الفصل الثانى و العشرون

11K 218 8
                                    


- هى عشق فين ؟
نظر الجميع الى بعضهم البعض ليجيب عليه والده فى استهزاء ممزوج بالمرارة
- ياه بتسأل عليها دلوقت يا عمر ياه حمد الله على السلامه لِسَّه فاكر ان كان فيه واحده اسمها عشق عايشه معانا  هنا
- بابا  أبوس إيدك اعمل فيا اللى  انتى عاوزه بس جاوبنى ورد عليا   هى عشق فين ؟
لترد عليه هدى هذه المره فى حزن
-  عشق  مشيت يا ابيه صحينا  يوم من النوم لقيناها  مشيت
- مشيت راحت فين  دى متعرفش حد خالص هتروح فين يعنى
- منعرفش  احنا سألنا ودورنا عليها كثير و بابا كمان حاول  يدور عليها محدش يعرف عنها حاجه خالص
- يعنى  هاتروح فين طيب سألتم  فى بيت باباها يمكن تكون راحت هناك
- هناك فين يا عمر دا مبقاش بيتها خلاص و لا نسيت انك أخدته منها هتروح هناك ازاى و انت متعرفش
- يعنى ايه دى ماكنش ليها  حد فى الدنيا غير ابوها هتكون راحت فين  
لترد الحاجه فاطمه
-  العلم عند الله يا ابنى ربنا يلطف بيها و يسترها
ظلت نظراته ذاهله  للحظه و كأنه يستوعب ما سمعه من اخبار ليخفض رأسه الى الارض و كأنه يشعر بالندم  ثم يدخل الى غرفته و يغلق الباب  خلفه لتنادينه الحاجه فاطمه
- عمر  عمر
- سيبيه يا حاجه يمكن يفوق
أغلق الباب خلفه و هو يتنهد فى حسره و غضب خبط الحائط بقبضته فى غضب  ترى اين ذهبت لقد كان يظن انها لا زالت تعيش مع أهله فهو لم يسال عنها منذ ان طلقها و لكنه كان يعتمد انها ستظل هنا مع أهله  فهو لم يترك لها خيار اخر  انها لم تعد تمتلك  شيئا على الاطلاق حتى بيت ابيها الذى ولدت و عاشت فيه سجله باسمه منذ عده أسابيع و هى تعلم ذلك جيدا فقد سمعته يوم ان طلقها  ترى اين هى الان و كيف تعيش؟   لماذا تذكرها الان... عشق بعد كل ما حدث  ايشعر بالندم على كل ما فعله معها ام يشتاق اليها هل يخاف عليها و يفتقدها و لماذا الان  لماذا ؟
غريب هو امر الانسان هكذا خلق يظل يسعى و يبحث طوال حياته وراء اوهام  و ربما ما يبحث عنه كان  ملكه و من البدايه و لكنه لا يعرف   لماذا لا يشعر الانسان  بالنعمه التى يملكها  الا حينما تزول منه  فيظل يندم و يتحسر و يتمنى ان يعود مره اخرى الى البدايه و لكنه لن يستطيع فمن منا يملك ان يعيد الزمن الى الوراء  هكذا كان شعور عمر و هو يجلس وحده فى غرفته لساعات طويله  اخذ يفكر و لاول مره فى كل ما مر به ليظل حائرا يسال نفسه سؤال واحد لا يجد له اجابه لماذا فعل معهاهى بالذات  كل  ما فعل كيف سولت له نفسك ان يستحل جسدها و مالها و حياتها ودون ان يشعر بتأنيب الضمير او  ذره من ندم وقتها ماذا كانت جريمتها التى ظل يحاسبها عليها و يعاقبها بها   اين كان عمر الذى يعرفه؟ عمر ابن الحاج محمد   .لماذا يشعر الان انه يفتقدها و يفتقد وجودها معه و  حوله يفتقد ابتسامتها ورقتها بل و ضعفها لقد ظل طوال حياته  يعانى من حب شهد و الم فقدانها. ورغبته فى تحقيق حلمه الضائع فى الارتباط بها و هم الحب الاول و احلام الصبا   حتى انه لم يتوقف للحظه و يسال نفسه  عن عشق  لماذا دخل حياتها و لماذا تزوجها  انه يعلم انها قد أحبته  بل عشقته حقا و لكن ماذا عنه هل احبها ام انها كانت فقط  تعويضا عن قصه حب لم تكتمل لقد كان يريد ان يثبت  لنفسه انه يمكنه ان يقترن بغير شهد بل ان تحبه و تعشقه من هى تفوقها فى كل شىء مالاً و جمالا و حسباً و لكن ماذا عنها تلك البريئه ماذا كان ذنبها لقد كانت كل جريمتها انها عشقته  هو بالذات  دوناً عن  كل الناس ما الذى جعله يحكم عليها و يدينها بجريمه لم ترتكبها  بل و يصدر حكمه و ينفذه عليها....  