة تقريباً كانت عيناه العسلية تحدق بالأسئلة بهدوء بينما يده مُنهمكة بتسجيل الإجابات ، هو ركز بالكامل بما أمامه ، بينما على خلافه تماماً كان ليو يجلس مُحدقاً بورقة الأسئلة بملل شديد ، هو تمكن من معرفة كل الإجابات تقريباً و يرى أن انتهائه بسرعة من حلها سيجعله يجلس بلا أي عمل حتى يخرج رفيقه من امتحانه !
لذا فقط كان يخط الكلمات ببطء شديد بينما يفكر بأنه حقاً درس أكثر مما ينبغي ، مع ذلك كان مُتحمساً و بشدة لرؤية النظرة التي ستظهر على وجه والده و ابن عمه الغبي عندما يرون أنه تفوق ، هو و حتى لو لم يجبره آلفين كان ينوي فعلها ، السهر للصباح تقريباً فقط ليرى تلك النظرة !.
*
عيناه خلال ذاك الأسبوع لم تفارق توأمه و لو لثانية واحدة ، الآن كلاهما بالمطبخ بحيث كان الأصغر يتحرك لإنهاء إعداد الفطور بسرعة بينما الأكبر كان يراقبه بنظرات حائرة حزينة ، تقريباً عاد كلاهما لذات الروتين لكن بشرخ كبير بينهما ، حائط لا يدرك كلاهما متى تم بنائه و لماذا ؟!

أنت تقرأ
حطام خلفته الذكريات
Adventureالأمس ما عاد سوى ذكرى تُرتسم بصفحة بالية بخزائن العقل , ذكريات ما حملت بطياتها سوى كوابيس أبت التخلي عن أصحابها ... غمرت قلوب بعضهم بمُستنقع اليأس الكريه ... هي كصندوق قديم مليء برسومات لصور باهتة رمادية مُمزقة لتثُير بصاحبها مشاعر ما كان بحاجة لها...