تلك الليلة حملت الكثير من الهدوء على خلاف ما شعر به رب تلك الأسرة و الذي كان يجلس على إحدى الآرائك وبيده فنجان قهوة تتصاعد الأبخرة منه بينما إبنته و زوجته بجواره , أخرج نفسه من أفكاره التي أخذته للماضي البعيد بينما أبعد أنظاره عن تلك الأبخرة ليحدق بمن معه وهو ينطق بإستياء شديد :" أنا حقاً لا أعلم كيف يمكنني إبعاده عن ذلك الفتى ! هو قريب منه للغاية , و لا أعلم حتى إن كانا معاً طوال هذه السنوات ! "
تنفست زوجته بعمق قبل أن تتحدث بهدوء :" عزيزي عليك إعطائه فرصة ، آلفين مازال يحاول تقبل عيشه معنا فهذه خطوة كبيرة لشاب بعمره ، دعه يثق بنا أولاً ثم سيبدأ بالتعلق بنا تدريجياً و ربما يقل اعتماده على رفيقه أيضاً ، ثم من يعلم حتى أن صديقه سيء أيضاً ؟"
زفر الهواء من بين شفتيه بحنق وهو يجيب :" أتمزحين ؟ أتذكرين آلفين الطفل ؟ كان بغاية اللطف و البرائة ، لم يدخل يوماً بأي شجار ! و من ثُم تعرف على ذلك الطفل الثري ، حقاً أمثالهم مُخيفون للغاية ! يمكنني المراهنة أن أسرته قد أمنت له مُستقبله لكن ماذا عن ابن أخي ؟ "
صمت قليلاً يحاول الهدوء قبل أن يُردف :" و الآن أنظري لشخصيته ، هو طيب أُدرك ذلك تماماً لكن أثق أيضاً أن ذاك الفتى له يد بتغييره "
تنهدت بتعب قبل أن تنطق بحذر :" كل شيء وارد لكن حالياً ذلك الفتى قريب منه للغاية و أقرب منا له ، إن هاجمناه هكذا قد نفقد آلفين أيضاً ، و حقاً نحن نهتم لشأن آلفين و لا نريده أن يذهب صحيح ؟ "
مسح على خُصلاته بخفة قبل أن ينهض من مكانه ، فهي مُحقة تماماً ، قد يفقد آلفين إن تذمر بشأن ليو حالياً ، لذا فقط عليه أن لا يذكره وحسب !
****
توقفت تلك السيارة الفاخرة أمام ذلك الحي بينما يستعد أحدهما لمُغادرتها و لكنه قبل أن ينهي جمع كُتبه و مُحاضراته وجد يد رفيقه تمتد إليه بينما ينطق بشيء من المرح :" شكراً جزيلاً لك آل ! هذه الرحلة كانت الأفضل حقاً "
توقف عما يفعله ليحدق برفيقه بكل هدوء قبل أن يبتسم بخفة وهو ينطق بهمس لنفسه :" تعابير وجهك أفضل الآن ! "
آمال ليو برأسه قليلاً قبل أن ينطق آلفين بصوت مسموع له :" جيد أنها نالت إعجاب سيد ليو بذاته "
ضحك الآخر من فوره بينما يجيبه :" أجل بالفعل هي كذلك و هذا متوقع من أخي بالطبع ! "
ابتسم قليلاً قبل أن يفتح الباب بينما ينطق بشيء من التحذير :" إعتني بنفسك جيداً ، و تأكد من النوم مُبكراً "
عاد التملل ليظهر على ملامح ليو الذي نطق من فوره :" بحقك آلفين دع الليلة تمضي دون أن تذكر لي دوام الغد أو العمل ! علي تعليمك أن تستمتع "
تنهد آلفين بهدوء ليغلق الباب فور أن نطق بعبارة :" إلى اللقاء غداً "
أعاد ليو بجسده قليلاً للخلف إلا أن ابتسامته لم تختفي حقاً ، و لا يظنها ستفعل قريباً وجود آلفين بجواره و محاولاته تلك لإخراجه مما يزعجه مُذهلة فهي أدت عملها بشكل تام ، بقي متوقفاً بمكانه حتى غاب رفيقه عن أنظاره ليستدير عائداً للمنزل بهدوء .
أنت تقرأ
حطام خلفته الذكريات
Aventuraالأمس ما عاد سوى ذكرى تُرتسم بصفحة بالية بخزائن العقل , ذكريات ما حملت بطياتها سوى كوابيس أبت التخلي عن أصحابها ... غمرت قلوب بعضهم بمُستنقع اليأس الكريه ... هي كصندوق قديم مليء برسومات لصور باهتة رمادية مُمزقة لتثُير بصاحبها مشاعر ما كان بحاجة لها...