الإعدام .لقد جعلها تدفع الثمن ثمن حبه الضائع لأنسانه  لم تكن تستحق مثل هذا الحب لماذا سمح لنفسه ان يستغلها  انه ليس انسان حقير يسلب الحقوق و يهتك الحرمات لا ليس هو ربما سيطرت عليه طمعه و حديث شهد  فى ان يعيشا حياه اخرى ليست له و ان يحققا الحلم المستحيل فاستحل  ان يستغل الإنسانه الوحيده التى بذلت له نفسها و روحها و مالها دون مقابل سوى النكران و الجحود اينفى التهمه عن نفسه و يداه ملوثتان بالدماء دماء قلب صغير لم يعرف الا الحب قتله بيده و دون ان يطرف له رمش ويلتمس لنفسه الان كل  الاعذار ليحاول ان يقنع نفسه انه لم يرتكب ذنبا. حقا قد لا بكون ارتكب ذنبا بما فعل بل انه ارتكب جريمه جريمه قتل لفتاه كل ذنبها انها احبت و أخلصت لهذا الحب فكان فيه هلاكها . تساقطت دموعه لاول مره على وجهه لتغسل قلبه و تطهره و ظل يسال نفسه سؤالً لم يعرف له اجابه
- يا ترى انتى فين يا عشق  عملت ايه فيكى وفى  نفسى بعتك و بارخص ثمن  طاوعت الشيطان اللى كان جوايا و عملت كده ليه  و دلوقت بيقتلنى الندم مَش عارف كأنه واحد ثانى معرفوش هو اللى عمل كده   دبحتك  و انا مَش عارف و لا دريان انى قتلت نفسى قبل ما أقتلك و بنفس السلاح    اه يا عشق . لتتساقط دموعه اكثر غزاره من ذى قبل و  التى لم يعرف هل هى دموع حسره و  ندم ام دموع لهفه و شوق و خوف عليها على طفلته التى لم تعرف من الحياه سواه و تركها وحيده تصارع وحوش البشر ودون سلاح .
هلاقيكى يا عشق  هادور  عليكى و استناكى لآخر لحظه فى عمرى يا ريت تعرفى و ترجعى و تسامحيني هابدا معاكى من جديد عمر ثانى زى اللى عشقتيه و رسمتى له ثوره فى خيالك عمرها ماكانت موجوده  هاعوضك عن كل حاجه عملتها فيكى و أقضى عمرى كله عشان اسمع منك كلمه واحده كنت باسمعها  منك  و مَش حاسس بيها بس دلوقت انا مشتاق لها  و مشتاق لصاحبتها اوى يا ترى انت فين دلوقت يا عشق .
ليطرق الباب و تدخل هدى الحجره
- عمر انت صاحى
- ادخلى يا هدى
- عامل ايه دلوقت احسن
- هدى انا
- انا حاسه بِيك  يا عمر انت فقت او بدات تفوق   الضربه دى فوقتك و خلتك تعرف  و تفهم و تحس
- هدى انا مَش عارف اعمل ايه هاتجنن مَش عارف انا عملت كده ازاى و ليه فيها  انا مَش فاهم نفسى؟ و كانى واحد ثانى بيبص على من بعيد  ليه هى وحشتنى الوقت اوى كده؟  ما هى كانت  قدامى و انا مَش حاسس بيها ايه اللى اتغيردلوقت بعد ما بعدت و ضاعت منى .
- الغمامه اللى كانت على عنيك اترفعت يا عمر انت بتحبها طول عمرك بتحبها بس  احيانا بنفضل ندور على حاجه و هى بين أيدينا مبعرفش قيمتها الا لما تضيع مننا .
- عندك حق يا هدى عشق ضاعت منى
- انت اللى هتلاقيها دور عليها يا عمر و اثبت لها ان الحب موجود و انه ممكن يهزم الشر اللى جوانا و اللى خلقته الظروف لازم عشق تعرف و تحس ان الدنيا لسه بخير  و انك انت بتحبها فعلا و مكنتش بتضحك عليها
- بس انا كنت باضحك عليها فعلا يا هدى
كادت هدى ان تقول له ان عشق يمكن ان تسامحه و تنسى  و خصوصا ان هناك ما قد يربط بينهم و لكنها راعت ان اخوها فى هذه الحاله السيئه  لن يحتمل تأنيب ضميره اكثر من هذا و قد يقتله خوفه عليها دون نتيجه  فاستدركت ثم قالت
-   اللى بيحب بيسامح يا عمر دور عليها لازم تلاقى عشق  يا عمر لازم 
نعم عليه ان يجدها  تلك التى سلبت قلبه دون ان يدرى  ورحلت ليعلم كم يحبها و يشتاق اليها و لكن بعد فوات الاوان .
