بارت 28

2.9K 206 276
                                        


لم تكن الشمس قد ظهرت بعد و كأن هذا اليوم يرفض الانتهاء ، دموعه كانت قد توقفت منذ فترة بيأس ، ربما هو أدرك أن لا فائدة منها فلا هي تخفف من شعوره ذاك و لا هي قادرة على مواساته !

بتلك اللحظات كم تمنى لو أنه يمتلك شخصية أقل تعقيداً من خاصته ! فقط يرغب بأن يبكي بصوت مرتفع ، أن يصرخ بقوة أو أن يتشبث برفيق طفولته و أسرته مُخبراً إياهم أنه ببساطة يتحطم لأشلاء بكل صمت و هدوء .

دون أن يستمع أحد لتلك الأصوات فصاحبها غير قادر على التعبير مُطلقاً و لن يكون على الأغلب ، فحتى شهقات بكائه فارغة بلا حياة كما هو صراخه الصامت ، شخصية كهذه أليست لعنة ؟ سيفنى وحيداً إن استمر هكذا فهل هكذا سيسعد ؟

كيف تجتمع شخصيته هذه و كل هذا الكتمان مع الرعب من الوحدة ؟ أي تناقض هو هذا بحق الإله ؟

نهض من مكانه بعد تأكده من أن حارس العمارة قد اهتم بصغيرته !

لم يكن ليُحضر الشرطة لسحبها من هنا و هو يدرك تبعات ذلك من تحقيق و غيرها هو لا مزاج لديه له لذا أرسل بطلب حارس العمارة و اختبأ خلف احدى الأشجار الضخمة يراقبه ، و تقريباً دموعه كادت تنهمر عندما صدرت شهقة من المعني !.

يشعر بأنه فقد حق قيادتها ، بل و رؤيتها هو الان مدين لآل أيضاً بنصف الثمن الذي دفعه رفيقه معه لشرائها ! ، ثم ؟ لا يعلم سوى أنه فقط لن يقوم بإصلاحها حاليا بل طلب ممن أخذها تواً أن يضعها بالساحة و يغطيها بقطعة قماش لئلا يقع بصره عليها و كأنه من الممكن له نسيان مظهرها !.

و ما أنهى الأكبر عمله و غادر حتى خرج ليو من موقعه ليسير بخطوات بطيئة فإصابته تؤلمه بحق !

يشعر بأن ظهره قد ينقسم لنصفين بأي ثانية ، يده اليسرى هو غير قادر على تحريكها ، و خدوش حارقة مختلفة بما بها تلك الجروح التي توقفت عن النزيف برأسه و المكان الذي يريد الذهاب له بتلك الحالة مجهول تماماً .

#####

تقلب بنومه مرة أخرى ليستلقي على ظهره بينما زرقاويتيه حدقتا بسقف الغرفة بنظرة ساكنة و عميقة , الكثير من الأفكار تجول بداخله مُنذ تلك اللحظة التي شاهد توأمه ينهار أمام عيناه باكياً !

كم مرة يفترض به رؤية تلك الدموع ؟! بحق الإله ألم يعاهد ذاته منذ سنوات طويلة مراراً و تكراراً على أن لا يسمح لها بالإنهمار ؟ و بكل مرة يخفق بطريقة ما , لا يمكنه تكرار رؤيته يؤذي نفسه فقط لأجل هذا صحيح ؟! لأجل تلك العصابة و كل ما أوصلهم إليها , عليه فقط أن يبتعد عن طريق توأمه سواء أحب هذا أم لا , بشكل تدريجي بل ربما عليه أن لا يعود لزيارته مُجدداً كبداية و الإكتفاء بتلك المكالمات حتى ينقطع التواصل بشكل نهائي ؟

إنقبض قلبه و بقوة عندما تسللت تلك الكلمة لأفكاره بينما تجمعت دموعه , إعتدل ليجلس بينما يشد على قبضة يده , هو قراره إذاً يفترض به أن يغلق فمه صحيح ؟! حماية شقيقه أولاً و قبل كل شيء و عواطفه و رغباته ليست إستثناء قطعاً .!

حطام خلفته الذكريات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن