فتحت الباب لتجده أمامها يقف فى ثبات انه اخر من تتوقع هنا أمامها لتسأله فى صدمه ..... عمر
يحمل مظروفا فى يده و على وجهه ابتسامه ارتياح نظرت له فى صدمه و تراجعت الى الوراء عده خطوات فهى لا تعلم كيف عرف بوجوه ها فى هذا المكان لتتعثر فى طرف البساط الموضوع وراء الباب و تكاد ان تسقط بابنتها لولا ان امتدت يد قويه لتحيط بخصرها وتمنعها من السقوط . ارتجفت فهى و على الرغم من مرور الشهور لم تزل تخاف من اقترابه منها بهذا الشكل و قد لاحظ عمر ارتجافتها فانزل يده عنها فى رفق
شعرت هى بالخجل منه فسألته بغضب تدارى به ثورتها و ضيقها
- انت جيت هنا ازاى و عرفت العنوان ده منين
لتخرج داده عليه على صوتها لتفاجا بوجوده
- طيب مَش تقوليلى اتفضل الاول
- لا طبعا هاقولك اطلع بره مَش عايزه اشوف وشك هنا ثانى
كانت عشق الصغيره قد شعرت بالخوف من صوت امها العالى فبدأت بالبكاء
- طيب ما انا بره أساسا و بعدين صوتك عالى و البنت بتعيط هنفضل واقفين على السلم كده قدام الجيران
لتنظر له فى حنق و غضب بينما نظر هو الى عليه سائلا
- مَش هاتقوليلى اتفضل يا داده دا انا فى بيتك
- دا بيت عشق مَش بيتى انا بس عموما اهلًا وسهلا يا بنى اتفضل
لتنظر لها عشق فى غضب
- انتى بتقولى ايه يا داده يتفضل فين
- عيب يا بنتى دا ضيف و جه لحد بيتنا مَش هاقدر اطرده
ليدخل عمر و يغلق الباب خلفه ثم يتجه الى احد المقاعد بالصاله الواسعه و يجلس عليه واضعا المظروف الذى يحمله على الطاوله أمامه
- انتى عارفه قهوتى يا داده ساده بن ثقيل لو سمحت
- حاضر يا بنى
لتنظر لها عشق فى غيظ و تسألها
- و كمان هتعمليله قهوه انا مشفتش كده ابدا ثم توجه انظارها اليه قائله بالسم و عموما انا سايبلكم المكان و ماشيه
- استنى يا بنتى و استهدى بالله لما نشوف فيه ايه بس و لكنها لم تسمعها او ترد عليها فقد كانت فى قمه الغيظ و الغضب منه و من تصرفاته معها و جرأته الزائده عن الحد لتدخل حامله ابنتها الى الغرفه و تغلق خلفها الباب فى عنف .
- لا حول ولا قوه الا بالله معلش يا ابنى اعذرها انا هاروح أعملك القهوه حالا دقيقه واحده بس .
- تعالى يا داده اقعدى انا مَش عايز قهوه دلوقت
- خير يا بنى
لينظر ناحيه الغرفه التى اختفت حبيبته و عشقه خلف جدرانها ثم يلتفت لعليه و يقول لها
- انا ياداده ندمان و عارف اد ايه انا غطلت و ظلمتها معايا و متاكد انه صعب عشق تسامحنى دلوقت او تنسى بسهوله كل اللى انا عملته فيها
- كل انسان بيغلط يا بنى مفيش حد مننا معصوم
- لا يا دا ه انا عارف انا جرحتها اد ايه و عارف كمان انى حرقت قلبها و كسرتها ومش سهل تنسى الجرح اللى جرحته لها بايدى و كمان انا خنت الامانه اللى سابها المرحوم مراد بيه الله يرحمه لما ادانى بنته الوحيده و كان فاكرانى هاصونها و احافظ عليها و احبها يمكن هو شاف فيا حاجه و عرف اللى انا مكنتش حاسه و لا عارفه فى نفسى انا كانت سرقانى السكينة و مَش دريان انا بأعمل ايه و فى مين . كانت على عينى غشاوه و قلبى حجر وللاسف عشق الوحيده اللى دفعت الثمن .
كانت عشق واقفه تستمع الى كلماته خلف الباب المغلق و دموعها تنهمر على خديها كانت تبكى بحرقه و هى تسترجع كل ما ذاقته و ما عاشته معه و من اول ليله لهما معا لتفتح الباب و تواجهه و دموعها تغرق وجهه و تحرق قلبه الذى يعذبه و يلومه على ما تسبب فيه من تعاسه و دموع لها .
- و دلوقت ايه فقت يا عمر انتى جاى ليه دلوقت عشان تقولى انك ندمان خلاص يا عمر معدش يهمنى فات الاوان و لو عايز انى ارجعلك حتى دا معدش ينفع انا خلاص كرهتك و كرهت ضعفى و حبى ليك و صبرى عليك معدش بقلبى مكان لحد يا عمر معدش فيه حاجه اصلا انا عايشه ميته بالحيا و كل اللى مخلينى أعيش دلوقت ولادى و بس فهمت يا عمر ولا عايزنى أقول كمان
ليغمض عينيه و هو يستمع الى كلماته القاسيه التى تجلده بسياط من الم و ندم وتغرقه فى دوامه من الياس و الحرمان فقد ادرك الان انه قد فقدها والى الأبد و لم يعد له مكان فى حياتها انه الان يحصد ما زرعه و يجنى ما صنعت يداه فرغم كلماتها الجارحه الا انه كان يدرك جيدا انها كانت محقه فى كل كلمه نطقت بها .
- عشق انا مَش جاى النهارده أبرر او اقولك انى ندمان انا عارف ان قلبك خلاص أتقفل من ناحيتى و اكبر عقاب ليا على اللى عملته انى أعيش عمرى محروم منك و من حبك اللى معرفتش قيمته الا متاخر اوى .
- امال جاى ليه يا عمر عايز منى ايه ثانى ولادى انا هاقولهالك ثانى يا عمر دول ولادى انا و انا مَش عايزه ليك اى وجود فى حياتهم وثم اشارت الى الباب قائله له
- و دلوقت اتفضل بقى من غير مطرود انا مَش عايزه اسمع منك حاجه ثانى
لتمنعها داده عليه مما تفعل
- عيب يا عشق التفاهم ميكنش كده يا بنتى
- سيبيها يا داده هى عندها حق فى كل اللى بتعمله و مهما عملت انا مَش هالومها والا أزعل منها
لترد عليه فى سخريه مريره
- يا سلام على حنيتك و طيبه قلبك معايا و يا ترى دا من امتى يا عمر ؟
- عشق ارجوكى اسمعينى بس شويه ومش هتشوفى وشى بعد كده
ليتناول المظروف الذى أمامه ليفتحه و يخرج مجموعه من الأوراق ينالوها إياها
- اتفضلى يا عشق
- ايه دا بالضبط
- دى عقود ملكيه مسجله باسمك فى الشهر العقارى بالشركه و المصنع و الاراضى ودا تحويل باسمك لكل الارصدة اللى كانت فى البنوك و اكثر من أرباح الشهور اللى فاتت
للحظه شعرت بالدهشة و الارتباك فلم تكن تتوقع هذا منه ابدا لتتناول منه الأوراق فى شك و تفحصها بدقه و هى لا تصدق لتتركها بعد لحظات و هى تنظر له بحيره و تسأله
- طب ليه ايه اللى خلى ضميرك يصحى فجأه كده و ترجعلى كل حاجه أخدتها منى و بسهوله كده بعد كل اللى عملته فيا عشان توصل للفلوس دى و كل ده كان ليه أصلاً عشان واحده ثانيه كنت بتحبها و عايز توصلها بس امكانياتك مَش سامحه عارف يا عمر انت لو كنت طلبت عينيا كنت هديهملك دا انا عملتلك توكيل عام بكل اللى حيلتى و عمرى ما سألتك هتعمل بيه ايه و فى الاخر اخدت اللى انت عايزه و رمتنى فى الشارع من غير ما تفكر فيا او تسال عليا و جاى دلوقت ترجعهم بعد ايه يبقى ليه ليه عملت فيا كده مش هاسامحك ابدا يا عمر.
لم ينطق بكلمه و هو يستمع اليها صامتا كانت عيناه تنطق بالالم و الندم على مل ما فعله بها و جعلها تعانى منه انتظر قليلا حتى هدأت ليقول
- عشق انا مش جاى المره دى عشان اقولك سامحينى او انسى كل اللى فات و نرجع لبعض انا عارف انى جرحتك جرح كبير و مَش بسهوله كده تنسى يمكن مع الايام و الرابط اللى بينا دلوقت هتقدرى تتقبلينى ثانى فى حياتك بعد ما خرجتى من حياتى ندمت وحسيت اد ايه انا انسان ظالم و قاسى حسّيت انك متستهليش منى كده ابدا بعد كل اللى عملتيه عشانى .
- و عايزنى اصدقك يا عمر طب ازاى دا حتى بيتى و بيت ابويا انت أخدته منىً و كنت عايز تبدأ فيه حياه جديده مع واحده ثانيه مهمكش ان عمرى كله و حياتى كل ذكرياتى هناك رفضت اننا نعيش فيه انا و انت بعد موت ابوياو كنت هتعيش فيه معاها انت عارف انت عملت فيا ايه وقتها انت موتنى بالحيا وورثتنى كده و بمنتهى البساطه ضميرك صحى هو انت عندك قلب او ضمير أصلاً يا عّمر ؟
لينظر عمر الى داده عليه مصدوما فلم يكن يتوقع ان تحكى لها عن زيارته هو وشهد للبيت و تفاصيل تلك الزياره لاحظت عشق نظراته اللائمة و عتابه الصامت لعليه لترد عليه بمراره
- ايه يا عمر زعلان اوى من داده انها قالتلى كنت فاكر انها هاتخبى عليا حاجه زى دى متضايق اوى انى عرفت يا عمر انك كذاب و خاين و عمرك ما حبتني
- عشق انا
- انت ايه يا عّمر قلبك ده ايه حجر و هان عليك تعمل فيا كده كان ممكن أسامحك فى كل حاجه خدتها الا دا و عشان متظلمش ثانى داده محكتش ليا اى حاجه انا كنت هناك يا عمر ملقتش مكان ثانى اروحله بعد ما اتبهدلت فى الشوارع و كنت هاضيع رجليا خدونى لحد هناك و داده عطفت عليا و دخلتنى سرقه لانه مَش من حقى خلاص أكون هناك فى بيتى ايوه انا كنت هناك يا عمر ورا الباب المقفول و سمعت كل حاجه انا كنت باتحرق و انا سامعاكم و مَش قادره اعمل اى حاجه مجبوره انى اسكت منطقتش بكلمه و انتم بتقتلونى و تدفنونى بالحيا و تورثونى فى بيتى و بيت ابويا .
- كفايه يا عشق ارجوكى كفايه
- ليه مَش قادر بس تسمع طيب وانا اللى عشت دا كله مَش من حقى انطق ولا اتكلم و لا أقول اه
- عشق انا عمرى ما هاسامح نفسى على اللى عملته فيكى ابدا لو كنت اقدر كنت ارجع كل حاجه زى ما كانت بس فى حاجات مَش ممكن ترجع ابدا انا دلوقت بس فهمت انى لازم اخرج من حياتك و ابعد عشان تقدرى تعيشى و تحاولى تنسى و تبداى من جديد الأوراق كلها قدامك و متسجله فى الشهر العقارى يمكن ضميرى صحى بس متاخر لكن انا رجعت الحق لاصحابه و رديت الامانه . انا فهمت عّم سعيد على كل حاجه و هو هيتولى الاراده فى الفتره دى و يمشى الشغل لحد ما تقدرى ترجعى و تقفى على رجليكً ثانى. خدى بالك من نفسك و من ولادنا ربيهم و علميهم معنى الحب و خصوصا عشق الصغيره متخليش تجربه واحده بس تاثر عليكى و تغيرك اشوف وشك بخير يا عشق و ابقىً تسمحيلى اطمن عليكى و على ولادنا من بعيد لبعيد و ارجوكى متاخذنيش اهلى بذنبى لأنهم بيحبوكى جدا و انتى عارفه كويس انك عندهم زى هدى بالضبط و الولاد هما النور اللى بيشوفوا بيه سامحينى يا عشق انى مقدرتش أسعدك .
تركها و خرج صامته لا تقدر على الكلام كان هناك صراع بين عقلها و قلبها فالعقل يخبرها ان تتريث و لا تثق به مهما فعل فيكفيها ما عانت معه و منه و القلب يشتاق الى ذلك الحبيب القاسى حتى و ان أنكرت له ذلك او أكدت انه قد خرج من حياتها فعشقه فى قلبها لن يخرج الا بطلوع الروح من الجسد هل كان صادقا و لكن تلك الأوراق تثبت صدقه فى الحديث لقد رد كل ما حصل عليه منها حتى الأرباح التى حققها فى ألفتره السابقه مازالت موجوده لم يحصل منها على شىء هل هو نادم حقا ام ان وراءه هدف اخر لم تدركه بعد تساقطت دموعها بحرقه و قلبها يتالم فى صمت لتدخل داده عليه و ترى حالها و ما هى فيه
- مشى يا بنتى
- ايوه يا داده
- طيب بيتعيطًى ليه دلوقت
- مَش عارفه حاسه انى مخنوقه يا داده
- ليه عشان سابك و مشى
- لا انا مَش عايزاه ثانى اصلاً
- طيب ليه زعلانه بقى يا بنتى اذا كنت كرهتيه أنسيه
- أنساه ازاى يا دا ه و كل حاجه بتفكرنى بيه البيت الشغل. حتى ولاده
- لا يا عشق انتى بنتى و انا اللى مربياكى و أعرفك كويس اوى الحاله اللى انتى فيها دلوقت بعدما مَشى ملهاش الا تفسير واحد يا بنتى انتى لِسَّه بتحبيه بس بتعاندى نفسك .لترتمى فى أحضانها عاجزه عن الكلام لتبكى بحرقه فتحتضنها عليه قائله
- طيب طالما لِسَّه بتحبيه و عايزاه سامحيه يا بنتى اللى بيحب بيسامح
- مقدرش يا داده انا خايفه منه بعد كل اللى عمله فيا و عمرى ما هاقدر اثق فيه ثانى ابدا و عمر ما فيه حياه بتبتدى مع انسان خايف او قلقان مستحيل
- حتى بعد اللى عمله دلوقت
- معرفش يا داده بقى عقلى بيقولى ماانخدعش ثانى بكلامه بسهوله كده
-طيب و قلبك قالك ايه ؟
- قلبى ده هو سبب عذابى يا داده ملكه هو و بس مهما عمل او بيعمل فيا حتى بعد كل اللى حصل و اللى سمعته بينه و بينها لِسَّه مَش قادر يكرهه مهما قلت له او عملت
- طيب خلاص يا بنتى طالما بتحبيه ارجعيله
- و كرامتى يا داده دا كان بيحب واحده ثانيه و انا مفرقتش معاه انتى فاكرانى ايه بالضبط ؟
- مفيش يا بنتى فى الحب كرامه الحب تضحيه و انتى عارفه ده كويس يا عشق بس بتقاوحى و بعدين بينكم ولاد و حياه
- مَش هاقدر ارجعله عشان خاطر ولادى بس يا داده انا عاهدت نفسى بكده لازم أكون مهمه فى حياه الانسان اللى بحبه لا لازم أكون انا اهم حاجه فى حياته بغض النظر عن كل حاجه
- تعبت معاكى يا عشق بطلى عياط طيب قوليلى هتعملى ايه دلوقت؟
هنلم هدومنا و نرجع بيتنا يا داده بيتى وبيت ابويا وبيت حمزه و عشق دلوقت .