-------------

- عشق يا عشق انتى فين يا بنتى؟
- ايوه يا داده انا هنا فى البلكونة
- طيب تعالى انا عوزاكى
- حاضر لتدخل عشق مرحبه بها كانت قد استردت جزءاً من صحتها وزاد وزنها قليلا لتظهر اثار الحمل عليها
- نعم يا داده خير
-  اقعدى يا بنتى انا النهارده قابلت واحده  حبيبتى  بالصدفه و قعدت معاها شويه حلوين نتكلم
- و ماله يا داده بس انا مَش فاهمه حاجه
- ما انا جايلك فى الكلام اه  انتى مَش كُنتُى عايزه تشتغلى
نظرت لها عشق بفرحه 
- بجد يا داده انتى بتكلمى جد لقيتى ليا شغل
- ايوه يا بنتى بس اسمعينى من غير مقاطعه 
- اتفضلى يا داده كملى  انا اسفه
- بصى يا بنتى ربنا يعلم  ان انا كنت رافضه انك  تشتغلى و خصوصا فى حالتك دى و ظروفك انتى بنتى و خير ابوكى الله يرحمه مغرقنا و مَش  محتاجين حاجه و الحمد لله   يا عشق  بس  برضه انتى بنتى و انا مربياكى و عرفاكى كويس  و عارفه انك مَش مبسوطة من الوضع ده و عشان كده انا هاريحك.
- ربنا يريح قلبك يا داده ها قوليلى بقى عملتى ايه؟
- زى ما قولتلك دى صحبتى من زمان وزى اختى بالضبط بتشتغل فى مشغل الحاج محمود مشغل صغير بعد شارعين  بس يعنى قريب من هنا. الشغل  هيبقى خمس ايام فى الأسبوع من تسعه لتسعه و لما اتكلمت معاها عرفت انهم عايزين بنات تشتغل هناك باليوميه فقلتلها  عليكى ووصيتها تشتغلى شغل كويس هناك . 
- قولتيلها  انا مين يا داده
- لا طبعا زى ما اتفقنا انا قولتلها انك  انتى بنت  اختى من البلد و جوزك الله يرحمه وظروفك صعبه و عشان كد ه محتاجه شغل هى ست طيبه اوى و تخدمنى بعنيها وافقت تعينك هناك و قالتلى خليها تيجى بكره علطول ، انا عارفه يا بنتى ان الشغله  دى بسيطه و مَش على قد المقام بس نعمل ايه الموجود  .
- شكرًا يا داده ربنا ما يحرمنى منك ابداً يا رب
- بس يا بنتى مَش كُنتُى تستنى لحد ما تولدى تعب عليكى كده
- انا فين و الولاده فين يا داده و بعدين ربنا يخليكى ليا بس انا لازم اعتمد على نفسى و يكون عندى فلوس عشان اللى جاى
- هو انا قصرت معاكى فى حاجه  يا بنتى 
- لا و الله أبداً يا داده بس انا لازم ابتدى افوق و اعتمد على نفسى و اشتغل عشان أعيش و أربى اللى جاى
- ربنا يجازى اللى كان السبب  بنت مراد الحديدي الله يرحمه تشتغل  عامله فى المشغل اللى كان بياخد بواقى المصانع بتاعها  مين اللى يقول كده؟
- متحمليش همى يا داده الحمد لله  انا كويسه لازم انسى و أفكر فى اللى جاى
- ربنايرضيكى يا بنتى و يقدم ما فيه الخير
لتضحك عشق و تقوم  قائله لها
- بصى المناسبه دى تستأهل عشوه  حلوه انا هأقوم دلوقت  أعملك  بايدى احلى عشا
لتبتسم لها عليه قائله
- لا و دى تيجى انا اللى هاعمل النهارده العشا  لأحلى عشق مَش هاتعملى انتى حاجه خالص  سيبيها عليا المره دى عشان نحتفل بيكى
- خلاص تعالى نقوم احنا الاثنين سوا و نخش المطبخ  و نشوف هانعمل ايه .
مضت عده أسابيع اخرى على عشق و قد انتظمت فى العمل لقد بدات اثار الحمل تظهر عليها وأحيانا ما تشعر بالتعب كان العمل فى المشغل مرهقا و يمتد  العمل لساعات  طويله دون راحه و كانت تشعر احيانا بالأم فى جسدها و ظهرها فقد بدا حملها يثقل عليها و يجهدها و ايقنت انها لن تستطيع الاستمرار الا لشهرين اخرين او اقل  لقد اصبحت فى الشهر السادس الان و قد صار كل الفتيات فى المشغل صديقات لها  يستعينون بها ويحبونها  لم تشعر بالضيق حتى مع صعوبه و مشقه العمل و هى التى لم تعمل طوال حياتها لكن الجميع فى المكان كان يشفق عليها و على ظروفها الصعبه  فقد كانوا يظنون انها ارمله فقدت زوجها فى ريعان شبابه و بعد زواجهما بشهور قليله لتجد  انها تحمل طفل منه وعليها ان تعيش و تربى طفلها كانت الفتيات يحبونها و يساعدونها فلم تشعر انها غريبه قط  عن المكان .

قصه عشق  - الجزء الاول حيث تعيش القصص. اكتشف الآن