بارت 11

2.7K 179 167
                                        

جلس بالقرب من النافذة يحدق للخارج بشرود شديد , قلبه لم تهدأ نبضاته بعد و هو يرى بأنها لن تفعل قط , لازال راغباً بالبكاء بالرغم من أنه فعلها و كثيراً جداً لاسيما بالنسبة لشخصية تميل إلى كتمان و سجن كُل ما يؤذيها بأعماق قلبه حيث لا يسمح لتلك المشاعر بالخروج و رؤية السطح مُطلقاً , لكن ما يمر به الآن هي ظروف غير إعتيادية , مشاعر لا يرغب بتجربة تذوقها مُجدداً أبداً , وجهه لازال شاحباً و بقوة , هو يشعر بأنه مرهق من كل شيء بهذا العالم حتى نفسه !

نظر للخلف ما إن شعر بحركة ما تحديداً بالقرب من ذلك السرير الطبي حيث يقبع توأمه و أسرته الوحيدة , الشخص الذي تمكن بجدارة من تحطيمه و ثقته بنفسه بفعلته تلك , هو و منذ تلك اللحظة يبحث بذكرياته عن مواقف أخطئ هو بها لتقود توأمه للإنتحار , كلمات ذاك اللعين الذي يفترض أن يكون والدهما لازالت ترن بأُذنه محطمة إياه أكثر فأكثر .

الآخر و الذي استيقظ تواً أراد رفع يده بحركة عفوية عله يمحو أثار النعاس بهما إلا أن تلك اليد تجمدت عندما مُقلتيه أبصرتا تلك الضمادة حول معصمه !

هو بدى و كأنه استعاد ذاكرته تواً فسكنت حركته تماماً مُتأملاً نتيجة ما فعله ، عقله كان متوقفاً عن التفكير تماماً هو كان يحدق بها بشرود شديد ، لا يعلم كيف يشعر الآن سوى أن دقات قلبه تتزايد ، هو فشل ؟! عندما إستيقظ أول مرة مُطالباً برؤية توأمه لم يكن يذكر أي شيء سوى تلك المهمة فصرخ مُطالباً بتواجده الآن بإنهيار شديد .

وما فكر به تالياً مع ابتسامة شبه ساخرة بأنه أخفق حتى بالموت أم أن الموت يرفضه أيضاً ؟! و لكن شقيقه لم يفعلها بالنهاية ، ربما دائماً يمكنه تكرار ما فعله بالسابق و بهذا لن يقتل أبداً لكن ماذا لو لم يحدث هذا !؟ ماذا لو ضغطوا عليه أكثر بالمرة القادمة ؟ أو حتى سلبوا حياته منه بسبب فشله ؟

الرعب إحتل تقاسيم وجهه لعدة ثوان قبل أن يُظهر على ملامحه نظرة حملت الكثير من الألم و الاستياء وجهها نحو معصمه كأنه يعاتبه على إخفاقه ، الآن كل ما نجح بفعله هو زيادة مشاكل توأمه واحدة بدلاً من إزالتها للأبد .

هنري راقب كل تقلبات وجهه ، علم أن شقيقه ليس نادماً و لو بدرجة واحدة و هذا جعله يعض على شفتيه بقوة بينما قطعت قدماه المسافة الفاصلة بينهما بسرعة ، وجهه عكس أدق معاني الألم ، الانكسار و الذبول !

أمسك بمعصم أخاه يُحيل بين الضمادات و مُقلتي توأمه بينما ينطق بنبرة بذل الكثير من الجهد حقاً ليجعلها هادئة بعيدة عن كل عواصف روحه :" كيف تشعر الآن هاري ؟ "

هاري كاد يشهق بالفعل ما إن وضعت يد شقيقه على معصمه ، هو لم يلاحظ أنه معه بذات الغرفة حتى ، فقط ثوان قليلة و سحب يده برفق من يد توأمه و هو ينطق بصوت لم يخلو من التعب بعد :" أنا مازلت بخير كما ترى للآن ! "

حطام خلفته الذكريات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن