بارت 19

2.5K 190 344
                                        

انطلق يركض بالإرجاء دون وجهه محددة كل ما كان يهمه هو أن شقيقه  ليس بخير منذ ثلاث أيام ، ملامحه مضطربة بشدة وبعض الدموع  هربت بالفعل وهو يلعن نفسه على عدم حمل هاتفه معه وعلى تركه وحده !

همس بداخله بألم شديد وهو يوشك على الانفجار بالبكاء كلياً
" اذا أصابه أي مكروه لن اغفر لنفسي ما حييت ! أرجوك هاري أرجوك كن بخير واعدك سأجعل من فكر بأذيتك يرى أسوء كوابيسه ! "

بقي يركض ويبحث بكل   حديقة تمر أمامه متجاهلاً لهاثه وانفاسه التي كانت شديدة السرعة ، لم يسمح لنفسه بأخذ راحة  رغم أنه يشعر بأن جسده قد ينهار من شدة ارهاقه لكن لم  يكن ليرتاح بل ما كان ليسمح جسده ذاته بالراحة سيظل يتعذب مراراً وهو يعذب نفسه متسائلاً هل قد أسمح لنفسي بالراحة حقاً ومصير أخي مجهول ؟! محال ! الموت أهون علي !

ظل يبحث بأستماتة وهو يجذب الأنظار من حوله  كل من يرى ملامحه و خطواته التي تضرب الأرض بسرعة ، تلفته بكل اتجاه وملامحه المرعوبة واضح أنه فقد شيئاً عزيزاً عليه لكن لم يستطع أحد التدخل فهو ماكان يقف بمكان واحد حقاً بل ما إن يصل لمكان لا يجد به ضالته سرعان ما ينطلق من فوره للمكان التالي

اختفت الشمس تماماً ليحل محلها ذلك القرص الأبيض مانحاً القليل من الضوء وحسب بالكاد ينير الطريق وهو ما زال يركض بالإرجاء  يبحث عنه ، لم يترك مستشفى قريبة منه إلا وسأل ولا نتيجة 

خطواته بدأت تتباطئ بمرور الوقت حتى مرت 8 ساعات من البحث المتواصل اختتمها  بمحاولة للركض انتهت بتعثره بقوة ليقع جسده ارضاً من فوره ولولا حظه بأن يكون ما وقع عليه عشباً  ندياً لكان  انتهى به الامر بالحصول على بعض الكسور الخطيرة من قوة اصطدامه

لم يلتفت لألمه بل كور يديه بقوة محاولاً الاستناد بذراعه بقوة لكي ينهض فأرتجف جسده أرهاقاً ووقع مجدداً ، اغمض عينيه بألم لتبدأ دموعه بالنزول بغزارة ، تمسك بالعشب يقتلعه بقوة وهو يحاول كتم شهقاته بألم وهو يهمس
" آسف أخي ! آسف ! أرجوك فقط أخبرني أين أنت ؟ إلهي أرجوك دلني عليه ! احمه لي ! لن احتمل فقدانه أرجوك !"

لم يكن يدرك أن الوقت بلغ بالفعل الواحدة بعد منتصف الليل ولا أحد حوله بالمكان ولم يهتم بأي من هذا حقاً كل ما كان يكترث له هو أنه فشل بإيجاده بجدارة  وجسده وصل حده فما عاد يمكنه التحرك اطلاقاً

~~~~~~
حل الصباح دون أن تظهر علامته المميزة  ذلك القرص الذهبي فقد كانت مشغولة بالتواري خلف  الغيوم العملاقة والتي كانت تزين السماء الزرقاء حتى ليظن المرء اول رؤيتها أن العصر قد حل بالفعل  رغم انه ما يزال ساعات النهار الأولى ، التيارات الباردة التي كانت تهب بقوة تسبب ارتجاف كل  من يمر بالشارع وتجعله ينكمش على نفسه محاولاً منع ذرات الهواء البارد من التسلل لاجسادهم

حطام خلفته الذكريات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن